- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
ماذا وراء مقترح "عقيلة" تشكيل حكومة ليبية جديدة؟ (تحليل)
ماذا وراء مقترح "عقيلة" تشكيل حكومة ليبية جديدة؟ (تحليل)
- 24 فبراير 2023, 8:47:59 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ـ عقيلة صالح اقترح تشكيل لجنة متساوية الأعضاء بين مجلسي النواب والدولة و"مستقلين" من 45 عضوا لاختيار حكومة جديدة تحت إشراف دولي
ـ تحركات رئيس مجلس النواب تهدف لتفادي تفعيل مجلس الأمن الآليات البديلة عقب إحاطة المبعوث الأممي في 27 فبراير
قبيل أيام من إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، أمام مجلس الأمن، أعلن عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في طبرق (شرق) عن اقتراح مثير للجدل لتشكيل لجنة لاختيار "سلطة تنفيذية موحدة" تحت إشراف دولي.
اللجنة المقترحة مشكلة من 15 عضوا من مجلس النواب، ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، بالإضافة إلى 15 آخرين من المستقلين.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها اقتراح تشكيل لجنة مشتركة مع مجلس الدولة لاختيار حكومة جديدة تخلف حكومتي الدبيبة وفتحي باشاغا، وتشرف على إجراء الانتخابات.
إذ إن الحديث كان يدور في طرابلس عن تشكيلة لجنة مشتركة بين مجلسي النواب والدولة من 5 أعضاء لكل منهما، بهدف بحث تشكيل حكومة مصغرة.
وما يميز مبادرة عقيلة، أنها رفعت عدد أعضاء مجلسي النواب والدولة في اللجنة إلى 15 بدل 5، وأضافت إليهم 15 من المستقلين، دون تحديد الجهة التي ستختار هؤلاء "المستقلين"، وآليات اختيار الحكومة، هل بالتوافق أم بالانتخاب؟ أو عبر تقاسم الحقائب الوزارية بين الأطراف الثلاثة؟
كما منح المقترح الأطراف الدولية (الأمم المتحدة) دورا في عملية تشكيل الحكومة من خلال الإشراف على العملية.
والهدف هنا واضح، وهو ضمان الاعتراف الدولي، حتى لا تتكرر تجربة تعيين حكومة باشاغا، التي لم تتمكن من الحصول على الاعتراف الدولي.
ـ فرصة ثانية
عندما دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى البحث عن آلية بديلة لحل الأزمة في حال تعذر توافق مجلسي النواب والدولة، سرّع الأخيران من وتيرة مفاوضاتهما حتى لا يمنحا أي عذر للمجتمع الدولي لتجاوزهما أو تهميشهما.
فبعد تلك الإحاطة أمام مجلس الأمن، يستعد باتيلي، لتقديم إحاطة أخرى في 27 فبراير/شباط، بشأن الوضع في ليبيا، وتصور حول تحرك المجتمع الدولي خلال المرحلة المقبلة.
وهذا ما يفسر التعديل السريع والمفاجئ لمجلس النواب للإعلان الدستوري بعد أن وصلت عملية إعداد قاعدة دستورية مع المجلس الأعلى للدولة لمسار مسدود.
وكان من المفروض أن يصوت مجلس الدولة على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، الذي لم يعترض عليه المشري، لكن التصويت تأجل عدة مرات لعدم بلوغ النصاب، في ظل رفض جناح في المجلس وقوى ضاغطة خارجه لبعض مضامين هذا التعديل.
وقبل حسم ملف تعديل الإعلان الدستوري، وأيضا تقاسم المناصب السيادية بين المجلسين، فاجأ عقيلة الطبقة السياسية بمقترح متجدد لتشكيل حكومة جديدة.
وسبق لعقيلة أن أعلن في يناير/كانون الثاني الماضي، عن تقديم مقترح للأمم المتحدة بآليات لتشكيل حكومة جديدة، دون أن يفصح حينها عن تلك الآليات.
هذه الأحداث المتسارعة جاءت بهدف إقناع المبعوث الأممي بوجود مبادرات جادة بشأن التوصل إلى اتفاق لإجراء الانتخابات قبل انتهاء عام 2023.
والتأكيد على أنه لا حاجة لبحث آلية بديلة، خلال اجتماع مجلس الأمن في 27 فبراير، عند الاستماع لإحاطة باتيلي، خاصة بعدما تم التوافق بشكل غير رسمي على موعد إجراء الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
باتيلي، من جانبه، وقبل سفره إلى نيويورك، أشار إلى وجود "تقارب متزايد في الآراء بشأن وجوب إجراء الانتخابات في ليبيا عام 2023".
ما يعني أنه أكثر تفاؤلا، أو أقل تشاؤما، مما قدمه في إحاطته السابقة، ومن المستبعد أن يطالب أو يطرح آلية بديلة لمجلسي النواب والدولة، قبل أن يمنحهما فرصة ثانية بعد التوافق المبدئي بشأن الإعلان الدستوري، وإعلان شهر نوفمبر موعدا لإجراء الانتخابات، واقترابهما من الاتفاق على تقاسم بقية المناصب السيادية.
كما أن تعديل الإعلان الدستوري سيقطع الطريق أمام أي محاولة للمجتمع الدولي للاستعانة بالمجلس الرئاسي لقيادة العملية السياسية، بعدما نزع من الأخير صلاحية حل البرلمان إلا بشروط صعبة.
وحتى إذا حاولت الأمم المتحدة استنساخ تجربة ملتقى الحوار السياسي عندما اختارت 75 عضوا، منهم 13 عضوا من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الدولة، و49 من المستقلين، فإنها تجدد نفسها تتماهى مع مقترح عقيلة.
وبذلك يكون عقيلة قطع الطريق أمام أي خطة دولية بديلة، من خلال إشراك المستقلين في عملية اختيار حكومة جديدة دون أن تكون لهم حصة الأسد، بل تتساوى حصصهم مع النواب وأعضاء مجلس الدولة.
وهذه الخطة تمنح عقيلة فرص أكبر للتحكم في أي عملية لاختيار حكومة جديدة، حتى ولو كانت تحت إشراف دولي، حتى لا تتكرر خسارته أمام قائمة الدبيبة، في انتخابات ملتقى الحوار السياسي لاختيار رئيس الحكومة وأعضاء المجلس الرئاسي، في فبراير 2021.
ـ الطريق مازالت طويلة
خطة عقيلة صالح الجديدة، تهدف إلى تطويق حكومة الدبيبة، بالاستعانة بمجلس الدولة في المرحلة الأولى، من خلال تقاسم المناصب السيادية، وعلى رأسها تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي، يكون مواليا لمجلس النواب، ما سيجرد حكومة الوحدة من أحد مصادر قوتها وهو الميزانية.
ناهيك عن سعي مجلس النواب للهيمنة على السلطة القضائية من خلال تغيير مقرها من طرابلس إلى الشرق ما يجعلها تحت رحمته، لكن المشري تصدى له، وأوقف مؤقتا هذا المخطط.
ويستفيد عقيلة من الخلاف بين الدبيبة والمشري، عبر التحالف مع الأخير، ما يسهل عليه تشكيل حكومة جديدة، قبل إعادة تهميش مجلس الدولة مجددا، والانفراد بقيادة السلطة التشريعية مع إخضاع السلطتين التنفيذية والقضائية لنفوذه.
وهذا ما صرح به ضمنيا، عندما قال في مقابلة تلفزيونية مؤخرا "مجلس النواب هو السلطة التشريعية المنتخبة والمعترف بها دوليًا في ليبيا، وهو صاحب الحق الأصيل في إعداد وإصدار التشريعات، ومنح الثقة وسحبها من الحُكومة".
أي أن عقيلة لا ينوي التشاور مستقبلا مع مجلس الدولة في إعداد وإصدار القوانين، ولن يكون لمجلس الدولة أي صلاحية في المشاركة بمنح وسحب الصلاحية من الحكومة.
وهو خلاف متجدد بين المجلسين، حيث يرى "الأعلى للدولة"، أن كلا المجلسين يستمدان شرعيتهما من الاتفاق السياسي، الذي ينص على وجوب التشاور فيما بينهما، سواء في إصدار القوانين أو في تشكيل الحكومة، خاصة وأن المحكمة الدستورية سبق لها وأن حلت مجلس النواب في 2014، ولم يبق له من شرعية سوى الاتفاق السياسي.
فالوضع معقد، والإطاحة بحكومة الوحدة لا يعني بالضرورة إجراء الانتخابات، وهو ما تم تجريبه مع حكومة الوفاق قبلها، بقدر ما يعني إعادة تغيير اللاعبين دون تغيير قواعد اللعب.
فمن الممكن أن ينجح مجلس النواب بالتعاون مع مجلس الدولة في تقاسم المناصب السيادية، وحتى في التوافق على تمرير تعديل الإعلان الدستوري، وربما تغيير حكومة الدبيبة المعترف بها دوليا، ولكن عند الوصول إلى محطة إعداد قوانين الانتخابات، وبالضبط في مادة شروط الترشح للرئاسة، وبالأخص عند نقطة مزدوجي الجنسية، تحين لحظة الحقيقة.
فالمعادلة صفرية بين من يرفض ترشح مزدوجي الجنسية، وبين من يُصر على ترشحهم، وكل طرف يعلم أنه عند الوصول إلى هذه المحطة سيفترق الجمعان بعد أن يحقق كل أهدافه وعلى رأسها الإطاحة بحكومة الدبيبة، ولكن الانتخابات التي يطالب بها الجميع علنا، تبدو الضحية الرئيسية في هذه المعارك السياسية.