- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
لماذا تنفست إسرائيل الصعداء مع رد إيران على المسودة النهائية للاتفاق النووي؟
لماذا تنفست إسرائيل الصعداء مع رد إيران على المسودة النهائية للاتفاق النووي؟
- 11 أكتوبر 2022, 5:06:04 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مطلع الشهر الماضي، تنفس رئيس الوزراء الإسرائيلي "يائير لابيد" الصعداء بعد رد إيران على مقترح إدارة "جو بايدن" الأخير في المفاوضات المستمرة لإحياء الاتفاق النووي.
وكان رد "بايدن" على مطالب إيران هو الرفض التام والتأكيد على عدم التراجع. وقال مسؤولون إسرائيليون إن "الإيرانيين طالبوا بأكثر من اللازم وانحرفوا بالمحادثات عن مسارها". ونسب "لابيد" ووزير الدفاع الإسرائيلي "بيني جانتس" لأنفسهما الفضل في وقف توقيع الاتفاقية.
لكن الصورة كانت مختلفة تمامًا قبل هذا الوقت بـ 4 أسابيع فقط؛ حيث أكد مسؤولون إسرائيليون أن "هناك فرصة أقل من 50% لمنع الولايات المتحدة من الموافقة على اتفاقية نووية جديدة". وفي ذلك الوقت، أي في أوائل أغسطس/آب، كان الانطباع السائد أن الاتفاقية كانت على بُعد أيام فقط.
وعرض مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل" مسودة أخيرة، ودفع رد إيران الأولي (والرد الإيجابي لإدارة "بايدن") العديد من المراقبين لاستنتاج أن التوصل للاتفاقية مجرد مسألة وقت.
ومع ذلك، فمن أغسطس/آب إلى سبتمبر/أيلول، تدفق المسؤولون الإسرائيليون على واشنطن محاولين منع إبرام الاتفاق المحتمل؛ بمن في ذلك مستشار الأمن القومي "إيال هولاتا" ووزير الدفاع "جانتس"، ومدير الموساد "ديفيد بارنيا".
الاتفاقية وإحراز النقاط السياسية
في هذه الفترة، وجدت إسرائيل نفسها في المرحلة التمهيدية لحملة انتخابية حامية الوطيس بين 3 أشخاص يتطلعون لمنصب رئيس الوزراء: "لابيد"، و"جانتس"، ورئيس الوزراء السابق "بنيامين نتنياهو". وفي حين أن هناك اثنين من التحالف الحالي والثالث يقود المعارضة، فإن الثلاثة يعارضون الاتفاقية التي يعتقدون أنها سيئة بالنسبة لإسرائيل.
وكان توقيع الاتفاقية في هذه المرحلة سيمثل أخبارًا سيئة للغاية بالنسبة لـ"لابيد" و"جانتس" على وجه الخصوص. وعندما بدت الاتفاقية وشيكة، حاول حتى شريك "لابيد"؛ رئيس الوزراء البديل "نافتالي بينيت"، أن ينأى بنفسه عن الفشل، وأصدر بيانًا يقول فيه: "لقد تمكنت من منع الاتفاقية لمدة عام، وآمل أن يكون ذلك ممكنا الآن أيضًا"، بمعنى أنه إذا تمت الصفقة، فهذا خطأ رئيس الوزراء الحالي.
أما "نتنياهو"، الذي أمضى أكثر من عقد من الزمان في محاربة الاتفاقية النووية، فقد انتهز الفرصة السياسية قائلًا: "لقد فشلوا. ستحقق إيران قنبلة في عهد لابيد وجانتس". وهاجم الحكومة لعدم انتقادها إدارة "بايدن" علنًا، بالرغم أن استخدامه لهذا التكتيك في عام 2015، عندما ألقى خطابًا أمام الكونجرس يعارض الصفقة، لكنه فشل فشلاً ذريعًا.
ولم يترك "نتنياهو" أي فرصة غير مستغلة، حتى أنه وافق على مقابلة "لابيد" للحصول على موجز حول المحادثات النووية (رغم أن الاجتماع بين رئيس الوزراء ورئيس المعارضة لمناقشة مسائل الأمن القومي تحول من ممارسة معتادة إلى شئ نادر). ومع ذلك، كان هدف "نتنياهو" واضحا، فبمجرد مغادرته الاجتماع، هاجم سياسة الحكومة تجاه إيران.
أما المعسكر الآخر، فقد حاول اتخاذ مسار مختلف خوفًا من خسارة المعركة السياسية، فقد قام أحد كبار المسؤولين بجمع مراسلين إسرائيليين بغرض تقديم إحاطة بخصوص هذا الأمر، قائلا: "حتى لو وافقت الولايات المتحدة وإيران وتم توقيع اتفاقية، فإن إسرائيل لا يزال أمامها 160 يومًا حتى تنفيذ الاتفاقية لمحاولة منع دخولها حيز التنفيذ".
بمعنى آخر، فحتى إذا تم توقيع اتفاق قبل 1 نوفمبر/تشرين الثاني - يوم الانتخابات الإسرائيلية - فيجب ألا يعتبر فشلًا للحكومة الإسرائيلية؛ لأن التنفيذ لن يحدث إلا بعد أشهر، هذا إن حدث.
وبالرغم من الخوف الإسرائيلي الحقيقي من الاتفاقية وآثارها السياسية، فإن المحادثات تعثرت مرة أخرى مع ضغط إيران من أجل ضمانات حول تخفيف العقوبات في المستقبل وإنهاء تحقيقات وكالة الطاقة الذرية الدولية في مواقعها النووية غير المعلنة.
ونظرًا لأن "بايدن" رفض منذ فترة طويلة هذه المطالب، فقد انقلب الإجماع بين عشية وضحاها إلى استنتاج مفاده أن الصفقة لن يتم توقيعها قبل الانتخابات النصفية الأمريكية في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، أي بعد أسبوع واحد من الانتخابات الإسرائيلية. ويجادل البعض بأن هناك الآن احتمال كبير بعدم توقيع الاتفاقية على الإطلاق.
الاحتفال بالنصر
مع هذا التحول، احتفلت الحكومة الإسرائيلية بالنصر، حيث قال "لابيد" في خطاب قدم فيه قائمة حزبه للانتخابات القادمة: "لقد تمكنا من إيقاف الصفقة النووية مع إيران"، وأضاف: "على عكس نتنياهو، فعلنا ذلك دون تدمير علاقاتنا مع الإدارة الأمريكية".
واستحضر المسؤولون الإسرائيليون الزيارات لواشنطن، زاعمين أن إسرائيل قدمت لإدارة "بايدن" معلومات استخبارية جديدة فيما يتعلق بالنشاط النووي الإيراني، وضغطوا عليهم حتى لا يستسلموا لمطالب إيران المتجددة فيما يتعلق بإغلاق تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
علاوة على ذلك، يؤكد المسؤولون الإسرائيليون أنهم أقنعوا إدارة "بايدن" بعدم إعطاء ضمانات أو تعويضات لإيران إذا انسحبت أي إدارة أمريكية مستقبلية من الاتفاقية مرة أخرى.
ويعرف الإسرائيليون جيدًا أن هذه المطالب الإيرانية كانت مستحيلة التحقيق، ولا يمكن أن يقدم "بايدن" التزامات تُفرض على رئيس أمريكي مستقبلي. أما بالنسبة لتحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن الأوروبيين - ناهيك عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتمثل مهمتها في التحقيق في الأنشطة النووية - يعارضون منح إيران تخفيفًا من العقوبات دون تعاون إيراني أفضل.
ربما أثر تدخل إسرائيل على آراء إدارة "بايدن"، أو ربما أدت المعلومات الاستخباراتية الجديدة التي قدموها لجعل البيت الأبيض أقل ميلًا للاعتقاد بأن إيران ستوافق على اتفاقية نووية جديدة؛ لكن المسؤولين الإسرائيليين يعرفون جيدا أنه لو كانت إيران وافقت على مسودة الاتحاد الأوروبي، فإن أفضل حجج إسرائيل لم تكن لتمنع الصفقة.