كمال يونس يكتب: موقف الصوفية من الإمام محمد بن عبدالوهاب (1)

profile
كمال يونس سياسي مصري وباحث إسلامي
  • clock 25 سبتمبر 2024, 5:57:06 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يقف كل أهل التصوف من الإمام ابن تيمية وتلميذه الإمام محمد بن عبد الوهاب، ومن هم على منهجهم، موقفا عدائيا وصل إلى حد البغض والكراهية والسب. حتى إذا ما ناقشت أحدا منهم في أمور العقيدة بادرك قائلا: "إنك وهابي".. أو "سلفي".. أو "إرهابي"!

فمن هو الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-؟

هو محمد بن عبد الوهاب بن سلمان بن علي بن محمد بن راشد بن بريد بن مشرف النجدي التميمي، ولد عام 1115 هجريا، 1703 م، في بيت علم، حيث كان والده من علماء المسلمين، وتولى القضاء في عدة جهات، حيث كان جده الشيخ سليمان عالما جليلا وإماما في الفقه ومفتيا للبلاد في وقته، وقد تخرج على يديه عدد كبير من العلماء والفقهاء.

حفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة، ودرس عن والده الفقه، وكان كثير القراءة في الكتب مثل كتب التفسير والحديث وعلم الأصول وعني عناية خاصة بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب العلامة ابن القيم -رحمهما الله- حيث كان لهذين الإمامين أكبر الأثر في تكوين شخصيته العلمية المتميزة.

وقد رحل محمد بن عبد الوهاب إلى عدة بلاد طلبا للعلم منها البصرة ومكة والمدينة وبلاد الشام، فأخذ عن علمائها صحيح العلم والدين.

حال المسلمين عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

ذكر المؤرخون، كـ"ابن غنام" وابن بشر وغيرهما، عن حال المسلمين في ذلك الوقت، وخاصة حال أهل نجد، الشيئ الكثير من ظهور البدع والخرافات والشركيات والجهل بصحيح الدين حيث كانت القبور والأحجار والمغارات تعبد من دون الله تعالى بأنواع من القربات والنذور!

يقول الإمام الشوكاني، وهو من المعاصرين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، في وصف ما كان يفعل عند القبور من الشرك: "وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الاسلام، منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام وعظم ذلك، فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر، فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج، وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال، وتمسحوا بها، واستغاثوا، وبالجملة أنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه، فإنا لله وإنا إليه راجعون".

ولعل هذا الذي ذكره الإمام الشوكاني هو ما يحدث الآن في كل بلاد العرب، وخاصة مصر. وزاد الأمر بعد دخول الفاطميين الشيعة لمصر، وتحولت هذه العادات إلى عبادات، بل والأدهي من ذلك أصبح تعظيم الولي وشيخ الطريقة يفوق تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- فرأينا في مصر في الفترة الأخيرة العديد ممن يدعون الولاية، ووجدنا العديد من الناس يتبعون هؤلاء ويعظمونم ويتقربون إليهم بالأموال. ومعظم هؤلاء الأتباع من العوام ومن الجهال بدينهم، فمنهم الفنانون والفنانات، والممثلون والممثلات وبعض الكتاب الذين لا يعلمون من الإسلام إلا اسمه.

والغريب أن الكثيرين من هؤلاء الأتباع لا يصلون ولا يصومون، وقد رأيت ذلك بعيني!!

لهذا، كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- منكرة لهذا الشرك وداعية الناس إلى التوحيد، ناهية الناس عن هذه البدع والخرافات وأمور الشعوذة والدجل، والتبرك بأصحاب القبور والأضرحة وإقامة الموالد، وطلب العون والغوث والمدد من غير الله تعالى.

وبيّن -رحمه الله- أن زيارة القبور للصالحين والمسلمين عموما سنة وقربة، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بزيارة القبور وحث عليها وأخبر إنها تذكر بالآخرة وتزهد في الدنيا وتذكر بالموت، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة" وكان -صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، أنتم السابقون، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية".. متفق عليه.

وفي حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها-: "رحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين".. رواه مسلم.

فالشيخ لم ينه عن زيارة القبور اقتداءا بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما نهى عن التبرك بها والطواف حولها وتقبيل أعتابها، وبيّن أنه لا يجوز البناء على القبور ولابد أن تكون مكشوفة ليس عليها بناء أو قباب، وذكر أن هذه من البدع التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنببائهم مساجدا".. متفق عليه.

وأكد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كل كتبه أنه لا يجوز التبرك بها ولا بترابها ولا بطلب المدد من صاحبها؛ لأن المدد لا يُطلب من الميت وإنما يطلب من الله عز وجل، وطلب المدد من الموتى هو من الشرك الأكبر وعمل من أعمال الجاهلية. ولا يُطلب المدد من الميت للحي.

كما ورد أن الصحابة -رضي الله عنهم- استغاثوا بالعباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-

لكن من يدعون التصوف الآن ينكرون هذا الكلام، و يتهمون الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- بكثير من التهم سنبينها بعون الله تعالى في مقال قادم، وكيف رد عليهم رحمه الله.

إن الحقبة التي نعيشها الآن -وخاصة في مصر- ينتشر فيها هؤلاء الذين يرتزفون من هذا العمل، ولم نسمع أحدا منهم تحدث عن الجهاد ضد الكيان الصهيوني، ولا يذكرون كلمة الجهاد أبدا، رغم كل ما يحدث لإخواننا المسلمين في فلسطين وفي لبنان، وفي كل سائر بلاد المسلمين!

لله الأمر من قبل ومن بعد.
 

التعليقات (0)