- ℃ 11 تركيا
- 19 ديسمبر 2024
محمد ثابت يكتب: مؤتمر الكفاءة .. هل نبدأ نهضة العربية من إسطنبول؟!
محمد ثابت يكتب: مؤتمر الكفاءة .. هل نبدأ نهضة العربية من إسطنبول؟!
- 19 مايو 2024, 9:54:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
غدتِ العاصمة التركية التاريخية إسطنبول خلال ما بعد العشرية الأولى من الألفية الحالية بمنزلة لندن بالنسبة لأحرار العرب ـ المنفيين اختياريًا ـ خلال الربع الأخير من القرن الماضي، تمطر أنهار الأماني والتطلعات داخل الروح بأن تظل المدينة حاضنة الأمجاد منذ عهود قريبة ـ وإن شابها ما يشوب المدن والبشر أحيانًا ـ؛ تمطر شلالات الحنايا من نفوس عشرات الآلاف من مخلصي وشرفاء الأمة أن يظل لإسطنبول خاصة وتركيا عامة ألقها وحضورها وسط طوفان الأحداث العالمية وخصومة بل فجور الحضارة الغربية مع الأحباب الأعزاء في غزة الشريفة النبيلة المقاومة.
أحسن الله إلى العالمينِ الأكاديميينِ النابغينِ المدير العام لـ"دار العربية" بإسطنبول محمود المصري، ورفيقه "مدير معهد المخطوطات العربية" سابقًا فيصل الحفيان فقد استطاعا جمع كوكبة من أبرز الأكاديميين والاختصاصيين بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها للمرة الأولى بصورة ممنهجة في إسطنبول؛ عبر مؤتمر دولي مشترك أول مع "جامعة السلطان محمد الفاتح" و"دار لسان اللندنية" تحت شعار "معيارية تعليم العربية" ، وباسم مباشر "الكفاءة في تعليم اللغة العربية ـ الأطر والمستويات والأداء"، ومن المعلوم بدقة أنه هدف يصعب توحيد المجهودات العالمية خاصة العربية المبعثرة لأجله، بل تنوء به مؤسسات عربية إسلامية تفتقد التضامن ما بينها اليوم بل الهدف إن لم تكن المعيارية أيضًا للأسف.
لكن الأستاذينِ الدكتورين الحفيان والمصري استطاعا جمع كوكبة من أبرز المختصين في الأمة العربية الإسلامية من شرقها لغربها تحت مظلة تاريخية من مبني "يني كابي مولوي خانة" الذي يمتد عمره لنحو خمسة قرون بمنطقة "جريزلي با" بالقسم الأوربي من العاصمة التركية التليدة خلال بداية الثلث الأخير من أبريل/نيسان، فاستمتع الحضور بحلقة نقاشية للأستاذ الدكتور سعد مصلوح ـ العالم المعروف والعضو العامل بمجمع اللغة العربية الليبي ـ في أول أيام المؤتمر وأولى حلقاته تحت عنوان: "القصيدة العربية في قاعة الدرس للناطقين بغير العربية"، شرح ضمن ما شرح فيها ـ أطال الله عمره وزاد من فيض علمه ـ جماليات معاني وصوتيات قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي "جبل التوباد" بما فسر من جمالياتها للمرة الأولى للمُنصتينَ إليه، وأتبعها بتسجيل لغناء المطرب الراحل محمد عبد الوهاب لها معلقًا على جماليات اللحن في موسوعية تقارب النادرة اليوم لعلوم لغات مختلفة على رأسها العربية وليس أقلها الموسيقى!
كان من أبرز حضور المؤتمر كذلك رئيس مجمع اللغة العربية الليبي الأستاذ الدكتور عبد الحميد هرامة بمحاضرة المؤتمر الافتتاحية "جهود في تكوين امتحان القدرة اللغوية"، أما جلسة المؤتمر الثانية فجاءت بعنوان: "المستويات الثقافية في تعليم العربية لغة ثانية ومؤشراته القياسية برئاسة الاستاذ الدكتور حسن العثمان من دار العربية والأستاذ بجامعة الفاتح والذي كان مثالًا لحسن تمثل وتضافر مفردات اللغة وجمال استخدامها، وكان كلمات الأساتذة الدكاترة مؤمن العنان ـ مؤسس دار العربية بلندن ـ، علي العنان ـ جامعة إسطنبول إيدن ـ، أنس ملموس ـ جامعة مولاي إسماعيل مكناس المغربية ـ عبقًا يفوح بجميل وآخاذ محاولات نشر العربية بالعالم.
تتالت الأيام والجلسات والآمال وتتابع الجلسات والضيوف وتبادل الخبرات والرغبة في تنسيقها والوقوف على جهد أقرب للموحد يستخلص التجارب ويعبق بها محاولات تجاري العصر أكثر وتضيء سماء عتمة العالم الحالي وحضارته المادية، تضع العرب والمسلمون ببدايات نهضتهم عبر حسن تعليم لغتهم للراغبين ونشرها وشرح أوجه جمالياتها، وإن تمنينا فاستمرار المجهودات وتبادل المعرفة المختصة حلولها واحتواءها وإيجاد منظومة تعين على الاستمرار والمزيد من التألق.
وتبقى الأمنية الأعز والأرقى والأجمل إكمالًا وتهيئة للمشهد لعودة حضارتنا وروح عدلها للعالم، تبقى أمنية أن تواكب مجهودات تعليم لغتنا الرائعة مجهودات حضارية تساهم فيها أوطاننا العربية مع تركيا وبقية أرجاء العالم سواء الإسلامي أو غيره عبر المختصين والمخلصين من جميع التخصصات والمستويات والقدرات كي نفيق من سباتنا الحالي، ويهتدي العالم لغد رائق ناصع مشرق أجمل، وما ذلك كله على الله بعزيز ولا بعيد!