تكبير الخط تصغير الخط

أنظر إلى نقاشات جمهور كرة القدم (الأهلي والزمالك) ونقاشات جمهور الفن والدراما والسينما ونقاشات أصحاب الديانات المختلفة والاتجاهات الفكرية والسياسية المتباينة وانظر إلى طريقة تعاطي الناس مع الكرة والفن والفكر والسياسة وأنت تدرك بوضوح أن  أخطر الجرائم التي تم ارتكابها في حق هذا الوطن منذ عشرات السنين وما زالت مستمرة وطاغية إلى اليوم هي الجرائم التي لا تملك حيالها دليلًا جنائيا واحدًا ولا تملك لها مستندًا أو دليل .. جرائم أخطر مما فعله الأعداء والغزاة ... ليست السرقة ولا القتل ولا التزوير ولا التهريب ولا الخيانة ولا الفساد ... بل انهيار القيم وتسفيه المبادئ وتزييف الوعي واقتلاع الجذور ... جرائم مثل تلميع الوضعاء وإفقار النفوس وتقنين البلطجة وصناعة نماذج بطولية من القوادين .. جرائم مثل تهميش القانون وتسليع الإعلام ومحاربة الموهوبين وتصعيد الجهلاء والتضييق على الشرفاء وطرد العلماء وتجهيل الناس ومحو التاريخ .. 

جرائم مثل السخرية من الشرف وتغليب الفهلوة واجتباء الفاشلين وتخريب التعليم ... جرائم تهدم بنيان الإنسان والأديان وتقتل الضمير مثل تحويل الشرف لسلعة تباع وتشترى واتخاذ العُهر طريقًا للوصول واتخاذ الفاسدين مَثَلًا أعلى للنجاح وتكريم اللصوص وتقدير الطغاة وتركيع الرجال وتسليم المناصب لأكثرهم قدرة على تخريب الوطن .. جرائم تغتال الماضي والحاضر والمستقبل كطمس التاريخ وتبرير التفريط في الأرض وبيع آثار الأجداد وتشويه العظماء وتسفيه القيمة والجودة وتعظيم السفه وانتشاره وفتح المجال ليسود الضعف والرخص والابتذال في جميع مناحي الحياة ...