- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
كيف أصبحت ألمانيا حلقة ضعف الناتو في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا؟
كيف أصبحت ألمانيا حلقة ضعف الناتو في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا؟
- 22 يناير 2022, 7:37:20 م
- 537
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن ألمانيا أصبحت حلقة تضعف الناتو في مواجهته محاولة الغزو الروسي لأوكرانيا، وذلك لتخوف برلين من قطع إمدادات الغاز لها من موسكو، حيث تعتمد عليها بشكل أساسي في استخداماتها للطاقة.
وقالت المؤرخة والصحفية الألمانية "كاتيا هوير"، في مقال بالصحيفة إن "الرئيس جو بايدن عقد مؤتمرا صحفيا، الأربعاء الماضي، وصرح بشيء كان من المفترض عدم التصريح به، وهو أن "هناك اختلافات في الناتو فيما يتعلق بما ترغب الدول في القيام به".
وأضافت أنه على الرغم من أن هذا كان خطأ دبلوماسيا فادحا من جهة الرئيس الأمريكي، وقوض الجهود المبذولة لردع نظيره الروسي "فلاديمير بوتين"، إلا أن "بايدن" كان محقا في تقييمه وخاصة فيما يتعلق بدولة واحدة وهي ألمانيا، حيث إنه لا يمكن الاعتماد على برلين عندما يتعلق الأمر بفرض عقوبات على روسيا.
وأشارت إلى أنه بينما ترسل الولايات المتحدة وبريطانيا أسلحة دفاعية إلى أوكرانيا، لم يلتزم أي منهما بتوجيه عمل عسكري لردع "بوتين" عن استخدام 100 ألف جندي حشدهم على الحدود الأوكرانية، مؤكدة أن العقوبات الاقتصادية هي السبيل الوحيد، لكنهم لن يردعوا روسيا عن الغزو إلا إذا بدت العقوبات مؤلمة بدرجة كافية.
لذا كل شيء يعتمد على برلين، فألمانيا هي ثاني أكبر شريك تجاري لموسكو (بعد الصين)، وتعتمد بشكل كبير على المواد الخام الروسية مثل النفط الخام والغاز الطبيعي، بحسب الصحيفة.
وأضافت أنه "إذا استمرت ألمانيا في التجارة مع روسيا بينما طبقت دول أخرى في الناتو عقوبات، فإن الحصة الاقتصادية ستنخفض كثيرا، وهذا من شأنه أن يجبر حلفاء ألمانيا الغربيين إما على تصعيد الموقف بالتدخل العسكري أو التراجع، ما يسمح لبوتين بالاستيلاء على الأرض مرة أخرى".
وقالت الكاتبة الألمانية إن "اعتماد ألمانيا العميق على إمدادات الغاز الروسي موثق جيدا، حتى أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك اعترفت بذلك خلال زيارتها لموسكو هذا الأسبوع، حيث إن مستويات تخزين الغاز الألمانية منخفضة بشكل خطير، إذ تعمل البلاد على التخلص التدريجي من مفاعلاتها النووية في خضم أزمة طاقة عالمية".
وأضافت أن "بوتين أدرك الإمكانات السياسية في هذا الأمر، وهو يقدم أقل كمية من الغاز، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة الأوروبية، بينما يدفع الألمان بالفعل أعلى أسعار للكهرباء في أوروبا، وهذا يضغط سياسيا على الحكومة الألمانية الجديدة".
وحاول وزير الخارجية الأمريكية "أنتوني بلينكن"، الخميس الماضي، تسوية الأمور في اجتماعه مع المستشار الألماني الجديد "أولاف شولتس"، في برلين.
وأعلن "بلينكن" أنه "من العدل أن نقول إن الولايات المتحدة ليس لديها شريك أفضل، وليس لديها صديق أفضل في العالم من ألمانيا".
ثقل الأمن الغربي الجماعي
لكن بينما ظل القناع السلس للدبلوماسية في مكانه، بقيت التوترات وراءه كذلك، لم يعد "شولتس" أكثر استعدادا لتحمل نصيب من ثقل الأمن الغربي الجماعي مما كانت عليه سلفه "أنجيلا ميركل".
وقالت "هوير" إنه على سبيل المثال، خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، بمجرد اكتماله سيعمق اعتماد ألمانيا على روسيا، وعندما سألت وسائل الإعلام الألمانية "بلينكن" عما إذا كان "شولتس" على استعداد لتقديم أي تنازلات بشأن المشروع، أشار "بلينكن" إلى تصريح أدلى به "شولتس" قبل يومين، حيث قال عندما سئل عن خط الأنابيب: "كل شيء مطروح للنقاش إذا كان هناك تدخل عسكري ضد أوكرانيا".
في ضوء ذلك، فإن ملاحظة "بايدن" المرتجلة في مؤتمره الصحفي بأن "توغلا طفيفا" في أوكرانيا من الروس سيقابل باستجابة مختلفة من حلف شمال الأطلسي مقارنة بغزو كامل يشير إلى أن واشنطن وبرلين تناقشان كيفية التعامل مع الحد الأدنى من الدعم الألماني للعقوبات الاقتصادية.
وأضافت "هوير" أن ألمانيا تجد دعما ضمنيا لرغبتها في استرضاء موسكو من الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، الذي اقترح أن يقود الاتحاد الأوروبي محادثاته الخاصة مع روسيا للحفاظ على السلام، ما يعني أن بروكسل ستتبع استراتيجية مختلفة عن الولايات المتحدة، مؤكدة أن هذا يقوض بشكل أكبر فكرة جبهة الناتو الموحدة، وقد يشير إلى أن فرنسا مستعدة لتقديم تنازلات عندما يتعلق الأمر بالعدوان الروسي في أوروبا الشرقية.
ويستعد "ماكرون" للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في أبريل/نيسان، وتتوقف حملته على جعل فرنسا القوة الرائدة في أوروبا ما بعد "ميركل"، حيث يريد أن يكون الرجل القوي الذي يقود فرنسا والاتحاد الأوروبي، والعودة إلى المسرح العالمي، هذه موسيقى لآذان ألمانيا، لأن المسؤولين في برلين كانوا يضغطون من أجل تجديد ما يسمى بمحادثات شكل نورماندي التي تضم ألمانيا وفرنسا وأوكرانيا وروسيا.
واقترح البعض أن "بلينكن" قد يقدم لألمانيا طريقة للخروج من الزاوية السياسية للطاقة من خلال زيادة كمية الغاز الطبيعي المسال الذي تسلمه الولايات المتحدة إلى أوروبا على متن ناقلات المحيطات، لكن القيام بذلك لا يمكن أن يعوض عن فقد الغاز الروسي إذا قام "بوتين" بإغلاق الإمدادات الروسية.
حيث يمكن أن تستهلك الموانئ الأوروبية 830 مليون متر مكعب فقط أكثر مما تفعله حاليا وهو ما لا يكفي لاستبدال 1.7 مليارات متر مكعب من الغاز الروسي، وتقول النرويج، التي تزود ألمانيا حاليا بثلث الغاز، إنها تجاوزت الإنتاج إلى الحد الأقصى ولا يمكنها توفير المزيد.
وأكدت "هاير" أن "بايدن" كان على حق، بأن الانقسامات داخل الناتو عميقة، في حين أنه لم يكن بحاجة إلى إبلاغ العالم بهذه الحقيقة في مؤتمر صحفي، إلا أن نظيره الروسي يعرف ذلك بالفعل.
وختمت الكاتبة بالقول إنه ومع تردد ألمانيا واستقالة الولايات المتحدة على ما يبدو لتقديم تنازلات إذا كان حجم الغزو الروسي يسمح بذلك، وفي حال التصعيد في أوروبا الشرقية ستكون رغبة برلين في النظر إلى الشرق بدلا من الغرب، وبهذا تصبح ألمانيا حلقة ضعيفة في خط دفاع الناتو.