عصام أبوبكر يكتب: مجازر الاحتلال وتكرار سيناريو 48

profile
عصام أبوبكر كاتب مصري
  • clock 2 ديسمبر 2024, 2:04:55 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قالت وزارة الصحة في غزة إن العدو ارتكب 9 مجازر ضد العائلات، وصل منها إلى المستشفيات 170 شهيدًا و2555 مصابًا خلال الـ48 ساعة الماضية، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم. 

كما أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية الجمعة بسقوط أكثر من 75 قتيلاً ومفقودًا في «مجزرة» جديدة للجيش الإسرائيلي في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الليلة الماضية.

وأشارت إلى ارتفاع حصيلة العدوان إلى 44363 شهيدًا و104473 مصابًا منذ السابع من أكتوبر 2023.

وتفاجئنا يوميًا وكالات الأنباء بكم المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة دون رادع أو وازع من ضمير، في ظل صمت دولي وتخاذل عربي مهين. وأعتقد أن التاريخ يعيد نفسه؛ فقوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب يوميًا مجازر مروعة يندي لها جبين الإنسانية، باستهداف مراكز الإيواء التي تؤوي نازحين لا ملجأ لهم ولا مكان بعد أن قامت قوات الاحتلال بهدم بيوتهم. وتُسفر هذه المجازر عن استشهاد العشرات يوميًا وإصابة المئات بجروح موغلة، مما يزيد في سفك الدم الفلسطيني المظلوم، تحت مرأى ومسمع العالم أجمع الذي لا يحرك ساكنًا، والذي يتحمل المسؤولية الأخلاقية والمعنوية عن الجرائم والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني.

إن المجازر التي أقدمت عليها حكومة الاحتلال تؤكد أنها ماضية في حرب الإبادة التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني، وأن خيارها الحقيقي هو القتل وارتكاب المجازر، غير آبهة بالمناشدات الدولية.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، إن أكثر من نصف المدارس المستخدمة لإيواء النازحين في غزة تعرضت للقصف. وهي رسالة رعب وإرهاب مخضبة بالدماء للشعب الفلسطيني في غزة، فحواها أنه لا مكان آمن لأي فلسطيني في غزة وأن مصيركم إما التهجير أو القتل، وهو تكرار لسيناريو نكبة 48 وهدفها دفع الفلسطينيين إلى التهجير.

إن جيش الاحتلال للأسف مستمر في قتل الأطفال والنساء والشيوخ داخل مراكز الإيواء التي ادعى الاحتلال أنها أماكن آمنة، دون أدنى أخلاق أو معايير، وقد تجاوز كل الخطوط الحمراء بارتكابه جرائم حرب غير مسبوقة، يرتكبها جيش مدجج بكل أشكال العنصرية والكراهية والفاشية، ومتحرر من أي قيد أخلاقي. ودون رادع حقيقي سواء من الولايات المتحدة أو حتى من الدول العربية التي للأسف وقفت موقف المتفرج، مما شجع الاحتلال على ارتكاب هذه المجازر والحماقات لأنه أمن العقاب. وإسرائيل إذا أمنت العقاب، تجاوزت كل الخطوط الحمراء دون أدنى رادع أخلاقي. يأتي هذا في الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال تبرير قصفه لهذه المدرسة بادعاءات كاذبة بأن المدرسة كانت مكانًا عسكريًا يأوي عسكريين من حماس، ورغم نفي حماس لهذه المزاعم الكاذبة التي صنعها الاحتلال، وأن هذه المزاعم لا تعدو كونها محاولة صهيونية لتبرير جرائمه ضد المدنيين الأبرياء، فالاحتلال يمارس دوماً الكذب للتغطية على جرائمه البشعة.

إن هذه المجازر الكبيرة ما كانت لتحدث لولا الغطاء السياسي والدعم العسكري السافر من الإدارة الأمريكية، التي منحت الضوء الأخضر لهذا الكيان المجرم ليواصل حرب إبادته على الشعب الفلسطيني الأعزل، في ظل صمت دولي وعربي مخزٍ. 

حقيقةً وكأن ما يحدث في فلسطين لا علاقة له بالعالم وكأن الفلسطينيين ليسوا بشرًا، ولكن كما وصفهم وزير دفاع الاحتلال بأنهم "حيوانات بشرية". وفي الوقت الذي تمارس فيه آلة العدو الوحشية المجازر تلو المجازر بحق الشعب الفلسطيني، نجد أن الإدارة الأمريكية ماضية في غيها وفي دعمها اللامتناهي لإسرائيل، بإفراجها عن مليارات الدولارات لصالح الكيان الصهيوني ليتمكن من شراء أسلحة ومعدات عسكرية يقتل بها الشعب الفلسطيني. ويكشف من جديد حقيقة التواطؤ الأمريكي الذي لا يكتفي بالصمت، بل إنه شريك مباشر حيث يسهم مباشرة في مواصلة هذه المجزرة البشرية التي ليس لها نظير. وفي الوقت نفسه، تسعى الإدارة الأمريكية بسياساتها هذه التي لا تعمل على إنهاء العدوان، بل تسعى لتخدير العالم بخطابات زائفة ومفاوضات بالية تدعي فيها كذبًا الحرص على وقف الحرب، بينما تغذي آلة القتل الصهيونية، كما تؤكد أنها شريك رئيسي في هذه الحرب المدمرة.

وعلى الرغم من فظاعة هذه المجازر، لكنها مؤشر لنهاية الحرب في غزة. فمجزرة "بيت لاهيا" الاستفزازية، وقبلها الكثير الكثير من المجازر، هي جريمة حرب كاملة الأركان بحق مدنيين عزل ونازحين، لكنها تؤكد على قرب نهاية الحرب في غزة، وأن ما يفعله جيش الاحتلال الآن هو عمل ضربات مرعبة في نهاية الحرب لإحداث نوع من الصدمة والرعب لدى الفلسطينيين، وإرسال رسالة مخضبة بالدماء لهم مفادها أنه لا مكان آمن لكم في غزة وأن مصيركم إما القتل أو التهجير، لدفعهم إلى التهجير القسري أو الطوعي وترك أرضهم وبيوتهم، وهو نفس سيناريو 48 عندما ارتكبت إسرائيل مجزرة "صابرا وشاتيلا" لإحداث الصدمة والرعب لدى الفلسطينيين، مما اضطرهم إلى التهجير وترك أراضيهم وبيوتهم فيما سُمي بنكبة 48. لكنني أتمنا أن يكون الفلسطينيون قد وعوا الدرس هذه المرة، ولن يكرروا أخطاء الماضي، وسيظلوا متمسكين بأرضهم وبيوتهم، وأن لا يتركوها حتى لا تنتهي القضية الفلسطينية، وهو الهدف من الحرب على غزة، وهو إنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد بعد تهجير سكانها وإنهاء إقامة دولة فلسطينية، لأنه لا دولة بدون شعب.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)