- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
محمد عبد المجيد يكتب : إسكندريتي
محمد عبد المجيد يكتب : إسكندريتي
- 19 مايو 2021, 10:03:10 ص
- 713
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
خلق الله القدمين للإنسان لكي يسير بهما، وللمصري لكي يركب بهما المواصلات!
ينتظر المصري نصف ساعة لكي يركب ميكروباص لخمس دقائق، وينتظر الأتوبيس ساعة ليذهب لمدرسته أو كليته أو معهده على مسافة ثلاث محطات.
التوكتوك صورة قبيحة مستوردة من الهند وغير مناسبة أو لائقة للمجتمع المصري، رغم أن الهند حققت تقدما يزيد عشرة أضعاف التقدم الذي حققته مصر، لكن لكل مجتمع خصوصياته.
ارتبك الشارع المصري فأصبحت القمامة من نصيب الرصيف، والشارع مقسم إلى أربعة أقسام، سيارة صف أول يصعد نصفها على الرصيف، سيارة صف ثان، ثم الصف الثالث التي يتركها صاحبها لتربك حركة المرور.
في الناحية الأخرى هناك صفان متجاوران من السيارات ليصبح الطريق في النهاية صالحاً لمرور سيارة واحدة، ذاهبة أو قادمة!
محافظ الاسكندرية مشغول عن مدينته بأشياء أخرى، والعقلية المصرية المرورية ينبغي أن يتم دفنها في معبد الكرنك أو أبو سنبل أو وادي الملوك.
الناس تتحرك بين السيارات كأنها في سيرك محمد الحلو، والأولوية لراكب السيارة خلافا لكل دول الدنيا!
المصري يقضي ربع عُمره في المواصلات، راكبا أو منتظراً، وهو لا يفعل شيئاً في السيارة غير التفكير في الوصول بعد الموعد بساعة، فيحمد الله، أو بساعتين فيشكره، سبحانه وتعالى.
لا مكان للمشاة فالمواطن ينظر يمينا وشمالاً حتى يلتقط مسافة بين سيارتين في ثانيتين ليكتب لنفسه عُمراً جديداً.
كارثة المواصلات آخر اهتمامات المحافظ والمسؤولين والناس، وكل طفل يمر وهو يمسك بيد أبيه أو أمه يبدأ حياة جديدة.إسكندريتي الجميلة التي عشقها كلود فرانسوا وجورج موستاكي ونانا موسكوري وأحمد فؤاد ن
ويوسف شاهين وابراهيم عبد المجيد وداود عبد السيد والبابا كيرلس تختفي الآن بين حرب الأسفلت وأكوام القمامة، بين سرقة البحرالمحافظ رفع يده،
والدولة قررت التضحية بالعاصمة الثانية، والمؤمنون في المساجد والكنائس يتنفسون هواء ملوثا وهم يقرأون الكتب المقدسة، ومكبرات الصوت لا تختلف عن داعش في تهجير المواطنين، والبلادة تهيمن على الجميع
صليـّـت العيد في الشارع مع الجماعة السلفية المتخلفة لأنني وصلت متأخراً فلم أجد غيرها، واستمعت إلى آيات الله البينات ورائحة القمامة تزكم أنفي!
حزين .. حزين .. حزين، فاسكندريتي محتلة من السلفيين ومكبرات الصوت وجبال القمامة وسيارات ملتصقة ببعضها والأزرق الكبير اختفى خلف مافيا الشواطيء!
كنت في الاسكندرية فبحثت عنها ولم أجدها، أعني لم أتعرف عليها.
تحدثت مع كريم الطالب في كلية الآداب والذي يبيع الكتب في مكتبة صغيرة فقال لي إنه لم يقرأ كتابا واحدا في حياته!
تجولت في مدينتي صانعة الثقافة المتوسطية، وعاشقة ضيوفها، وملهمة فنانيها، فرأيت دموعها تتساقط على وجهها الذي كان جميلا!
تأملت في فن العمارة فإذا به قد أصبح علامات الموت في أبراج آيلة للسقوط!
محافظ الاسكندرية تجوسق فنسي وظيفته.
شاهدت فيلم الصعاليك منذ ثلاثين عاماً، لكنني هذه المرة شاهدت وقائعه حيـّـة بكل تفاصيلها.
كنت مؤمنا بأن من لا يحب الاسكندرية فهو لا يحب مصر، أما بعد زيارتي هذه المرة فقد أجد له بعض العــُــذر!
أيها القتلة، ماذا فعلتم بحبنا الكبير؟
من الطابق العاشر في بيتنا بآخر طريق جمال عبد الناصر بالمندرة في مدينة الإسكندر المقدوني جحظت عيناي دهشة وتعجباً
من قدرة الأسفلت على تحمل سيارات ملتصقة ببعضها ويزعم أصحابها أنها تسير،
وكلاكسات تنبعث، وتنشر غضبها على أطفال ومسنين ومرضي يبحثون عن دقيقة واحدة يزور النوم فيها أعينهم!
الضوضاء درجة من درجات الإرهاب والاعتداء على الآخرين!
الضوضاء مقياس للتحضر!
الضوضاء قد تكون المسبّب الأول للزهايمر المصري، فهي لا تصيب الأذن فقط، إنما تخترق الجمجمة وتعبث بموطن الذاكرة فيها.
الضوضاء جريمة بكل المعايير.
الضوضاء تسبب الإعاقة الذهنية ولو بعد حين!