عبدالعظيم حماد يكتب : الذوق ليس في الكتب

profile
عبدالعظيم حماد كاتب صحفي
  • clock 27 يونيو 2021, 1:04:26 ص
  • eye 2881
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

هذا القول المأثور هو لأستاذنا الكبير جدا الراحل أحمد بهاء الدين     وهو كان يقصد الذوق الفني والجمالي  كما كان يقصد  قواعد اللياقة الاجتماعية في التعامل والتخاطب ومجمل السلوك في المجال العام 

لعلي أضيف اليه  أن الذوق ليس أيضا في القانون  ولكنه في العرف  

ثلاث وقائع مررت بها اليوم  تكشف عمق واتساع كارثة تردي اللياقة الاجتماعية الي حد الوقاحة  أبدأها من أعلي السلم  الثقافي  فقد دخلت إحدي الصيدليات وفيما كانت إحدي الفتاتين اللتين تديران الصيدلية تحضر لي الدواء المطلوب  دخل مشتر آخر فوق الخمسين من العمر  حسن المظهر والكلام  وطلب الدواء الذي يريده من الفتاة الواقفة علي الكاونتر  فطلبته بدورها من زميلتها  التي كانت تحضر لي طلبي بما  أنها أمام أدراج حفظ الأدوية  وكانت هذه الأخيرة  قد استخرجت دوائي  فجاءت به  ورمته تقريبا علي الكاونتر  ثم سألت زميلتها بصوت سمعته أنا  (والتاني عاوز إيه )

كان المشتر الثاني بعيد نسبيا فلم يسمع ماقيل  ثم أخذ دواءه وانصرف بينما تعمدت أنا الانتظار حتي انصرافه   ثم ناديت علي الفتاة الثانية  وتعمدت أن أكون في منتهي الذوق  في الحديث اليها رغم انها اصغر  من ابنائي وسألتها : هو حضرتك  خريجة صيدلة أم  عاملة مبيعات صيدلية مدربة ؟ فأجابت إنها خريجة صيدلة  فقلت لها اذن هل يصح ان تقولي عن رجل في سن ابيكي  جاء ليشتري منكم  والتاني عاوز إيه ؟ أليس الأليق والطبيعي  ان تقولي والأستاذ الثاني  عاوز ايه ؟ 

ما خفف الموقف نسبيا  أنها  اعترفت بالخطأ واعتذرت  

لكن هذا لم يحدث في الواقعة الثانية وكانت في متجر للملابس القطنية   فقد طلبت مقاسا أكبر فنادت البائعة  زميلها بنفاد صبر أو بشئ من الضيق  قائلة  هات له يا سيدي مقاسا أكبر  فقلت لها كان يمكن ان تقولي هات مقاسا أكبر بدون (له) أو هات للاستاذ مقاسا أكبر   فهذا هو الأليق في التعامل بين البائع والزبون   فردت قائلة وفيها ايه يعني لما قلت هات له  

كان المنطقي أن ادرك انه لا فائدة من استمرار الحديث  فتركتها وانصرفت 

الواقعة الثالثة  جرت علي الطريق الدائري  حيث  سار  قائد سيارة ملاكي مرسيدس حديثة و سائق سيارة ميكروباص أجرة لمدة طويلة ببطء متجاورين يتشاجران او  يتحاوران  لأني لم أتمكن من رؤية حركة الأيدي 

مفهوم أن القانون قد ينطبق علي هذه الواقعة  الأخيرة   ولكن الذوق فيها هو الأوْلي والاهم لان عين القانون بفرض أنها حقا ساهرة  لن تري كل صغيرة وكبيرة علي الطرق 

أعلم أنه يحدث في كل يوم وفِي كل مكان ماهو أدهي وأمر   ولكن  لا مانع من التنفيس   من باب  أن نعزي بعضنا البعض في ضياع أو تضييع أبسط شروط التحضر والذوق

التعليقات (0)