- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
معهد واشنطن: بن سلمان أثبت قدرة بدبلوماسية الأسرى في حرب أوكرانيا
معهد واشنطن: بن سلمان أثبت قدرة بدبلوماسية الأسرى في حرب أوكرانيا
- 23 ديسمبر 2022, 12:28:12 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" أثبت قدرته على التوسط في بعض الخلافات الأمريكية – الروسية، إذا طُلب منه ذلك".. هكذا خلص تقرير لـ"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، متحدثا عن الدبلوماسية السعودية لتبادل الأسرى خلال الحرب الروسية الأوكرانية.
في 8 ديسمبر/كانون الأول، أجرت واشنطن وموسكو عملية تبادل أسرى أُعيدت فيها نجمة الاتحاد الوطني لكرة السلة النسائية الأمريكية "بريتني جرينر" إلى الولايات المتحدة، مقابل إعادة تاجر الأسلحة الروسي "فيكتور بوت".
وكانت "جرينر" محتجزة منذ فبراير/شباط لارتكابها جنحة بسيطة متعلقة بالمخدرات، أما "بوت" فقد قضى فترة حُكم طويلة تزيد عن عقدٍ من الزمن أصدرتها بحقه الولايات المتحدة بسبب تُهم الإرهاب والتآمر وتهريب الأسلحة.
وبعد عملية التبادل، أصدرت السعودية والإمارات بياناً مشتركاً أشارتا فيه إلى أن إطلاق سراح "جرينر" تم بوساطة كلٍ من قيادتيهما على التوالي، أي ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" والرئيس "محمد بن زايد"، لكن سرعان ما دحض البيت الأبيض هذا القول؛ مما أثار تساؤلات حول ما حدث بالفعل.
ووفق التقرير، شكلت رواية الرياض حول المفاوضات المتعلقة بالأسرى أحدث محاولاتها للاستفادة من شراكتها المتزامنة مع كلٍ من واشنطن وموسكو نحو تحقيق هدف أوسع نطاقاً؛ وهو الانخراط في الدبلوماسية المحيطة بحرب أوكرانيا.
ويضيف التقرير: "طوال فترة النزاع، حاول بن سلمان تحقيق التوازن بين هذه العلاقات، وإبقاء خطوط الاتصال مفتوحة مع روسيا وأوكرانيا والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة دعماً لكييف".
ويلفت إلى أنه "خلال المكالمات الهاتفية التي أجراها بن سلمان مع (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين و(الرئيس الأوكراني) فولوديمير زيلينسكي بعد أسبوع واحد فقط من الغزو الروسي، عرض التوسط بين البلدين، وكرر هذا العرض في عدة مكالمات منذ ذلك الحين".
وعلى الرغم من أن فرص السعوديين ضئيلة للتوسط في خفض التصعيد على نطاق أوسع في أي في وقت قريب، إلّا أن "بن سلمان" نجح في دبلوماسية الأسرى.
وحسب التقرير، فإنه بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول، شارك شخصياً في محادثات سرية تعلقت بالإفراج عن 10 أسرى حرب محتجزين في روسيا، من بينهم أمريكيان.
وبعد أشهرٍ من المفاوضات السرية بينه وبين الأوليجاركي الروسي "رومان أبراموفيتش"، والنائب البرلماني الأوكراني "رستم أوميروف"، تم إرسال هؤلاء الأسرى إلى الرياض ثم عادوا إلى بلدانهم على متن طائرة خاصة.
وكان هذا الإطار السري مرتبطاً بمسار تفاوضي منفصل بوساطة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان".
ولم يركّز مسار الرياض سوى على إطلاق سراح الأسرى من المقاتلين الأجانب، بينما شمل مسار أنقرة أنواعاً أخرى من الأسرى.
وتم تنفيذ كلا الاتفاقيتين في 21 سبتمبر/أيلول، حيث أطلقت أوكرانيا إجمالا سراح 55 سجيناً، بينما أفرجت روسيا عن 215.
ويتابع التقرير: "لقد أكسبت جهود الوساطة هذه رسائل شكر لبن سلمان من بوتين ومسؤولين غربيين مختلفين، من بينهم زيلينسكي، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان".
وعندما سُئل وزير الخارجية السعودي الأمير "فيصل بن فرحان"، عما إذا كان الأمير "بن سلمان" قد شارك في المفاوضات كوسيلة لتحسين سمعته في واشنطن وعواصم أخرى، أجاب: "هذا الأمر لم يؤخذ في الاعتبار.. أعتقد أن هذه نظرة متهكمة للغاية".
وأضاف أن الأمير "استطاع إقناع بوتين بأن هذه لفتة إنسانية".
وبغض النظر عن دوافع ولي العهد السعودي، والحديث لتقرير معهد واشنطن، أظهرت الوساطة الناجحة للسجناء أن علاقاته مع جميع الأطراف يمكن أن تؤتي ثمارها في مفاوضات عالية المخاطر، وفي غضون ذلك تعزز مكانته الدبلوماسية.
وعندما تم إطلاق سراح "جرينر" من الأسر الروسي، أشار البيان المشترك للرياض وأبوظبي إلى أن "نجاح جهود الوساطة كان انعكاساً للصداقة المتبادلة والوثيقة" التي تشترك فيها الدولتان مع الولايات المتحدة وروسيا، ليبقى السؤال: "ما هو النطاق الفعلي لجهودهما؟".
يقول التقرير إنه "لا شك في أن الإمارات ساعدت في مرحلة التنفيذ، فقد تمت عملية التبادل التي جرت في 8 ديسمبر/ كانون الأول في قاعدة جوية في أبوظبي".
بالإضافة إلى ذلك، أشارت بعض التقارير إلى أن "بن زايد" أثار قضية "جرينر" عندما اجتمع مع "بوتين" في سانت بطرسبرغ في 11 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن تشاور المسؤولون الإماراتيون مع إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" مسبقاً.
أما انخراط الرياض فيُعَدّ أقل وضوحاً، فقد صرّح وزير الخارجية السعودي بأن "بن سلمان تدخل شخصياً لتسهيل عملية الإفراج" عن "جرينر"، لكن التصريحات الأمريكية ألقت بظلال من الشك على هذا الدور.
وبينما كان المسؤولون السعوديون حاضرين في عملية تبادل "جرينر" في أبوظبي، إلّا أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل أخرى حول دور المملكة في تنفيذ المقايضة.
وعلى عكس "بن زايد"، لم يجتمع "بن سلمان" مع "بوتين" شخصياً منذ بداية حرب أوكرانيا.
وفي غضون ذلك، عندما سُئلت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض "كارين جان-بيير" عن مشاركة (بعض دول) الخليج في الاتفاق، قالت للمراسلين: "الدولتان الوحيدتان اللتان تفاوضتا على هذا الاتفاق هما الولايات المتحدة وروسيا (...) لم تكن هناك حاجة إلى الوساطة".
وبالمثل، لم تذكر التغطية الإعلامية الأمريكية للمفاوضات أي دور سعودي أو إماراتي باستثناء استضافة أبوظبي عملية المبادلة نفسها، وزيارة "بن زايد" لروسيا.
وجوهرياً، صوّرت إدارة "بايدن" انخراط الرياض في إطلاق سراح "جرينر" على أنه أقل أهمية من دورها في عملية إطلاق سراح الأسرى التي جرت في سبتمبر/أيلول، بينما وصف السعوديون أنفسهم كلاعبين أساسيين في كلا الصفقتين.
ويعلق تقرير معهد واشنطن على ذلك بالقول: "كما كان عليه الحال مع الخلافات السابقة بين السعودية والولايات المتحدة حول إنتاج الطاقة، والالتزامات الدفاعية، وقضايا حقوق الإنسان، يبدو أن إدارة بايدن والرياض عجزتا مرة أخرى عن الحفاظ على خصوصية خلافاتهما وسوء التفاهم بينهما أو لم تكونا راغبتين بذلك".
ويضيف: "لكن على الرغم من تصريحاتهما العلنية المتباينة بشأن إطلاق سراح جرينر والصعوبات الثنائية الأوسع نطاقاً التي تواجهانها، أثبت بن سلمان أن قنواته الدبلوماسية مع روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة يمكن أن تكون مفيدة في حل بعض المشاكل الشائكة مثل تبادل الأسرى".
ويتابع: "لا يزال ولي العهد السعودي، إلى جانب بن زايد وأردوغان، أحد قادة العالم القلائل الذين لديهم الرغبة وإمكانية الوصول اللازمتان لانتهاز الفرص الدبلوماسية المحدودة في حرب أوكرانيا".
ويستطرد التقرير: "هاتان السمتان، إلى جانب نهجه الطموح في السياسة الخارجية ورفضه الانحياز علناً إلى جانب أي طرف من أطراف النزاع، تساهم في جعله وسيطاً فعالاً محتملاً".
ويختتم التقرير بالتساؤل حول ما إذا كانت واشنطن ستحتاج إلى مساعدة "بن سلمان" (أو تريدها) في أي مفاوضات مستقبلية.