- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
عماد توفيق عفانة يكتب: 75 عاما على النكبة ... قضية اللاجئين أزمة تمثيل
عماد توفيق عفانة يكتب: 75 عاما على النكبة ... قضية اللاجئين أزمة تمثيل
- 16 مايو 2023, 11:13:47 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم يكن البناء السياسي الفلسطيني الحالي يحكم دولة قائمة في أي يوم عبر التاريخ، لتصلح معه المعالجات الإجرائية لتقويم اختلاله، فالعملية الانتخابية للمجلس الوطني التي يطالب بها كثير من الفلسطينيين، ليست هي العلاج السحري لتقويم البناء السياسي الفلسطيني، الذي أقيم على أسس وثوابت نضالية ثورية.
البناء السياسي الفلسطيني المرتكز على وجود مجلس وطني -لم ينتخبه أحد-تنبثق عنه لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير كأداة نضالية تربط جموع اللاجئين وترتبط بهم، وتشكل جسرهم للعودة واستعادة حقوقهم، يفرض على جموع اللاجئين الذين يمثلون اغلبية الشعب الفلسطينيين رفع أصواتهم للمطالبة بوضع منهجيات لتصحيح عملية التهجير والتشريد الصهيوني للشعب الفلسطيني، باتجاه وضع برمج حقيقية لتحقيق التحرير والعودة.
المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير بلجنتها التنفيذية، هي نتاج النظام العربي الرسمي، لتمثيل اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم أمام المجتمع الدولي، واعفاء النظام العربي الرسمي من مسؤولياته القومية أمام شعوبهم في تحرير فلسطين، كجزء لا يتجزأ من الأرض العربية ومن الوطن العربي الكبير.
هذا البناء السياسي بهذه المنهجية لم يكن يصلح يوما لإنتاج بنية تمثيل حقيقية للاجئين وقضيتهم، لان هناك فرق جوهري بين خوص الصراع من اجل الوصول الى التحرير والعودة، وبين إدارة الصراع لحرق الوقت وصولا الى تصفية القضية بالكلية.
أسقطت المؤسسة السياسية الرسمية الفلسطينية منذ توقيعها اتفاق أوسلو 1993 البرنامج التحرري الذي حمل قضية اللاجئين الفلسطينيين، في الوقت الذي لم يستشر فيه أحد جموع اللاجئين القابعين جبرا في المنافي والشتات والمخيمات داخل فلسطين وخارجها، أو يمنحهم فرصة للتعبير عن رأيهم في البرنامج الجديد الذي يتجاهل حقوقهم.
لم يعد المجلس الوطني الفلسطيني الذي لم يختاره او ينتخبه أحد، صيغه قادرة او صالحة لمثيل جموع اللاجئين، ولم يكن بقاؤه حتى اليوم إلا لخدمة قرارات وتوجهات السلطة والقيادة الفلسطينية الرسمية، التي تستدعيه في المناسبات لدعم قراراتها وتوجهاتها الانفرادية.
لم يتح للشعب الفلسطيني منذ النكبة قبل 75 عاما فرصة لاختيار او انتخاب قادة ثورته، اذ ان انتخابهم لم يكن في حينه شرطا، لأن العلاقة بين أي ثورة وبين من تمثلهم، هي علاقة غائية، يرتبط استمرار تمثيلها لهم باستمرارها العمل على تحقيق الغاية الذي انطلقت من اجلها، وهو تحقيق التحرير والعودة.
الاعتراف العربي والدولي الذي تحظى به منظمة التحرير لم يكن يوما لأنها جسم ديموقراطي او نتيجة عملية انتخابية، بل لأن منظمة التحرير الفلسطينية كانت خيارا عربيا وليس خيارا فلسطينيا صرفا، وحظيت بغطاء ودعم من معظم النظام الرسمي العربي، لأهداف ليس من بينها حقيقة تحقيق التحرير والعودة.
رغم كل ما سبق فان إصرار الفلسطينيين على اختيار المنظمة لتمثيلهم، يمكن تفسيره انه بسبب الانحياز للهوية الوطنية الفلسطينية، وتعويلا عليها لتحقيق الكيانية الفلسطينية وتجسيدها لاحقا في شكل دولة لم يحظى بها الفلسطينيون يوما عبر التاريخ.
كان هذا الانحياز للمنظمة والتعويل عليها وطنيا رغم ان الفلسطينيون لم ينتخبوها، ولم يتح لهم فرصة اختيار قيادتها التي حظيت بالشرعية الثورية من مختلف القوى الشعبية.
وبما أن المنظمة وقيادتها باتت تفتقد للشرعية الثورية منذ التزامها بشروط القوى الامبريالية في أوسلو، وهي في الأصل كانت وما زالت تفتقد للشرعية الانتخابية الديموقراطية، فان المنظمة أمست تستمد شريان بقاءها من دعم واعتراف الدول العربية والغربية بها كممثل للفلسطينيين، وليس من إرادة ورغبة عموم الشعب الفلسطيني، الذين أمسوا يختلفون مع توجهاتها ومع قراراتها التي لم تعد تصب في خانة تحصيل حقوقهم.
إذاً ومع هذه الوقائع والحقائق، من الذي بات يتحكم في مصائر الفلسطينيين؟
أليست إرادة الدول الراعية والداعمة للسلطة التي باتت المنظمة أحد مؤسساتها وليس العكس!!.
ألم تتأسس السلطة في أعقاب "اتفاق أوسلو" التي استثنت بشكل تام غالبية الفلسطينيين من حقهم حتى في اختيار ممثليهم، وحصرت حق التصويت لاختيار قيادة السلطة وحكومتها في انتخابات اقتصرت على الضفة غزة!!.
أليست هذه الدول الراعية والداعمة للسلطة، خاضعة لشروط الاحتلال ومتطلباته الأمنية والسياسية في هذا الدعم وفي هذه الرعاية!!.
أليست شروط الاحتلال السياسية والأمنية تتعارض وبشكل مطلق مع حقوق الفلسطينيين!!.
وعليه يمكن فهم صمت المنظمة امام تمزيق تجمعات اللاجئين الفلسطينيين ومخيماتهم في دول الطوق، كما يمكن فهم تخاذل المنظمة امام عمليات التهجر وتجريف الوجود الفلسطيني في الشتات.
ويمكن كذلك فهم أسباب تفكيك مؤسسات منظمة التحرير خارج فلسطين المحتلة، وانفصال النظام السياسي الجديد –السلطة-عن اللاجئين في المخيمات والشتات جغرافيا وسياسيا وبرامجيا.
ومع كل هذه الحقائق كيف يمكن للبنية الحالية للنظام السياسي الفلسطيني الذي تمثله المنظمة والسلطة، ان تدعي تمثيل إرادة الشعب الفلسطيني القابع أغلبه في المنافي والشتات.
في الوقت الذي شطبت فيه السلطة والمنظمة فلسطينيو الداخل المحتل عام 1948، من التزاماتها السياسية.
أمسي ملايين اللاجئين المنتشرين في اصقاع الأرض بحاجة ماسة الى منظومة سياسية جديدة قادرة على إعادة وضع قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى أرضهم المسلوبة في رأس سلم الأولويات.
منظومة سياسية تنهي سياسة تهميشهم وإقصاءهم، وتعلي صوتهم وتعمل على تمكينهم في تقرير مصيرهم وممارستهم حقهم في الفعل السياسي والنضالي من خلال تمثيلهم الوطني.
منظومة سياسية تعمل على إعادة دمج الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة عام 1948 مع جموع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين خارج الضفة وقطاع غزة في بنيتها السياسية، وتعظم فرصهم في المشاركة والتأثير.
منظومة سياسية تعيد الاعتبار للبرنامج الوطني التحرري الذي أوشك أن يصل إلى نهايته