- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب: ما بين جسد الإنسان والجسد العربي
مجدي الحداد يكتب: ما بين جسد الإنسان والجسد العربي
- 17 مايو 2024, 5:17:23 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عندما يحصل جيش الاحتلال على كل ما يحتاجه من أسلحة دمار شامل من القوة العظمى الوحيدة في العالم، وكذا من دول عظمى أخرى، بجانب تآمر وتحالف جل الأنظمة العربية مع دولة الكيان، فضلا عن العديد من المؤسسات الدولية، ومع ذلك فإنها، وحتى الشهر الثامن من الحرب الشاملة على غزة، لم تحقق هدفا واحدا من أهداف الحرب التي أعلنتها على غزة، ولم تفلح سوى في قتل المدنيين واستهداف المنشآت المدنية والإغاثية التابعة للأم المتحدة وكذا منازل الآمنين، فأي جيش هذا وأي دولة تلك، حتى ولو حققت نصرا جزئيا هنا أو هناك؟!
حقائق ما بعد 7 أكتوبر أثبتت أن هذا الكيان لم ينمو إلا من ضعف العرب وتخاذلهم، ثم تآمر البعض وخيانة البعض الأخر. ثم انتعش من بعد بأموالهم وثروات شعوبهم، وعلى حساب إفقار ومعاناة تلك الشعوب، وبفضل أنظمة عميلة مفروضة على تلك الشعوب فرضا.
تماما كجسم الإنسان عندما تضعف مناعته تهاجمه الأمراض، ثم الأمراض الخبيثة عندما تبدأ تلك المناعة في التلاشى التدريجي لا قدر الله.
لذا فقد ضج مضاجع دولة الكيان حقيقة وجود خلايا لا تزال حية ومناعة قوية في جزء - و بالأحرى أجزاء من الجسم العربي.
وقد كشفت تلك المناعة أن هذا المرض الخبيث الذي فرض على الجسد العربي هو بالفعل أهون من بيت العنكبوت.
ولكن الحقائق الفسيولوجية لجسم الإنسان لم ترصد يوما أن بعض خلايا جسمه لم تآمرت مثلا في أي لحظة من حياة الإنسان، وخانت باقي خلايا جسمه وتحالفت -في السر أو في العلن-مثلا مع وباء سرطاني أو جرثومي غزا جسم الإنسان، على الرغم من أن تلك الخلايا- وكذا كل أعضاء جسم الإنسان - غير عاقلة.
ولكن قد الحدث العكس من ذلك، وباختصار، في الجسد العربي، وحيث كان التآمر متعددا، كما كانت الخيانة متعددة، ومن كائنات عاقلة في هذه المرة، ومكلفة.
وقد حدثت الخيانة والتحالف مع كل الجراثيم السرطانية التي غزت الجسد العربي، في أزمنة عديدة من تاريخنا العربي. ولكن كان أخطر كل تلك الخيانات، وأكثرها انحطاطا وخسة، مع الوباء المزروع والمفروض على هذا الجسد العربي في فلسطين المحتلة. وحيث انه ما زرع لاستهداف فلسطينوفقط ولكن كل الجسدالعربي من المحيط إلى الخليج - وهو ما يسمونه وفقا للتسمية الأمريكية بملء الفراغ، وكأن المنطقة العربية كلها - وليس فلسطين فقط - أرض بلا شعب، أو شعوب!
وكان هذا التحالف العربي الرسمي مع هذا المرض السرطاني خفيا مخفيا في بعض مراحل الصراع معه، وصار الآن صريحا وعلنيا، وحتى صارت تفاخر وتباهي به الأنظمة العميلة، وبما أن ذلك قد صار من مسوغات فرضها على شعوبها، وكذا استمرار بقائها -ومن ثم فقد صارت تؤيده وتدعمه ليس فقط قوى خارجية ولكن قوى وجيوش ومؤسسات وطنية قطرية أيضا، وداخل هذا الجسد العربي.
ولكن مع ذلك فقد تكون تلك هي أحلك مراحل الصراع مع هذا المرض، وقد يعقبها بإذن الله تعافيه التام من كل الأمراض؛ داخلية كانت أو خارجية. ولطالما كان لهذا الكون -وليس للكعبة المشرفة فقط- رب يحميه ويقدر لكل شيء فيه تقديرا.