معن بشور يكتب: لكي تستحق القمة العربية اسمها

profile
معن بشور مفكر وكاتب سياسي لبناني، الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي
  • clock 3 مارس 2025, 2:06:10 م
  • eye 48
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

قلة قليلة من أبناء الامة العربية  هم المتفائلون بإمكانية صدور قرارات جريئة عن القمة العربية في القاهرة في الرابع من آذار/مارس الحالي، لا سيما ان تجربة الامة مع نظامها الرسمي العربي لم تكن أبداً مشجعة خصوصاً في المفاصل التاريخية التي تمر بها الامة ، وخصوصاً ما ظهر من خذلان وتواطؤ خلال ملحمة " طوفان الأقصى"..


لكن هناك من يقول ان ظروف اليوم هي غير ظروف  الامس، لا سيّما وان المشروع الصهيو – امريكي قد كشر عن انيابه واعلن تهديده صراحة لدول رئيسية في المنطقة كمصر والأردن وصولاً الى المملكة العربية السعودية ، وخاصة بعد أن صدرت تصريحات من المسؤولين الكبار في هذه الدول العربية ترفض مقترحات ترامب بتهجير الفلسطينيين وتوطينهم في هذه الدول...


لذلك اعتقد ان من واجب كل مواطن عربي ان يطمح الى ان يرى ترجمة لهذه التصريحات الى مواقف عملية يمكن اتخاذها للضغط على حلف قوى الإبادة الجماعية في غزة وجنوب لبنان... رغم ان الأمل بإمكانية التجاوب الرسمي العربي مع مطالب الامة  ضئيل جداً لأن الضغوط الأميركية والغربية على هذه الحكومات لا تجد ضغوطاً مقابلة لها من قبل الحركة الشعبية العربية المدعوة ، هي الاخرى، الى مراجعة  اوضاعها لتتحول الى قوة مؤثرة فعلاً في القرار العربي العام...


طبعاً لا اعتقد ان أحداً من أبناء الأمة يتطلع الى دعوة الدول العربية الى خوض حرب دفاعية ضد الكيان الصهيوني ، لكن ما من مواطن عربي إلاّ ويدرك ان في مقدور حكوماتنا ان تتخذ قرارات ذات طابع سياسي  واقتصادي واعلامي وقضائي يمكن لها ان تشكل ضغطاً حقيقياً على العدو الصهيوني وداعميه للتراجع عن مخططات التهجير والتوطين والتطبيع وحروب الإبادة الجماعية.
أول هذه المطالب هو الغاء اتفاقيات التطبيع المعقودة بين بعض الحكومات والعدو الصهيوني، بدءا ًمن " كامب ديفيد الى أوسلو ووادي عربة واتفاقات السلام الابراهيمي " ، فمثل هذا الإلغاء أو حتى التلويح به يمكن ان يشكل ضغطاً شديداً على تل ابيب وواشنطن لردعهما عن جرائمهما الابادية بحق شعب فلسطين ولبنان لا سيّما لاجباره العدو على الالتزام باتفاقيات وقف النار في غزة وجنوب لبنان والتي يبدو ان العدو مصمم على انتهاكها متجاهلاً كل الالتزامات والضمانات الدولية المتصلة بها .


ثاني هذه المطالب هو تفعيل حركة المقاطعة العربية والإسلامية للعدو وداعميه، وهو امر لا يحتاج الى اكثر  من قرارات تفعّل قوانين المقاطعة المتخذة باجماع عربي منذ خمسينات القرن الماضي وإعادة فتح مكاتب المقاطعة في العواصم العربية في مواجهة كل متعاون مع العدو الصهيوني او مشارك في عدوانه.. لا سيّما ان المقاطعة الشعبية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وحتى الدولية قد أثبتت فعاليتها وإن شركات أجنبية عديدة باتت تشكو من اثار هذه المقاطعة...


وبالطبع إن قيام الحكومات بواجبها لا يعفي الشعوب أيضاً من تشكيل أو تفعيل لجان المقاطعة الشعبية في كل اقطار الامة واعتماد كافة الوسائل لتعميم الدعوة الى المقاطعة .
ثالث المطالب من الحكومات العربية ان تسعى لتنقية العلاقات بين اقطار الامة وداخل  كل قطر، ومحاصرة كل الممارسات والدعوات والخطابات ذات الطابع الطائفي والمذهبي والعرقي والعودة لإعلاء شأن الرابطة الوطنية داخل كل قطر، ورابطة العروبة على مستوى الامة.


وفي هذا الاطار لا بد من تحرير السجون والمعتقلات العربية من كل معتقل سياسي غير ملوثة يداه بالدم..


كما المطلوب تنقية العلاقات وتكاملها بين الأقطار العربية ودول الجوار الإقليمي في ايران وتركيا ودول افريقية مجاورة على طريق بناء إقليم كبير يستطيع ان يلعب دوراً هاماً في  السياسة والامن والاقتصاد في المنطقة والعالم.


المطلب الرابع هو تبني النظام الرسمي العربي لحركة المقاومة في فلسطين ولبنان ورفض كل محاولات عزل قوى المقاومة وشيطنتها ومحاصرتها خصوصاً إنها قوة للامة لا يستهان بها، وانها اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو المتمادي في ارهابه ووحشيته ومطامعه .


المطلب الخامس والسريع هو اتخاذ قرارات بإعمار غزة ، ولبنان  دون أي شروط مسبقة خاصة تلك التي تتصل بتقييد حركة المقاومة التي أصبحت رقماً صعباً في معادلة الصراع في الامة.. اذ لا يجوز ان يكون الاعمار وسيلة ابتزاز سياسي للبلدان والمجتمات المنكوبة..


المطلب السادس متابعة المسارات القضائية الراهنة سواء في محكمة العدل الدولية او المحكمة الجنائية الدولية والتفاعل مع دول "تجمع لاهاي" التسع التي اخذت على عاتقها الضغط لتفعيل هذه المسارات، بالإضافة الى ملاحقة العدو وداعميه لتحمل مسؤولياتهم في إعادة اعمار ما تهدم في غزة ولبنان على يد العدوان الصهيوني وبالسلاح الأميركي والاوروبي.


المطلب السابع هو السعي الجدي لتحقيق تكامل وطني فلسطيني بين الفعل المقاوم والعمل السياسي والدبلوماسي، لكون المقاومة هي القوة التي يستند اليها العمل السياسي الفلسطيني ، ولكون العمل الديبلوماسي الفلسطيني من شأنه ان يؤدي الى نتائج لصالح المقاومة وأهلها..


المطلب الثامن هو الوقوف الى جانب الجزائر بوجه التهديدات الفرنسية المشحونة بلغة الاستعمار والعنصرية ، خصوصاً  بعد  الدور الهام الذي لعبته وتلعبه الجزائر على صعيد مجلس الامن الدولي والاتحاد الافريقي.


المطلب التاسع هو وضع خطة لحماية سورية من التوسع العدواني الصهيوني، ومقاومة التدخل الصهيوني في الشأن الداخلي السوري عبر إثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والعرقية، والعمل على دعم كل الجهود الرامية من اجل ان تكون سورية لكل السوريين بعيداً عن  كل عمليات الانتقام والبقاء اسرى صراعات الماضي.


المطلب العاشر هو السعي لتشكيل تحالف عالمي بين الدول العربية والإسلامية والصديقة للتصدي لكل المطامع الصهيونية والاستعمارية في بلادنا والعالم.


ان هذه المطالب الملحة يمكن ان تشكل برنامج عمل لقمة عربية اذا كان أركانها مستعدين للتفاعل مع إرادة الشعوب والتعويض عن كل تقصير او خذلان او تواطؤ أصاب مواقف  البعض من هؤلاء الحكام تجاه ما تعرضت له غزة ولبنان من حروب إبادة  وتطهير عرقي.
بل ان التجاوب مع هذه المطالب  من شأنه ان يجعل القمة العربية تستحق اسمها كهيئة تقود الامة نحو التحرير والوحدة والحرية .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)