- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مجدي الحداد : ما بين العراق ومصر
مجدي الحداد : ما بين العراق ومصر
- 27 مايو 2021, 3:30:30 ص
- 907
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قد يبدو العنوان غريبا بعض الشيء ، كما المقارنة ذاتها ، التي تكون في غير محلها ، أو حتى في غير صالحنا ، حتى ولو من زاوية أن الحضارة السومرية العراقية هي الأقدم على الإطلاق وليس الفرعونية ، و فيما هو معروف في التاريخ المكتوب . وكذا شريعة حمورابي العراقية والتي كانت أيضا أول شريعة أو قانون عرفه الإنسان كذلك في التاريخ المكتوب .
ولكن على الرغم مما عرف كذلك عن الزعماء العراقيون بطغيانهم واستبدادهم ــ وربما حتى بما في ذلك نوري السعيد ، وهذا قد يأتي الحديث عنه في مقال لاحق منفصل ــ إلا انه ، ومع ذلك ، لم يعرف عنهم أن أحدا منهم ، تنازل عن شبر واحد من أرضه أو حتى لتر مياه واحد ينبع من نهري دلجة والفرات حتى قبل الغزو الأمريكي للعراق .
بل العكس تماما هو الذي حدث في حقيقة الأمر ، حيث قد جرى ضم دولة الكويت ــ مع بالغ شجبنا وإدانتنا لذلك بطبيعة الحال ــ إلى العراق منذ الرئيس عبد الكريم قاسم وحتى صدام حسين . بل وقد جرى صراع مرير مع كل من سوريا والعراق وتركيا حول عرقلة وصول مياه نهري دجلة والفرات للعراق ، وكلما لا حت في الأفق أزمة بين نظامي سوريا والعراق خاصة . كما جرى صراع مرير أيضا بين العراق وإيران حول شط العرب ــ مش محكمة تفضي بمصرية تيران وصنافير وفي حكمين تاريخيين ، تقوم الحكومة تستأنف الحكم وفي محكمة أخرى غير مختصة لتحصل على الحكم الذي تريده ؛ وهو بعدم مصريتهما ؛ ومن هنا ، ومن هذه الزاوية بالذات ، فلا وجه مقارنة إذن ..َ!
ولكن ما كنت أنوي الحديث عنه هنا هو في حقيقة الأمر شيء أخر ، وهو ظاهرة " تفييم " ، أو تعتيم ، زجاج بعض السيارات الخاصة ، وربما حتى العامة أيضا ، من حيث إنه أمر قد يبدو بسيطا في ظاهرة ، ولكنه عميقا وكاشفا عن إنقسام ، أو حتى شرخ مجتمعي خطير في جوهرة . وهذا يقودنا حتما ، وفي نهاية المطاف ، إلى ظاهرة إجتماعية ، أو بالأحرى مرض إجتماعي خطير وخبيث ــ أي يمكن تصنيفه ضمن الأمراض الخبيثة وليعاذ بالله ..!
وقد قيل في أسباب ظاهرة التفييم ــ تعتيم زجاج السيارة ــ وباختصار ، إنه كان مجرد إجراء أمني ، يهدف إلى حماية قواد وأصحاب تلك السيارت من الضباط خاصة ، من استهدافهم من قبل الإرهابيين والمتطرفين ..!
طب يا أيها العقلاء ؛ م الإرهابيين والمتطرفين هيعرفوا إن أصحاب تلك السيارات المعتمة الزجاج هم فقط ممن سمح لهم بذلك من دون باقي المواطنين ، الأمر الذي قد يسهل إستهادفها و استهدافهم من قبل الإرهابيين ، وذلك على العكس تماما من إندماجهم في المجتمع الذي احتواهم ورباهم ورعاهم ، ويسيروا ويتنقلوا بشكل عادي وآمن أيضا ، ومن غير تعتيم زجاج وغيره . اللهم إلا إذا كان المقصود في النهاية هو إظهار نوع من التميز والتعالي عن الغير وبأي شكل وبأي ثمن لا أكثر ، حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم ذاتها ، أو حتى تهددها .. !
وهذا يذكرني بتعليق شهير لبريمي بريماكوف ، رئيس وزراء روسيا الأسبق ، والذي عمل سفيرا لروسيا ، او الإتحاد السوفيتي السابق في عهد الرئيس صدام حسين لبعض الوقت ، حيث علق في أحد كتبه ، عن الأزمة العراقية ، قائلا ، ما مفاده : ؛ أن الرئيس صدام حسين حينما كان يتحرك بموكبه بالسيارات ، عندما كانت تشن الغرات الجوية في عهد بوش الأب ــ والتي سبقت الغزو في عهد بوش الأبن ــ مستهدفة إياه ، فكان " يلطخ " سياراته بالطين والوحل كنوع من التمويه ، لكن هذا التمويه بالذات ــ وهذا يعيدنا إلى ظاهرة " التفييم " أو الزجاج المعتم ــ هو الذي قد يميز سياراته وموكبه المصاحب له عن بقية السيارات العادية الأمر الذي يسهل على أعداءه إستهدافه في نهاية الأمر ..!"
فماذا يمكن أن يكون الغرض من تعتيم الزجاج إذن إن لم يكن المقصد أو الهدف أمنيا ..؟!
فقد تكون ظاهرة " التفييم " إذن ما هي إلا شكل من أشكال إظهار نوع من التميز " المرضي " وبكل أسف عن باقي أفراد المجتمع الذي نشأوا وترعرعوا وتربوا فيه ، وكأن الأمر يتعلق هنا بامتياز خاص لا أكثر ، أو ضرورة من الضروريات الإجتماعية الجديرة بالتباهي والتعالي في ذات الوقت على أفراد المجتمع الأخرون ممن هم ليسوا بضباط أو حتى جنود ..!
وتلم مساهمة متواضعة جدا ، قد تفيد عند البحث أو النظر في ظواهر الشروخ الإجتماعية التي صاحبت الفقر والجدب الذي طال كل شيء تقريبا في هذا العهد ؛ من المباديء حتى الأخلاق ، ومن ثم أدت إلى شعار ؛ " إحنا شعب وهمه شعب " ..!
كما يمكن أن يقودنا ذلك كذلك إلى من المستفيد ومن الخاسر من وراء كل ذلك ؟! ، وماهو شكل وحجم وأثر وتداعيات الخسارة أو المكسب وأثره وتداعياته على الفرد والمجتمع والدولة ؛ الآن ومستقبلا ..!