محمد سيف الدولة يكتب ..متى ينسحب الأمريكان من أوطاننا نحن أيضا

profile
محمد سيف الدوله مفكر سياسي
  • clock 19 أبريل 2021, 5:07:02 ص
  • eye 1072
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متى ينسحب الأمريكان من أوطاننا نحن أيضا؟

بعد احتلال دام ما يقرب من عشرين عاما (2001 ـ 2021)، أعلن الرئيس الامريكى جو بايدن انه قرر سحب القوات الامريكية من افغانستان، على أن تبدأ عملية الانسحاب بدءاً من أول مايو المقبل وتكتمل قبل 11 سبتمبر 2021.

ولقد برر بايدن الانسحاب بحزمة من الاسباب، لم يأتِ فيها على ذكر الحقيقة الواضحة للجميع، وهى أنهم ينسحبون بسبب هزيمتهم أمام المقاومة الافغانية المسلحة وعملياتها الموجعة التى أسقطت ما يقرب من 2500 قتيل أمريكى، وفقاً لتصريحات بايدن نفسه.

لنكون بذلك أمام ثانى أكبر هزيمة عسكرية تلحق بالولايات المتحدة خلال نصف القرن المنصرف، الأولى بطبيعة الحال كانت على أيدى المقاومة الفيتنامية التى اجبرتها على الانسحاب فى 15 اغسطس 1973.

فى الحالتين كانت المقاومة الوطنية المسلحة، أيا كانت مرجعيتها الأيديولوجية، هى التى أجبرت قوات الاحتلال على الانسحاب، قادها الشيوعيون فى فيتنام وقادتها طالبان فى افغانستان.

لم أتعرض هنا للعراق بطبيعة الحال، فقواعدهم وقواتهم وهيمنتهم لا تزال قائمة ومتغلغة هناك، رغم كل التصريحات الامريكية المتكررة منذ أوباما حتى اليوم بانسحاب قواتها من هناك.

أما ايران، فلقد نجحت فى تحرير بلادها من التبعية والنفوذ الأمريكى منذ الثورة الإسلامية، لتنضم الى قائمة الدول المعادية للولايات المتحدة ككوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا.

ورغم الحصار والعقوبات القاسية التى تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها ومجتمعها الدولى على مثل هذه الدول التى يصفونها "بالمارقة"، إلا أنها لا تزال حية ترزق، لم تفنَ او تتبدد. ويجب ان نتذكر على الدوام تجربة الصين وأين أصبحت اليوم بعد عقود وقرون طويلة من الاحتلال والحصار والعزل.

إن الهدف من تناول الانسحاب الامريكى من أفغانستان وأمثاله، هو التأكيد على أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست ربنا، وليست قوة جبارة لا يمكن تحديها أو هزيمتها، بل على العكس تماماً؛ يمكن مقاومتها والانتصار عليها وكسر إرادتها وإجبارها على التراجع والانسحاب.

إنها حقيقة واضحة وبديهية تشمل أمريكا وكل أنواع الاحتلال الاجنبى الذى شاهدناه وعشنا تحت وطأته على امتداد القرنين الماضيين، الى ان نجحنا فى اعقاب الحرب العالمية الثانية فى التحرر منه واجباره على الانسحاب من اوطاننا ونلنا استقلالنا الذى طال انتظاره.

 صحيح انه استقلال لم يستمر ولم يكتمل، ولكن كان ذلك بسبب اخطائنا وخطايانا وخيانات البعض منا، ولم يكن بسبب جبروت الاحتلال وقوته التى لا تقهر

كما أن إجبار العدو والمحتل على الانسحاب ليس جديدا علينا ولا يقتصر على معارك التحرر الوطنى بعد الحرب العالمية الثانية، فلقد نجحنا فى اجبار العدو الصهيونى على الانسحاب من أراضينا المحتلة فى لبنان 2000 و2006 وفى غزة 2005، وبالطبع فى مصر بعد حرب 1973 مع تحفظنا الذى لا مجال له هنا على اتفاقيات كامب ديفيد.

ما أحوجنا الى التأكيد على هذه الحقائق فى مواجهة:

-ما تعيشه الامة  العربية اليوم من احتلال وتبعية وأحلاف وهيمنة عسكرية واستراتيجية واقتصادية بلا حدود، وانتشار القواعد والقوات الأمريكية فى كل مكان، ناهيك عن عربدة القوات الاجنبية من كل صنف ولون، مع القضاء على اى قرار عربى مستقل وتدويل كل قضايانا وتوزيع دولنا كذيول وملحقات فى احلاف ومحاور وصراعات دولية واقليمية لا ناقة لنا فيها ولا جمل.

   وفى مواجهة حكام وحكومات وأنظمة حكم تستمد وجودها وشرعيتها من الحماية الامريكية، التى قال عنها ترامب، انه لولاها لسقطت هذه الدول خلال اسبوع واحد.

   وفى مواجهة اعلام عربى رسمى  لا يتوانى عن تضليل الشعوب ومحاولة تزييف وعيها بالترويج للاحتلال وبث قيم اليأس والخضوع والاستسلام، تحت نظريات كاذبة وباطلة تنطلق من انه لا قبل لنا بتحدى الامريكان وان الطريق الوحيد للتقدم والنجاة هو التحالف معهم والاحتماء بهم والسير فى ركابهم، وانه لا قبل لنا بمواجهة (اسرائيل) بل علينا ان نعترف بها ونطبع ونتحالف معها.

-وفى مواجهة عُقَد وهمية استقرت وترسخت فى عقل ووجدان صناع القرار الرسمى العربى لعقود طويلة، مثل عقدة 1967 وعقدة ما حدث للعراق وصدام حسين 1991 ـ 2003 او للقذافى عام 2011 بدعم من حلف الناتو، وعقدة الرعب من عواقب التعرض للغضب والعقوبات التى تعيشه الدول التى خرجت عن طوع الامريكان.

 فى مواجهة كل ذلك وأكثر يتوجب علينا ان نتبنى خطاب واجندات واستراتيجيات التحرر والاستقلال والمواجهة ضد قوى الاحتلال الامريكية والصهيونية واى قوات أجنبية أخرى، فلسنا اقل من شعوب العالم التى فعلتها من قبلنا ولا يجب ان نكون اقل من آبائنا واجدادنا الذين تصدوا وقادوا معارك التحرير فى ازمانهم.



هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)