- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
محمد عايش يكتب: أعيدوا للمرأة العربية حقوقها
محمد عايش يكتب: أعيدوا للمرأة العربية حقوقها
- 4 يوليو 2023, 7:05:03 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
خلال الفترة الماضية ثار جدل واسع في الأردن بسب محاضرة للمحامية والناشطة النسائية هالة عاهد، طالبت فيها بتعديل قوانين الأحوال الشخصية في الأردن والعالم العربي، بما يمنح المرأة مزيداً من الحماية والحقوق، وتحدثت عن ضرورة مراجعة فهم بعض النصوص الشرعية، والتمييز بين ما مصدره الشريعة، وما مصدره عادات وتقاليد المجتمع المتوارثة، التي تتناقض في كثير منها مع الشريعة.
من المعروف أن الحملة التي استهدفت هالة عاهد كانت موجهة ومفتعلة، وتم تداول مقطع مدته دقيقة واحدة من كلامها، من أجل التأليب والإساءة، وبطبيعة الحال من المهم التذكير بأن هالة عاهد، كانت واحدة من أشخاص معدودين على أصابع اليد في الأردن تعرضت هواتفهم للاختراق – أو محاولة الاختراق – بواسطة البرمجية الإسرائيلية الخبيثة «بيغاسوس»، ما يعني أنها كانت هدفاً للتجسس ومحاولة الاستهداف الشخصي في وقت سابق، وربما لا تزال كذلك، كما أنها ما زالت أحد أشهر الناشطين المدافعين عن نقابة المعلمين في الأردن.
ليس مهماً من هي هالة عاهد، ولا من الذي يقوم باستهدافها فهذا شأنُها الخاص، وهي محامية تستطيع الدفاع عن نفسها بالطريقة التي تراها مناسبة، لكنَّ المهم هو الجدل بشأن حقوق المرأة، الذي يظهر بين الحين والآخر، وهذا جدل لا يتوقف على الأردن، وإنما يمتد الى كل العالم العربي الذي تتشابه فيه إلى حد كبير قوانين الأحوال الشخصية، خاصة ما يتعلق فيها بالمرأة وحقوقها. ورغم أنَّ الاسلام رفع من شأن المرأة، وأوصى بحمايتها والحفاظ على حقوقها، وكانت آخر وصايا الرسول للأمة في خطبة الوداع أن «استوصوا بالنساء خيراً»، وغير ذلك، إلا أن علينا أن نعترف بأن المرأة في العالم العربي تعاني الكثير، وأن أنظمتنا العربية وما أنتجته من قوانين لم تستوصِ بالنساء خيراً، ولم تعمل بوصية سيد الأولين والآخرين. في عالمنا العربي ثمة الكثير من المظاهر والنصوص القانونية الوضعية التي تتجاهل حقوق المرأة الأساسية وتتعامل معها على أنها دون الرجل، ومن بين ذلك على سبيل المثال وليس الحصر ما يلي:
علينا أن نعترف بأن المرأة في العالم العربي تعاني الكثير، وأن أنظمتنا العربية وما أنتجته من قوانين لم تستوصِ بالنساء خيراً، ولم تعمل بوصية سيد الأولين والآخرين
أولاً: تصطف المرأة العربية في طابور طويل في وزارة الداخلية وتتقلب من جهاز أمني الى آخر، ليتبين أنها تريد تجديد «الاقامة السنوية» لأطفالها، والسبب في ذلك أن هؤلاء الأبناء ليسوا مواطنين في بلدها، ذلك أنها متزوجة من شخص غير مواطن ولا تستطيع أن تمنحهم جنسيتها، فهم يحملون جنسية الأب، ولا يجوز لهم الحصول على جنسية الأم ولو ولدوا في بلدها وعاشوا فيه حياتهم، خلافاً لكل قوانين الكون التي تمنح الأبناء حق الاختيار بين جنسية الأب أو الأم، أو الجمع بين الجنسيتين. فضلاً عن أن هذا الحق هو أحد الحقوق الأساسية للبشر، التي نص لها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاجتماعية، بل الكارثة إن بعض الأبناء يحتاجون لتأشيرات دخول من أجل زيارة بلد الأم، وقد لا تشفع لهم هذه الأم بأن يدخلوا إلى بلدها!
ثانياً: في قوانين العديد من الدول العربية يوجد «عذر مبيح للقتل» ينسحب على المرأة دون الرجل، وبهذا العُذر يستطيع الرجل أن يقتل زوجته دون ملاحقة أو عقوبة (المادة 340 من قانون العقوبات في الأردن)، وهذا يعني في نهاية المطاف أن حياة الرجل أغلى من حياة المرأة، إذ يُجيز القانون قتلها، بينما لا يجيز لها أن تفعل ذلك. والحقيقة أنه يتوجب تجريم القتل وحفظ النفس، سواء للرجل أو المرأة، وهذه هي المهمة الأساس للقانون في أي بلد في العالم.
ثالثاً: تجد المرأة العربية التي توفي زوجها، أنها أصبحت تحت وصاية عائلة الزوج المتوفى، والكارثة هنا أنها لا تستطيع تقرير مصير أطفالها، لأنهم تحت ولاية عائلة الزوج وهم أبناء تلك العائلة، وعليه تظل رهينة لهم، بما في ذلك الوصاية على ميراثهم وأموالهم التي تركها لهم الأب المتوفى.
ثمة أمثلة كثيرة على حقوق منقوصة للمرأة في بلادنا العربية ولا يتسع هذا المقال لسردها، ولكن يجب أن نعترف بها، وهذه كلها لم تكن نتيجة الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، بل إنَّ هذه الانتهاكات تتناقض مع النصوص الدينية والوصايا النبوية، كما أن الدعوة لمنح المرأة حقوقها، لا يعني مطلقاً تغريب المجتمع، أو دفعه نحو الانحلال كما يتخيل بعض السطحيين، إذ لا علاقة بين هذا وذاك مطلقاً.