- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عماد توفيق عفانة يكتب: افلاس "أونروا" .... محنة أم منحة للاجئين الفلسطينيين
عماد توفيق عفانة يكتب: افلاس "أونروا" .... محنة أم منحة للاجئين الفلسطينيين
- 7 يونيو 2023, 9:59:39 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أعلنت "أونروا " أن الدول الأعضاء بمؤتمر المانحين لدعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الذي انعقد الجمعة الماضي في نيويورك، تعهدت مجتمعة بتقديم مبلغ 812.3 مليون دولار فقط، منها 107.2 ملايين دولار مساهمات جديدة، أما باقي التعهدات فهي إما قديمة أو متعددة السنوات والفترات.
وحسب تصريحات الناطق باسم الأونروا عدنان أبو حسنة فان جميع الأموال التي تم جمعها خلال مؤتمر المانحين ا ستذهب إلى نداءات الأونروا التالية:
- ميزانية البرنامج: 53 مليون دولار.
- نداء الطوارئ الأراضي الفلسطينية المحتلة: 32.2 مليون دولار.
- نداء الطوارئ أزمة سورية: 12.9 مليون دولار.
- النداء العاجل لزلزال سورية: 2.1 مليون دولار.
- مشاريع: 7 ملايين دولار.
ويضيف أبو حسنة أن الميزانية المنتظمة للأونروا هي 840 مليون دولار أميركي، حصلت الوكالة منذ بداية العام على نصف هذا المبلغ فقط، الأمر الذي سيتسبب بأزمات كبرى بحلول شهر سبتمبر المقبل، ما لم يتم تأمين الأموال من أجل فتح المدارس وتقديم الخدمات ودفع الرواتب.
*خلفيات الأزمة المالية:*
ارجع أبو حسنة أسباب الأزمة إلى توجيه الدعم الدولي نحو مناطق صراع وأزمات أخرى في العالم، مثل أوكرانيا والسودان وغيرها، ما حدا ببعض الدول المانحة ابلاغ المؤسسة الأممية باحتمال تخفيض المساعدات لهذا العام، إلى جانب تراجع الدعم العربي المقدم بنسبة 90%.
موضحا أن الدول العربية دفعت 3% فقط من ميزانية الأونروا، علما أن الدول العربية قدمت ما قيمته 200 مليون دولار خلال عام 2018، إلا هذا المبلغ تراجع لأسباب غير معلومة ليصل إلى نحو 20 مليون دولار منذ يناير/ كانون الثاني عام 2021.
ناهيك عن أن الموازنة المقدمة للأونروا لم يطرأ عليها أية زيادة منذ عام 2012، لتتناسب والزيادة الطبيعية في أعداد اللاجئين الفلسطينيين، وتنامي احتياجاتهم بوتيرة متسارعة، وزيادة الإقبال على الخدمات المقدمة لهم، في ظل تفشي البطالة واستفحال الفقر في صفوف اللاجئين الذين يعانون من أوضاع اقتصادية غاية في الصعوبة، ما فاقم من الأزمة المالية التي تعصف بالوكالة الأممية خلال السنوات الأخيرة يقول أبو حسنة.
*احتياجات الأونروا:*
تحتاج أونروا نحو 1.4 مليار دولار لتغطية العجز الحاصل في موازنتها الدائمة أو المنتظمة، ومن أجل الاستمرار في تقديم الخدمات وفتح أكثر من 700 مدرسة أمام الطلبة و140 عيادة صحية تتبع للوكالة الدولية تخدم نحو ستة ملايين لاجئ مسجلين لدى الأونروا، في مناطق عملياتها الخمس، لبنان وسورية والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.
فيما تعمل الوكالة الدولية الان بعجز يقارب 75 مليون دولار، وهو ما من شأنه أن يشكل ضررًا بقدرة اللاجئين الفلسطينيين على الحياة.
*خيبة أمل:*
لم تجد تحذيرات أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة التي أطلقها خلال كلمته على هامش اجتماع لجنة الجمعية العامة المخصصة لإعلان التبرعات "للأونروا" الذي انعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، الجمعة الماضي، آذانا صاغية، وكأن لسان المانحين يقول "دعوا أونروا تنهار".
*فيتو أمريكي:*
ورغم تأكيدات المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني، غير مرة أن حل المشكلة المالية المزمنة التي تواجه أونروا يتطلب إرادة سياسية ليُضاهي دعم الجهات المختلفة لمهمة "الأونروا" ما توفره لها من موارد.
الأمر يمكن تفسيره بضرورة رفع الفيتو الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على تأمين تمويل كافي للأونروا، في محاولة منها لإبقاء أونروا تحت سيف الابتزاز والهيمنة الامريكية، خاصة إذا علمنا ان الأونروا قامت وبقرار انفرادي بتجديد توقيع اتفاق الإطار مع الولايات المتحدة، الأمر الذي يضع الأونروا تحت وطأة الاشتراطات التي تنال من انحيازها للاجئين التي ما أقيمت إلا لخدمتهم واغاثتهم.
وكانت أونروا والى جانبها أصوات كثير من المؤيدين والمهتمين بقضية اللاجئين الفلسطينيين، طالبوا بإدراج موازنة الأونروا ضمن الموازنة العامة للأمم المتحدة، لإعفائها من ابتزاز واشتراطات الدول المانحة، وكي يكون لها تمويل كافي اعتبارا من سبتمبر المقبل لمواصلة تقديم الخدمات الحيوية والأساسية لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، إلا أن الفيتو الأمريكي يقف لهم بالمرصاد.
*مبالغ تافهة وابتزاز سياسي*
بمقياس إمكانات وقدرات الدول، يعتبر المبلغ الكفيل بإخراج الأونروا من أزمتها المالية المزمنة، والمقدر بـ 1.4 مليار دولار فقط، يعتبر مبلغا تافها، في الوقت الذي تخصص فيه الدول المانحة المليارات من الدولارات لدعم استمرار الحرب في أوكرانيا على سبيل المثال.
ومن المستغرب استمرار صمت جموع اللاجئين عن المساس بالخدمات الأساسية المقدمة في قطاعات الصحة والتعليم وبرنامج الإغاثة المتمثلة في المساعدات الغذائية، ما ينعكس بالسلب على مجتمع اللاجئين، الأمر الذي يستلزم ردة فعل مخالفة.
إلا أن هناك من يرجع هذا الصمت الى اعتياد اللاجئين على تكرار الازمات المالية التي تمر بها الاونروا، والتي تأكل بشكل مستمر من رصيد الخدمات الأساسية المقدمة لهم.
*من المحنة الى المنحة:*
يمثل النداء الذي أطلقته الأونروا لجمع 1.6 مليار دولار من أجل برامجها وعملياتها واستجابتها الطارئة في سورية ولبنان والضفة الغربية التي تشمل القدس الشرقية وقطاع غزة والأردن، تعبيراً عن عمق المحنة التي تمر بها الأونروا، والتي تنعكس سلبا على وافع ملايين اللاجئين المنتشرين على بقعة جغرافية ملتهبة.
ومنطق الأحداث يقول ان تأثير نقص التمويل على جودة وكمية خدمات الأونروا للاجئين الفلسطينيين، ينبغي أن يكون كفيل بإعادة بوصلة اللاجئين نحو اتجاهها الحقيقي.
وأن تتحول محنة الأونروا الى منحة لمجتمع اللاجئين، لجهة رفع الصوت للمطالبة بتنفيذ القرارات الأممية الني تكفل لهم حق العودة والتعويض.
ا*لأونروا مؤسسة مؤقتة وليست قدر اللاجئين*
تعتبر الأونروا منظمة أممية عتيقة، أقيمت كمؤسسة مؤقتة عام 1949، وينتهي عملها بعودة اللاجئين الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها.
وما دامت دول العالم والأمم المتحدة باتت عاجزة عن توفير مبلغ تافه لتمويل عمليات الأونروا، فانه لا مندوحة عن اللجوء الى الخيار الأصلي، وهو المطالبة بعودة اللاجئين الى بياراتهم الغناء، وبساتينهم الجميلة، وبيوتهم العامرة، التي سلبت منهم بقوة الحديد والنار، وبدعم وتواطؤ الأمم المتحدة ودولها التي تسمي نفسها العالم الحر.
آن لمحنة اللاجئين الفلسطينيين التي باتت أطول أزمة لجوء في العالم أن تنتهي، كما أن لملايين اللاجئين الكف عن المراهنة على الوهم، فلن تقوم الأمم المتحدة ودولها بإعادة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وبيوتهم ولو بعد مائة عام أخرى.
ما يفرض على جموع اللاجئين أخذ زمام المبادرة، والعمل على تنظيم أنفسهم بشكل أفضل وأقوى، لجهة البدء بمسيرة العودة، وفرض الوقائع على الأرض، فالعالم لا يحترم إلا الأقوياء.