- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عود على بدء: خصوصية المفردة القرآنية - ٢
عود على بدء: خصوصية المفردة القرآنية - ٢
- 15 مارس 2024, 2:17:41 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بقلم: د.رعد هادي جبارة☆
جمالية المفردة القرآنية وخصوصيتها تناولنا جانباً منها في مقالنا السابق ولم نكمل الحديث عنها لئلا يطول المقال والمقام أمام القارئ.
ونحاول الآن أن نتعرف أكثر على ذلك، حيث إن الآيات الكريمة ابتداءً من سورة الفاتحة والبقرة وحتى سورة الناس تلفت نظر القارئ إلى عشرات بل مئات الظواهر الطبيعية وعشرات الحيوانات والنباتات والتضاريس والأنواء الجوية والأمثلة الحية والسلوكيات المختلفة، لكي تتمكن من تسليط الضوء على أنماط الحياة الملموسة والمرئية، علّها تكون عبرة للإنسان وتحمله على التفكر في عظمة خالقه وقدرته ونعمه الكثيرة على البشرية، وتجعل البشر يفكر في مصيره الأخروي.
وفي هذا الصدد نجد العديد من الآيات التي تثير في نفس الإنسان وتستحثه عقله على الاعتبار والانتصار على الشيطان وتقويم السلوك والتمسك بالتقوى وعمل الخيرات والطاعات في دنياه كي يجني نتائجها وثمارها في الآخرة.
لنقرأ معا في سورة النبأ:
[عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15)].
كل ذلك مقدمة لكي يصل النص القرآني إلى النتيجة الحتمية وهي:
[يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) ]
ثم يقول:
[وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29)] لنعرضه عليك يوم الحساب.
وعندما نلقي النظر ونتأمل ونتدبر في سورة النازعات، نجد القرآن يعرض جانبا من التضاريس الأرضية والمراعي والمخلوقات ومظاهر الطقس وتعاقب الليل والنهار والأمطار لكي يستحث العقل البشري على معرفة الحق والحقيقة والعودة إلى جادة الصواب والسلوك القويم فيقول:
[ أَ أَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33) ]
كل ذلك لكي يصل إلى نتيجة مهمة خلاصتها ردع الانسان عن التجبر ومنعه من الطغيان والتمرد والاستكبار وظلم الناس.
لنقرأ معا:
[يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَىٰ (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ (36) فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ (41)] النازعات
كثير من المسلمين لا يعيرون المظاهر المادية والظواهر الطبيعية والكوارث الأرضية اهتماما يُذكر بحجة أنها مجرد أمور زائلة وعابرة وظواهر لا أهمية لها، بينما القرآن يركز عليها ويلفت نظر الإنسان إليها باعتبارها محل تفكر ومصدر عبرة ومقدمة لازمة ومنطلقاً للحياة الأخروية، وينطلق الأسلوب القرآني من الحسي والملموس والمرئي والمحسوس للوصول الى الغيب والمعنويات ويقوّم بذلك السلوكيات.
■النتيجة:
[إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ (26)] النازعات.
☆الأمين العام للمجمع القرآني الدولي