- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
مزهر الساعدي يكتب: القضاء على المقاومة الفلسطينية: خداع إسرائيل لذاتها
مزهر الساعدي يكتب: القضاء على المقاومة الفلسطينية: خداع إسرائيل لذاتها
- 29 يوليو 2023, 5:48:54 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الإسرائيليون يحاولون بمختلف الوسائل والطرق تصفية القضية الفلسطينية، منذ ثلاثة أرباع القرن، من دون أن يتمكنوا من الوصول إلى هذا الهدف. والسبب أن هناك شعبا يناضل بقوة وتضحية لا حدود لها، من أجل حياة آمنة ومستقرة في وطن محدد ومُعرف على ضوء القانون الدولي، أي قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على أرض فلسطين، أو لجهة الواقع الدولي والعربي والفلسطيني على الضفة الغربية والقطاع، في أقل تقدير.
الإسرائيليون يخطئون تماما؛ حين يتوهمون أن في إمكانهم وقدرتهم أن يصفوا قضية الشعب الفلسطيني، وهي قضية الشعب العربي كله
الإسرائيليون يخطئون تماما؛ حين يتوهمون أن في إمكانهم وقدرتهم أن يصفوا قضية الشعب الفلسطيني، وهي قضية الشعب العربي كله، إن السياسة الإسرائيلية هذه لا تقتصر كما يتوهم البعض؛ على اليمين الإسرائيلي العنصري المتطرف، الذي يحكم الآن دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل هي سياسة إسرائيلية، سواء كان على رأس الحكومة يمين متطرف أو يسار أو حتى أقصى اليسار؛ فسياسة التصفية للقضية الفلسطينية هي ذاتها من دون تغيير في الهدف النهائي، ألا وهو إنهاء ملف دولة فلسطين. الاختلاف فقط في الطريقة والوسيلة والزمن. لنترك جانبا سنوات النضال الفلسطيني والعربي، التي سبقت اتفاقات أوسلو؛ وقبل أن نبدأ من التاريخ الذي توالى بعد اتفاقات أوسلو؛ الذي فيه وفي سنواته تواصل نضال الفلسطينيين بقوة وبوسائل مختلفة، حسب الظروف الإقليمية والدولية، وظروف واقع أرض فلسطين، وبقدرات فلسطينية ذاتية، قبل هذا التاريخ، أي قبل اتفاقات أوسلو بست سنوات؛ في سنة 1987 تفجرت انتفاضة فلسطين الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي واستمرت عدة سنوات، وكانت تحظى بدعم من السلطة الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات، ودعم عربي آخر؛ وهو دعم لا محدود، ما جعلها؛ سببا في إحداث هزات عنيفة ومستمرة ومتواصلة أدت لقض مضاجع المستوطنين ودولة الاحتلال الإسرائيلي، ثم بعد إبرام اتفاقات أوسلو بسنوات، أي نهاية عام 2002 تجددت الانتفاضة، وكانت أعنف وأقوى تأثيرا من الانتفاضة الأولى، إذ تفجرت بعد فشل المفاوضات بين السلطة الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، برعاية أمريكا حين كان رئيس الإدارة الأمريكية في حينها بيل كلينتون، لم تنته بأي نتيجة تذكر وفشلت تماما. دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما حدث قبل عدة أسابيع، اقتحمت مخيم جنين وقتلت ودمرت، لكن مقاومة سكان جنين لم تهدأ، واستمرت جذوة الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي مستعرة.. وفي عام 2022 قامت إسرائيل أيضا باقتحام مخيم جنين ومدينة جنين؛ بعملية سمتها «كاسر الأمواج».. وفي 3 يوليو الجاري، توغلت قوة إسرائيلية نخبوية في مدينة جنين ومخيم جنين؛ وقتلت نساء وأطفالا وشيوخا وقامت بتدمير البنى التحتية، وأجبرت السكان على النزوح، لتنسحب بعد يومين. وقد واجهت مقاومة شرسة من مناضلي فلسطين، لكنها كما غيرها من هذه الاقتحامات لم تحقق أيا من أهدافها، هذه العمليات دوافعها القضاء على نضال الفلسطينيين، إلا أن النضال الفلسطيني استمر بقوة وبلا توقف، وبمختلف وسائل الكفاح والنضال المتاحة، فالشعب الفلسطيني المقاوم يبتكر طرقا ووسائل وأدوات للنضال، ويتغلب على الظروف غير الملائمة، وعليه ليس أمام إسرائيل إلا التسليم بحق الفلسطينيين بدولة ذات سيادة كاملة، والنزول من أبراجهم المعتمدة في ارتفاعها وتثبيتها على ركائز الإمبريالية الأمريكية والغربية، في مواجهة رياح المقاومة الفلسطينية العاتية والمستمرة بلا توقف، إلى أن يحين الحين ويحق الحق.. ويحقق المناضلون دولتهم على تراب أرضهم في الضفة الغربية والقطاع.. اللافت في بعض المقالات القليلة جدا، التي كتبت بأقلام عربية وفلسطينية؛ تعول كثيرا جدا على الرباعية الدولية التي تشارك فيها روسيا، إضافة إلى أمريكا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. صحيح أن للنشاط السياسي والدبلوماسي أهمية كبيرة جدا، إنما لن يكون هذا النشاط؛ بديلا عن نضال الشعب الفلسطيني ووحدة الشعب الفلسطيني، وحدة حقيقية لها وجود وفاعلية على أرض الواقع، وفعل ونضال وجهاد منتج.. وفي المقدمة أن تتوقف السلطة الفلسطينية عن التعاون والتنسيق الأمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ وتضعها أمام واقع جديد، وتحملها مسؤولية الأمن على أراضي الضفة الغربية.. مع استمرار وتيرة الكفاح والنضال والجهاد من أجل قضية شرعية وقانونية. هذه العملية إذا ما قيض لها الوجود والنجاح فإنها سوف تضع دولة إسرائيل المحتلة ومعها المجتمع الدولي والإقليمي والعربي أمام واقع جديد؛ ما يدفع جميع هذه الأطراف إلى جدية النقاش والبحث عن حلول لقضية شعب لا يريد إلا حقه في الحياة، وحسبما أقرته قرارات الشرعية الدولية.. من دون هذه الوحدة واقعا، لن يكون هناك اهتمام دولي جدي في البحث عن مخارج واقعية لحل الصراع العربي الإسرائيلي وهنا أؤكد العربي الإسرائيلي، وليس حسبما يروق للبعض في وصفه بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مخالفة لواقع هذا الصراع لجهة أبعاده الاستراتيجية، إضافة إلى تعويل بعض مقالات الكتاب على الرباعية الدولية فإنها أيضا؛ تبني أحلاما أو رؤى وقراءات مفادها أن العالم المتعدد الأقطاب المرتقب، وبالذات روسيا والصين؛ سيكون لهما موقف داعم ومساند للقضية الفلسطينية. هذه القراءة صحيحة جدا؛ إذا أجبرت هذه القوى الدولية، وأقصد هنا روسيا والصين على أن تقفا إلى جانب الحق الفلسطيني وهذا لن يكون له وجود إلا في حالة وحدة نضال وكفاح شعب فلسطين أولا، وثانيا الدعم العربي لهذا النضال، واستخدام الإمكانات العربية وقدراتها الاقتصادية والتجارية وغيرهما؛ في علاقتها بالقوى الدولية على جميع الصعد؛ وانتزاع موقف داعم وجدي ومنتج منها، وعلى ضوء ومقتضيات القانون الدولي في تطبيق شرعيته، ولو في عالم متعدد الأقطاب في الزمن القريب المقبل. فإذا كان هناك موقف عربي وفلسطيني متماسك وقوي يستند إلى أرض صلبة؛ في أخذ مصالح العرب وفلسطين في أولها، بل في مقدمتها، والتي لا يجوز اعتبارها معبرا أو جسرا للمصالح الأخرى، بل أن تكون وسادة تتكئ عليها مصالح فلسطين والعرب معا في أي علاقة اقتصادية وتجارية، مع الدولتين الصين وروسيا؛ لإجبارهما أن يأخذا في الاعتبار مصالح العرب وفلسطين في أي علاقة أو مقايضة مع الدول العظمى والكبرى الأخرى، مستقبلا.. أما بخلاف هذا؛ فإن نضال وجهاد الشعب الفلسطيني والعربي؛ سوف يستغرق زمنا لتحقيق أهدافه في دولة ذات سيادة كاملة. الصين ترتبط مع (إسرائيل) بعلاقات اقتصادية وتجارية وتكنولوجية واستثمارية واسعة وقوية، وفي الوقت عينه ترتبط بالعلاقات ذاتها مع الدول العربية، وأيضا بالعلاقات نفسها ولكن أوسع وأعمق مع امريكا، وايضا روسيا مع الجانبين العربي والإسرائيلي. السؤال هنا ما الذي يمنع في غياب موقف عربي داعم، دعما عضويا كاملا؛ لقضية فلسطين؛ المقايضة بين هذه الأطراف جميعها في إبرام صفقة تبادلية للمنفعة، على حساب شعب فلسطين وحقه القانوني في الحياة والأمن في دولة يحمل هويتها كهوية وطنية ثابتة ومستقرة، عندما تتغير مستقبلا؛ البيئة السياسية في الوطن العربي وجواره؟ الإجابة وبكل تأكيد، وحسب قراءتي للوضع العربي والإقليمي والدولي، ولسياسة السلطة الفلسطينية تحديدا، وليس الشعب الفلسطيني وقواه المناضلة والمجاهدة والحية؛ ليس هناك من مانع! في إنهاء ملف إقامة دولة فلسطين بطريقة قانونية؛ باتفاق جميع هذه الأطراف، سواء العربية أو الإقليمية، أو السلطة الفلسطينية التي تحل محل السلطة الحالية في تغير دراماتيكي مستقبلي. ملاحظة لا بد منها في هذا المسار التحليلي؛ أن الفلسطينيين والمناضلين الشرفاء من الشعوب العربية في الوطن العربي، الذين ناضلوا تحت مختلف الظروف وطيلة أكثر من ثلاثة ارباع القرن؛ سوف يستمرون في هذا الكفاح والجهاد حتى ولو بقدراتهم الذاتية، كما هو حاصل قبل سنوات وإلى الآن؛ حتى يحققوا إرادتهم في الحياة الإنسانية في دولة ذات سيادة كاملة.. وحتى تحرير الشعوب العربية من استبداد النظام الرسمي العربي في تزامن وترابط وتواؤم للملازمة الحاكمة للنضالين الفلسطيني والعربي في التحرير والحرية والحياة الأفضل..