عماد توفيق عفانة يكتب: نحو دور فعال للجاليات الفلسطينيةً في الخليج لوقف قطار التطبيع

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 23 مايو 2023, 7:45:57 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في ظل الاستهداف "الإسرائيلي" بالمعنى السياسي والدبلوماسي للدول العربية خاصة في منطقة الخليج، نفتقد بشدة لوجود دور سياسي وشعبي للفلسطينيين هناك لكسر موجة التطبيع والتغلغل "الإسرائيلي".

فقد شكل الفلسطينيون في دول الخليج نخبة دينامية مثقفة ومختارة، خصوصا على الصعيد التربوي والمهارات المهنية وكذلك على صعيد الاستثمارات في أسواق الخليج.
وثمة كفاءات فلسطينية تنتشر في منطقة الخليج، وتعمل على مستوى تنموي عالي مع دول الخليج.
دون أن تجد من يبادر إلى تنسيق جهودها وتوجيهها في أطر ومؤسسات تدعم القضية الفلسطينية، وتسهم في صناعة "حالة فلسطينية" مؤثرة في المجتمع الخليجي وفي البنية السياسية والنضالية الفلسطينية.

حيث تركز العمل لسنوات مع النخب والجاليات الفلسطينية على أنها مجرد صندوق مالي او مدخل لاستثمار وجمع الأموال من الخليج، في حين تم إغفال دور العمل الشعبي وفتح آفاق لعمل مشترك مع مجتمعات الخليجز
الامر الذي خلق بدوره حالة من الانكفاء على الذات، وإن كان بصورة غير مباشرة.

فقد ارتبط وزن الجاليات الفلسطينية في الخليج العربي على المستوى الفلسطيني تاريخيا بقدرتها على حشد الدعم المالي للقضية الفلسطينية، والإسهام في بناء موقف شعبي خليجي داعم للقضية الفلسطينية، وذلك من خلال أدوار المقيمين الفلسطينيين ضمن قطاعات ومرافق أساسية في هذه البلاد أهمها قطاع التعليم، ومع ذلك ظلّت المواقف الحكومية أو الرسمية لهذه الدول ترتبط بالأساس بعوامل أخرى لم تملك الجاليات الفلسطينية تأثيرا يذكر تجاهها.

ولكن في العقد الاخير على وجه الخصوص، امست سياسات الملاحقة والتضييق على الدعم المالي الموجه للفلسطينيين -والتي تبنتها معظم حكومات دول المنطقة بضغط أمريكي، خصوصا بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر-تشكل حصارا حقيقيا على نهوض الجاليات الفلسطينية بدور الداعم المالي للنضال الفلسطيني، وإن كان يستثنى من ذلك قدرة العاملين الفلسطينيين في الخليج على تشكيل متنفس مالي لأسرهم في الأرض المحتلة ومخيمات اللجوء إلى حد ما.

كما أسهمت في تقليص هذا الدور التحولات في سياسات التشغيل في دول الخليج العربي، والتي باتت تميل إلى تقليص أجور الموظفين العرب وغيرهم وتبني إجراءات وخطط لتوطين العمل في معظم الوظائف.

جانب آخر أسهم في تقليص قدرة هذه الجاليات ووضعها تحت ضغط كبير، تمثل في مجموعة الإجراءات التي اتخذت في بعض الدول الخليجية، وعلى وجه الخصوص السعودية، والتي شملت ملاحقة ومصادرة أموال العديد من رجال الأعمال وزج بعضهم في السجون، إلى جانب حملات الاعتقال التي نفذت في السعودية ضد من اتهمتهم بالارتباط بحركة حماس.

على نحو مواز يسهم النظام السياسي الفلسطيني بتهميشه للفلسطينيين في الخارج وحرمانهم من التمثيل الوطني، واتجاهه لمزيد من التفرد، في خلق هوة كبيرة بين الفلسطينيين الموجودين في الخليج العربي وبين الحالة السياسية الفلسطينية، ما يدفع الكثير منهم نحو خيارات فردية، ذلك في ظل الضغوط المتزايدة التي يواجهونها في بعض من هذه الدول.

إجمالا يبدو أن أوضاع الجاليات الفلسطينية في الخليج العربي مقبلة على تغيرات وتحولات لن تبقيها في نطاق التشابه، وقد تزيل إمكانيات التعميم الحالي على دول الخليج العربي، فتباين سياسات حكومات الخليج تجاه العديد من قضايا المنطقة بما فيها القضية الفلسطينية وكذلك الموقف من الكيان الصهيوني، سينتج أوضاعا أكثر تعقيدا واختلافا، بحاجة للكثير من التغيير في آليات التعامل الفلسطيني معها سياسيا واجتماعيا وحتى بحثيا.

الأمر الذي يفرض على القوى الفلسطينية إعادة النظر في دور وتكوين دوائر علاقاتها الخارجية، كي لا تبقى عاجزة عن بلورة دور سياسي وشعبي للفلسطينيين في الخليج، للمساهمة في كسر موجة والتغلغل الصهيوني، ووقف قطار التطبيع مع العدو.
منقول بتصرف عن ورقة حقائق بعنوان "الوجود الفلسطيني في الخليج"

كلمات دليلية
التعليقات (0)