تكبير الخط تصغير الخط

بقلم: آفي بنيهو

1

الحدث الخطير هذا الأسبوع الذي تمثل بإطلاق "حزب الله" النار على صفد مثلما أيضاً على الأهداف المدنية التي اختيرت، ومستوى الدقة والمصابين، يشكل ارتفاعاً درجة ذا مغزى في التصعيد بشكل يلزم "كابينيت" الحرب والجيش تغيير إستراتيجية العمل في الحدود اللبنانية.

في الوضع الجديد الذي أملاه "حزب الله"، فإنه يلزم الجيش الإسرائيلي وإسرائيل بعدم إعطاء المزيد من المناعة والحماية لدولة لبنان أو لتمييزها عن "حزب الله" مثلما كان حتى الآن.

تماماً مثلما في غزة، فإن الثمن الجسيم سيدفعه أيضاً مواطنون لبنانيون أبرياء أُخذوا في أسر "حزب الله"، ودولة لبنان التي ستدفع الثمن بفقدان ذخائر إستراتيجية وبنى تحتية في الدولة. ليس في "حارتنا" مكان للضعف والوهن.

عملية إسرائيلية في لبنان، بإستراتيجية مختلفة عن تلك التي كانت متبعة حتى الآن، من شأنها أن تؤدي إلى حرب، المذهل فيها هو أن أحداً لا يريدها. لا نصر الله (الذي يأسف جداً على أنه دخل الحدث في 7 أكتوبر)، ولا مرسلوه الإيرانيون، الذين يفقدون معقلهم الجنوبي في قطاع غزة الذي بني على مدى السنين باستثمار عظيم ولا يريدون أن يفقدوا المعقل الشمالي؛ ولا الولايات المتحدة؛ ولا إسرائيل أيضاً. لكن يبدو أن هذه ستكون مرة أخرى "حرب اللامفر".

الجيش الإسرائيلي، الذي يستعد منذ أشهر في الشمال بشكل دفاعي، ويرد فقط على عمليات "حزب الله"، يتعين عليه أن ينتقل إلى إستراتيجية هجومية أكثر، على أمل أن تشجع هذه حسن نصر الله على الدفع قدماً باتفاق يمنع حرباً كبيرة وأليمة للجميع، تؤدي إلى انسحاب "حزب الله" شمالاً وتتيح إعادة عشرات آلاف النازحين من بلدات الشمال إلى بيوتهم.

إسرائيل كانت تفضل حرباً مع "حزب الله" بلبنان في موعد مختلف ومناسب لها، لكن الواقع يكون أحياناً أقوى من كل تخطيط.

تذكرت هذا الأسبوع مقابلة أجريتها مع رئيس الأركان الأسبق الفريق موشيه ليفي الراحل، بعد الانسحاب الأول لإسرائيل من لبنان. سألته: "هل يمكن القول إن لبنان الآن من خلفنا؟". فنظر موشيه ليفي إلي، ابتسم وأجاب: "لا يا بنيهو، لبنان يبقى شمالنا إلى الأبد، مع كل مشاكله وأزماته".

2

العملية البطولية لـ"الشاباك"، و"اليمام" والجيش لإنقاذ مخطوفين من قلب رفح هي بالفعل جريئة، نادرة وجديرة بكل ثناء وتصفيق. للمنفذين، للمخططين ولرجال الاستخبارات، وكذا للقيادة السياسية والعسكرية التي أخذت المخاطرة وأقرت التنفيذ. هذا الحديث كان يمكنه أن ينتهي بالفشل وبمصيبة كبيرة.

إلى جانب التصفيق المبرر، فإن مهمة إعادة المخطوفين إلى الديار هي الأصعب، الأثقل والأكثر إلحاحاً التي توجد هنا. أعرف أنه لا يوجد على ذلك إجماع كامل، وقد نجحوا هنا في أن يقسمونا بين "محبي النصر والأمن" وبين "طالبي إعادة المخطوفين".

على نتنياهو ووزراء الحكومة واجب قومي، وأخلاقي لنقل المخطوفين من "لائحة قلبهم" كما يقولون ويعيدونهم إلى عائلاتهم.

حقيقة أن اللواء احتياط نيتسان ألون قرر (وبالتأكيد بتأييد من قائده رئيس الأركان) أن ينسحب من الوفد الإسرائيلي الذي بحث هذا الأسبوع الموضوع في القاهرة، يبعث عندي القلق في جوهر وجدية المفاوضات، مثلما يقلقني أيضاً تحفيز الرئيس الأميركي نتنياهو للتقدم إلى الصفقة. كما أن إقصاء الوزيرَين بيني غانتس وغادي آيزنكوت عن الجولة الإضافية في القاهرة يفترض أن يقلقهم.

في الوقت الذي يختار فيه نيتسان ألون، الذي هو شخصية مفتاحية في المجال، ألا ينضم إلى الوفد مع تفويض محدود بحيث تلقى التعليمات بأن "ينصت فقط" – أرفق نتنياهو إلى الوفد "مستشاره السياسي" أوفير بلك، رجل حزبي وليس رجل وزارة الخارجية، كي يكون المرجعية المرافقة ليشرف على رئيس "الموساد" دافيد برنياع وما يتفوه به.

ولاحقاً سجلت انعطافة أخرى في الحبكة، حين غير نتنياهو مزاجه وقرر ألا يعود الوفد الإسرائيلي على الإطلاق إلى القاهرة – بينما في هذه المرة أيضاً أُقصي غانتس وآيزنكوت عن العلم بذلك.

إن صفقة لإعادة المخطوفين هي مصلحة إسرائيلية أكثر منها مصلحة لـ"حماس". الثمن سيكون أليماً وقاسياً أيضاً لإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش كما سيكون كذلك لي ولكل واحد منكم. هذا خاصة إذا ما جررنا الأرجل، وسوّفنا في الوقت وكمية المخطوفين الذين على قيد الحياة تنقص.