- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
عماد توفيق عفانة يكتب:الفلسطينيون في مواجهة تطهير عرقي ... أم فصل عنصري
عماد توفيق عفانة يكتب:الفلسطينيون في مواجهة تطهير عرقي ... أم فصل عنصري
- 24 يونيو 2023, 9:48:52 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعرف الخبراء التطهير العرقي بانه محاولة خلق حيز جغرافي متجانس عرقيا بإخلائه من مجموعة عرقية معينة باستخدام القوة المسلحة، أو التخويف، أو الترحيل القسري، أو الاضطهاد، أو طمس الخصوصية الثقافية واللغوية والإثنية، عبر القضاء عليها نهائيا أو تذويبها في المحيط الإثني الذي يُراد له أن يسود.
فيما يعرف الفصل العنصري بانه الأفعال اللاإنسانية ذات الطابع المماثل لغيرها من الجرائم ضد الإنسانية «التي ارتكبت في سياق نظام مؤسسي قائم على القمع والسيطرة بصورة منهجية من جانب جماعة عرقية واحدة على أي مجموعات أو مجموعات عنصرية أخرى وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام»
وإذا ما حاولنا اسقاط هذه التعريفات على واقع الاحداث التي يحاول العدو فرضها على الأرض في فلسطين المحتلة، نجد ان خطاب الفلسطينيين والمناصرين لحقوقهم، تقوم بتوصيف ممارسات الغزو الصهيوني في فلسطين باعتبارها أنماطا من الفصل والتمييز العنصري.
ورغم صحة وأهمية هذا التوصيف لجانب من ممارسات الغزاة وجرائمهم نجاه الفلسطينيين، إلا أن اعتباره توصيفا للحالة الاستعمارية في فلسطين أو طبيعة ما يتعرض له الفلسطينيون من الغزاة الصهاينة يشكل نوعا من الإجحاف لحقيقة كون المشروع الصهيوني مشروعا للتطهير العرقي.
فالعدو مارس ويمارس التمييز العنصري، والقتل، وكل أشكال الإبادة الجماعية، والتهجير، ومجموعه أخرى من الجرائم، كجزء من مسعاه لإنهاء وجود الفلسطينيين في أرضهم كمجتمع وشعب ذي هوية حضارية وسياسية وإنسانية، ونفي وجود هذا الشعب وطمس كل ما له علاقة بـموروثه وإنتاجه الأدبي والمعنوي.
التطهير العرقي في فلسطين لا يقتصر على كونه جريمة تاريخية، بل سياسات ممتدة ترتبط جذرياً بهوية المنظومة الاستعمارية الصهيونية، إذ قامت هذه السياسة والرؤية، بتشكيل بنية الكيان الاستعماري وأجهزته، فالحكومة أو الوزارات أو جهاز الحكم العسكري "الإسرائيلي" لم تتشكل لتدير حياة المستوطنين الغزاة والفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال، ولكن كأدوات ذات مهمات واضحة في إنهاء وجود الفلسطينيين كشعب، ومنظومة تعمل على تحويل واقع الأرض والسكان.
منظومة تهويد من جانب وتطهير عرقي من جانب آخر، فالاستيطان الصهيوني على سبيل المثال ليس مجرد محاولة من غزاة للاستيلاء على الأرض والاستفادة من مواردها على حساب السكان الأصليين، بل وأيضا وبشكل أساسي أداة لإنهاء وجود الفلسطينيين وحرمانهم من موارد العيش وطردهم وحصرهم في معازل تضيق رويداً رويدا،ً هذا بدوره ينطبق على شتى ممارسات الأذرع المختلفة للمنظومة الاستعمارية الصهيونية.
ان أهمية تناول هذه السياسات لا يقتصر على كونها موضعا للإدانة فحسب، بل ضرورة لفهم ما يتعرض له الفلسطينيون وطبيعة المنظومة التي يواجهونها والدور العميق لسياسات التطهير العرقي، والذي ينعكس على شكل المواجهة، وعلى التصورات حول بناء أدوات المواجهة، وكذلك دور عمليات الدعم للكيان الاستعماري كجزء من موارد منظومة التطهير العرقي، ولفهم السياق الذي يتم حصر التضامن مع الفلسطينيين فيه بوصفه أداة قاصرة عن إبصار أو فضح أو ردع سياسات التطهير العرقي.
*الخلاصة:*
- *مسعى إقامة "دولة لليهود" كان وما زال في التصور الصهيوني يقتضي تطهير الأرض الفلسطينية من سكانها الفلسطينيين.*
- *السياسات والمؤسسات والأجهزة والتشريعات الصهيونية بنيت لإتمام هذا التطهير، عبر أكثر من مائة عام منذ بداية المشروع الصهيوني في غزوه لفلسطين.*
- *تناول مسار التطهير العرقي في فلسطين، لا يمكن فصله عن التغطية الدولية الممنوحة لهذا المسار من خلال دعم وتسليح الكيان الصهيوني، والرؤى الدولية القائمة على تصفية الحقوق الفلسطينية والاعتراف بنتائج التطهير العرقي كأمر واقع ومكافأة الكيان الصهيوني على جرائمه في هذا المضمار.*
- *هناك ارتباط مباشر بين إنشاء الكيان الصهيوني وبين رؤية الدول الداعمة له ونظرتها للفلسطينيين، حيث وثقت هذه الدول مواقف لا تعترف بوجود الفلسطينيين، وتعمل على تمكين الصهاينة من إنهاء هذا الوجود.*
- *على الفلسطينيون إدراك محورية مسار التطهير العرقي المسلط ضدهم، لتجنب السقوط في الخلل عند تشخيصهم لواقع الصراع، ما ينعكس بدوره على أدواتهم في مواجهته، وفرصهم في النجاة من مسعى مستمر لإنهاء وجودهم الجمعي كشعب مرتبط بأرض فلسطين وذي حقوق إنسانية وسياسية ثابتة.*
- *الجنوح الفلسطيني لإسقاط مسار التطهير العرقي من الخطاب والوعي، يمثل بدوره نوعا من الخضوع لمعادلات القوة الحاكمة دوليا.*
* فالموقف الدولي بما في ذلك تلك المواقف المناصرة للفلسطينيين، تميل إلى تبني توصيف يشكل قاعدة لحل متوافق مع توازنات القوى الدولية، حل يستبقي منظومة التطهير العرقي، ويعترف بمعظم "مكتسباتها" ويعمل على تحسين وضع الفلسطينيين جزئيا من خلال التصورات حول حل التسوية مع منظومة قررت ومارست سياسات هدفت وما
تزال لإنهاء وجودهم.*
منقول بتصرف عن ورقة بحث بعنوان "التطهير العرقي في فلسطين: مسار ثابت ومشاركة دولية"