- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
محمد عبدالمجيد يكتب : رسالة عشق لميدان
محمد عبدالمجيد يكتب : رسالة عشق لميدان
- 5 مايو 2021, 2:12:02 م
- 798
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ثورة 25 يناير هي الطــُـهر حتى لو تدنس جزء منه، وهي الفضيلة ولو خرج منها بعض العهر، وهي التمرد ضد الطاغية اللعين ولو انفصل عنها ( إحنا آسفين يا ريس )، وهي شباب ثار على ما صمت عليه آباؤهم، وهي روح وطن كادت تخرج منه جراء خرس جمعي لثلاثة عقود.
ثورة 25 يناير هي الأيام التي رفعنا فيها رؤوسنا، وتنفسنا الحياة الحرة، وأثبتنا للعالم أن أم الدنيا لا تلطم وجهها، إنما تصفع مستبديها.
ثورة 25 يناير هي الحب المصري الخالص الذي جعل رؤساء وزعماء وثواراً ومفكرين ومثقفين في الدنيا بأسرها يقفون مشدوهين أمام بناة الأهرامات الجدد الذين افترشوا جوانب الدبابات، وتقاسموا الطعام، وتساوت الفتاة بالفتىَ، وارتعشت كلاب نهشت لحوم آبائهم لثلاثين عاماً، فجاء الأبناء يحملون مشاعل الحرية قبل سرقتها منهم.
ثورة 25 يناير لا علاقة لها باخوان أو عسكر أو شرطة أو فنانين أو إعلاميين، إلا قلة قليلة، فهي لحظات من التاريخ تكتبها السماء على الأرض.
ثورة 25 يناير قدمت أغلى فلذات كبد الأم المصرية، ووعدهم الأب المصري أن يحافظ على دمائهم الـطاهرة، فلما رفعهم الله إليه لينهلوا من جنته ورحمته، انقلبنا عليهم وقلنا بأنهم متآمرون أو .. مسحورون بـمــتآمرين.
ثورة 25 يناير هي أيام رقص فيها أبناؤنا وشبابنا، وغنوا، وبأصواتهم الجميلة رفضوا في ألحانهم أن ( يمشوا قبل أنْ يمشي )، فكان لهم ما أرادوا.
ثورة 25 يناير مَدرسة تعلم فيها العالم لعدة أيام مختصر تاريخ خمسة آلاف عام، فجاء الأوغاد يمزقون الصفحات القليلة النظيفة و.. الطاهرة.
ثورة 25 يناير ستظل، حتى لو انفض عنها أكثر الثوار، أو كبروا، أو ترهلوا، أو تأخونوا، أو تطنطنوا، أو دخلوا في قفص السياسة العفن، فهم الدليل الوحيد الذي يثبت أن التحنيط لم يكن أبدياً، وأن وادي الملوك انتقل إلى ميدان التحرير بكل ذرة تراب فيه.
ثورة 25 يناير هي قصيدة غزل في أمة ووطن وشعب بعنصر واحد، لكن الأنذال جعلوها قصيدة هجاء أو ( أنا أو الفوضى!).
ثورة 25 يناير انصهرت فيها الكنيسة بالمسجد، وأصبح مينا خالداً وأضحى بشاي محمداً، ولم نعد نميز طوال عدة أيام بين جرس المسجد(!) وأذان الكنيسة (!).
ثورة 25 يناير انتصارُ غضب الأبناء على ترهل الآباء، وهي ثورة أو تظاهرة أو تمرد أو عفوية أو أي اسم آخر، لا يهم رونقه وصداه، لكنها وطن في ميدان، وبراعــم تتفتح على أرض ظلت لثلاثة عقود تمتص أحزانها ولا تشكو مواجعها، خوفا أو خشية أو جبنا أو عجزاً!
ثورة 25 يناير لم تكن مؤامرة كما كان يردد ببغاوات الإعلام، إنما كانت تصدياً لمؤامرات أو خدع أو مصائد.
يلعنونها، ويسلطون عليها مصــَّــاصي الدماء في ماسبيرو، ويحبسونها، ويسجنونها، ويعتقلون مفجــِّـريها في زنازين كانت محجوزة لمبارك وولديه وحبيب العادلي وأحمد نظيف وأحمد فتحي سرور وصفوت الشريف وأحمد عز وحسين سالم وكل لصوص وحيتان وشياطين العهد الأغبر!
ثورة 25 يناير ولو سرقوا كل جزء منها، واتهموها أنها مطبوخة في الغرب، ومصنوعة في واشنطون، ومعجونة في دول أخرى، ومحروسة من أعداء مصر، ستظل هي الرسالة السماوية بغير نبي، والكتب المقدسة في خيام الميدان.
أخرس اللهُ لاعنيها، وقطع ألسن مبغضيها، وغضب على الذين اتهموها ظلما وزورا وبغيا بغير حق، فالشرفاء منا ينايريون ولو احتضنهم يونيو و.. عانقهم يوليو!
ثورة 25 يناير كانت رسالة من السماء، قتل فيها الجهل والحقد والتشكيك مرسليها، واتهموهم بأنهم أعداء وطن رغم أن السماء لا ترسل للأرض أعداءها.
ثورة 25 يناير رغم أنف كل منــِّـا هي قلـْـبُ تاريخ وأحشاؤه وروحه وعبقريته وبراعمه وشهداؤه!
ثورة 25 يناير مغضوب عليها لأنها كشفت سوءاتنا وعوراتنا وضعفـَـنا ومهانتـَـنا وسكوننا وصمتنا، فقررنا وأدَها، وتركنا للسلطة الرابعة نهشها، وللسلطة القضائية كتمَ أنفاسِها، وللسلطة التنفيذية حرية اعطاء الضوء الأخضر لمغتصبي أبنائنا.
من كان لديه ذرة شك في قضية دافع عنها شهداؤنا فليبحث له عن أسياد ولصوص وأوغاد جُدد يُعيدون تعليمه مباديء العبودية.
قلبي مفعم بأجمل قصة حب في ميدان ارتفع لعنان السماء، فخسف به كلاب الطاغية الأرض.
إذا أردت أن تكفر بالله وبالوطن وبالضمير وبمصر فقل عنها: وكسة يناير؛ فأنت حينئذ أقل قيمة من ذرة تراب مشى فوقها شهيد قبل رفعه إلى السماء.
لو غضب مئة مليون من المصريين على ثورة 25 يناير فيشرفني ويسعدني ويثلج صدري أن أكون العاشق الوحيدَ لها، تماما كما كتبت من قبل أنه لو اعترف 400 مليون عربي بالكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وانتقلت جامعة الدول العربية إلى تل أبيب، فسأكون العدو الوحيد لكيان الاحتلال.
يا شهداء الميدان ومعتـَـقَلي الثورة، لن أنساكم ما حييت!
يا أحبابنا الذين فقأ الأوغاد عيونكم الجميلة، ستظهر لكم في الجنة عيون جديدة، خلقها العلي القدير خصيصا للينايريين!
إذا سمعت أحدهم يقول عنها وكسة يناير، فابحث عن اسمه في لوحة شرف الجواسيس بمقر الموساد!