- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عماد توفيق عفانة يكتب: ماذا يحدث في مخيم عين الحلوة: المعركة من الخلف ... مخيم عين الحلوة نموذجاً
عماد توفيق عفانة يكتب: ماذا يحدث في مخيم عين الحلوة: المعركة من الخلف ... مخيم عين الحلوة نموذجاً
- 12 سبتمبر 2023, 11:36:44 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تحول مخيم عين الحلوة في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية الى ساحة حرب، قتل وأصيب خلالها العشرات، ونزح من المخيم المئات من اللاجئين، ودمرت الاشتباكات مئات المنازل والمقدرات.
من يقاتل من
الطرف الأول في القتال هو حركة فتح، أكبر حركة فلسطينية لها تواجد في لبنان عموما، وفي مخيم عين الحلوة على وجه الخصوص، وهي حركة مدججة بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وتعتمد في قتالها على قوات الامن الوطني التابعة لها.
أما الطرف الثاني فهو ما يطلق عليه اسم الشباب المسلم، وهي جماعة مسلحة تضم في صفوفها عدد من الجنسيات لبنانية سورية وفلسطينية.
أسباب القتال:
يبدو في ظاهر الامر ان أسباب القتال ثأرية بين حركة فتح وبين جماعة الشباب المسلم، حيث قتلت جماعة الشباب المسلم في أحد المناوشات السابقة أحد عناصر فتح، فقتلت فتح شقيق مسؤول جماعة الشباب المسلم، فيما رد الشباب المسلم على ذلك بقتل قائد الأمن الوطني العرموشي وأربعة من مرافقيه.
لماذا مخيم عين الحلوة:
يسكن المخيم رسمياً أكثر من 60 ألف بقليل، فيما يسكن المخيم فعلياً نحو مائة ألف فلسطيني بعد لجوء الالاف من الفلسطينيين الفارين من سورية اليه.
هذه الكثافة السكانية المدججة بالسلاح، المكدسة بالفصائل والتنظيمات والجماعات، تمثل بيئة خصبة للتوظيف والاستخدام لمن يتقن هذه اللعبة من القوى الخارجية.
فالدولة اللبنانية التي تحاصر المخيم بسبعة حواجز عسكرية لها نفوذها، فيما قوى المقاومة لها امتداداتها، وكذلك الحزب والنظام السوري والعدو الصهيوني، كل له نفوذه وتأثيره، ان لم يكن من فوق الطاولة فمن تحتها.
خاصة بعدما فقدت حركة فتح ميزة التفرد في السيطرة على المخيم، حيث بات يشاركها في المخيم عدد من الحركات الفلسطينية والجماعات المسلحة ذات الأجندات المختلفة، فتحول المخيم الى جزر عسكرية يحترم كل منها سيطرة الاخر ونفوذه.
هدف الاشتباكات:
الهدف المعلن للاشتباكات هو إصرار حركة فتح على محاسبة قتلة المسؤول الأمني لفتح «العرموشي»، والإصرار على تسليم القتلة للقضاء اللبناني، وتم التوصل بين مختلف القوى في المخيم غير مرة على تسليم القتلة، ودخلت قوى أخرى كحماس وربما الجهاد كضامنين لتسليم القتلة مقابل وقف الاشتباكات لضمان سلامة وحماية المخيم وسكانه من نار الفتنة، إلا ان الوسطاء لم يتمكنوا من ذلك.
مدى واقعية مطالب حرمة فتح
بما ان المتهم الرئيس المطلوب تسليمه هو ذاته قائد جماعة «الشباب المسلم» فانه من غير الواقعي ان تقبل جماعة الشباب المسلم تسليم زعيمها.
خيار الحسم العسكري
موازين القوى في المخيم تميل تسليحيا وعدديا الى حركة فتح، خاصة بعد انضمام مسلحي التيار الإصلاحي الى فتح عباس في مواجهة جماعة الشباب المسلم.
إلا أن إمكانية تحقيق حسم عسكري يفضي الى اعتقال قائد الشباب المسلم، لا يبدو أنه ممكن لما له من تكاليف ومخاطر لن يقبل أحد بها لا فلسطينيا ولا لبنانياً.
حالة استعصاء:
يبدو أن الأمور وصلت في المخيم الى حال من الاستعصاء إثر تمسك كل بموقفه، الأمر الذي ينذر ببساطة باستمرار الاشتباكات وتواصلها بشكل ربما ينتج أخطاراً على الشعب الفلسطيني كما على الواقع اللبناني على حد سواء.
المعركة من الخلف:
وهنا وصلنا الى بيت القصيد، وهو تحقيق اهداف العدو من اشعال مخيم عين الحلوة عبر ادواته وامتداداته الاستخبارية، خاصة بعد اثارة موضوع زيارة عراب التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج للبنان، والتي يربطها البعض بأحداث مخيم عين الحلوة، خاصة وان النيران اشتعلت في المخيم في اعقاب هذه الزيارة.
أولا: مخيم عين الحولة يعتبر أكبر المخيمات الفلسطينية سكاناً الأمر الذي يشكل بيئة خصبة لتجنيد المقاتلين من قبل قوى المقاومة، خاصة بعدما اثار العدو قضية دعم المقاومة الفلسطينية في لبنان للمقاومة في الضفة الغربية المحتلة بالسلاح وبالخبرات التدريب.
ويخدم اشعال النار في المخيم الذي يطلق عليه عاصمة الشتات، يخدم مخطط العدو بتفريغ المخيم عبر عملية النزوح، ليلتحق أكبر المخيمات الفلسطينية على حدود العودة بغيره من المخيمات الفلسطينية التي تمّ شطبها مثل مخيم تل الزعتر.
فشطب مخيم عين الحلوة يخدم بالضرورة العدو الصهيوني على طريق تصفية حالة اللجوء الفلسطيني، وتطبيق مشروع التوطين الذي يخطط له العدو في أكثر من دولة.
ثانياً: تمثل الاشتباكات في مخيم عين الحلوة واحتمال تمددها او تشعبها، لجهة توريط فصائل او جماعات أو أطراف أخرى، فلسطينية أو لبنانية، بما فيها الجيش اللبناني، هدفاً صهيونيا بامتياز، لجهة إشغال أصحاب اجندة المقاومة من الفصائل الفلسطينية في لبنان عن دعم المقاومة داخل فلسطين المحتلة، وعن تجنيد وتدريب وتأهيل مزيد من المقاتلين لجهة تكوين جبهة اسناد للمقاومة اللبنانية في اية مواجهة مقبلة مع العدو الصهيوني، تنفيذاً لاستراتيجية وحدة الساحات.
ثالثاً: بما أن مخيم عين الحلوة يقع على طريق الجنوب نحو بيروت، فان الشلل التجاري والاقتصادي الذي قد يصيب مدينة صيدا كقاعدة ارتكاز اقتصادي وتجاري لإقليم الخروب وجزين وبعض الجنوب، ربما يتسبب بقطع طريق الجنوب بيروت ذات الأهمية الاستراتيجية لأطراف معادلة القوة الاستراتيجية للبنان، جيشاً ومقاومةً وشعباً.
الخلاصة:
وعليه لا يمكن استبعاد الأصابع الصهيونية، والأهداف والاجندات الصهيونية عما يجري في مخيم عين الحلوة، الأمر الذي يدفعنا لوضع احتمال ان ما يجري في مخيم عين الحلوة هو بشكل او آخر أحد فصول المعركة من الخلف، التي يحلو للعدو شنها على خصومه بأيدي وأدوات تعفيه من خوض المعارك بشكل مباشر.