- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
منها "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست".. تحليل لتغطية الحرب على غزة يفضح تحيز 3 صحف أمريكية كبرى
منها "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست".. تحليل لتغطية الحرب على غزة يفضح تحيز 3 صحف أمريكية كبرى
- 10 يناير 2024, 9:53:41 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كشف تحليل أجراه موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، حول تغطية صحف "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز" للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تحيزا شديدا لصالح إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
ولم تعر وسائل الإعلام المطبوعة، التي تلعب دورا مؤثرا في تشكيل وجهات النظر الأمريكية حول الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، سوى القليل من الاهتمام للتأثير غير المسبوق لحملة الحصار والقصف الإسرائيلية على الأطفال والصحفيين في غزة.
وبشكل غير متناسب، ركزت الصحف الأمريكية الكبرى على الوفيات الإسرائيلية في الصراع، باستخدم لغة عاطفية لوصف عمليات قتل إسرائيليين، بينما لم تفعل الشئ نفسه بالنسبة للفلسطينيين.
كما قدمت تغطية غير متوازنة للأعمال "المعادية للسامية" في الولايات المتحدة، بينما تجاهلت إلى حد كبير "العنصرية" المعادية للمسلمين في أعقاب 7 أكتوبر الماضي.
واتهم النشطاء المؤيدون للفلسطينيين المطبوعات الكبرى بالتحيز الشديد لإسرائيل، حيث شهدت "نيويورك تايمز" احتجاجات في مقرها الرئيسي بمانهاتن؛ جراء تغطيتها لأحداث غزة، وهو اتهام يدعمه هذا التحليل.
ويركز التحليل على الأسابيع الستة الأولى من الصراع، من الهجمات التي قادتها حركة "حماس" في 7 أكتوبر الماضي، وأسفرت عن مقتل 1139 إسرائيليا وعاملا أجنبيا إلى 24 نوفمبر الثاني، بداية "الهدنة الإنسانية" التي استمرت أسبوعا، واتفق عليها الطرفان لتبادل الأسرى.
وخلال هذه الفترة، قُتل 14 ألفا و800 فلسطيني، بينهم أكثر من 6000 طفل؛ بسبب القصف الإسرائيلي على غزة. واليوم، يبلغ عدد القتلى الفلسطينيين أكثر من 23 ألف، معظمهم أطفال ونساء، وبينهم 112 صحفيا.
جمع الموقع أكثر من 1000 مقال من "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز" حول حرب إسرائيل على غزة، وحصر استخدامات بعض المصطلحات الرئيسية والسياق الذي استُخدمت فيه.
وتكشف الإحصائيات عن خلل كبير في طريقة التغطية بشأن الإسرائيليين والشخصيات المؤيدة لإسرائيل، مقابل الأصوات الفلسطينية والمؤيدة للفلسطينيين، مع استخدامات تفضل الروايات الإسرائيلية على الفلسطينية.
وهذا التحيز المناهض للفلسطينيين في وسائل الإعلام المطبوعة يتفق مع استطلاع لأخبار الوكالات الأمريكية أجراه أيضا آدم جونسون وعثمان علي، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ووجد تباينا أوسع.
وبينما يتزايد عدد القتلى في غزة، وتتم تسوية مدن بأكملها بالأرض وتصبح غير صالحة للسكن لسنوات، ويتم محو عائلات بأكملها، تتمتع الحكومة الأمريكية بنفوذ هائل، باعتبارها القوة الرئيسية التي تزود إسرائيل بالأسلحة. وعرض وسائل الإعلام للصراع بهذه الطريقة المتحيزة يعني وجود جوانب سلبية سياسية للدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل.
وترسم تغطية الأسابيع الستة الأولى من الحرب صورة قاتمة للجانب الفلسطيني، وفقا للتحليل، وهي صورة تجعل من الصعب إضفاء الطابع الإنساني على الفلسطينيين، وبالتالي إثارة تعاطف الولايات المتحدة.
وللحصول على هذه البيانات، بحثنا عن جميع المقالات التي تحتوي على كلمات ذات صلة (مثل فلسطيني، غزة، إسرائيلي، إلخ) في جميع المواقع الإخبارية الثلاثة، ثم حللنا كل جملة في كل مقال وأحصينا عدد مصطلحات معينة.
وتوصل تحليل في التغطية في الصحف الثلاث إلى أربع نتائج رئيسية:
1- تغطية غير متناسبة للقتلى
في "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست و"لوس أنجلوس تايمز"، تظهر كلمات "إسرائيلي" أو "إسرائيل" أكثر من كلمة "فلسطيني" أو أشكال مختلفة منها، حتى مع أن عدد القتلى الفلسطينيين فاق عدد الإسرائيليين بكثير.
ومقابل كل قتيلين فلسطينيين، يتم ذكر الفلسطينيين مرة واحدة، بينما مقابل كل قتيل إسرائيلي، يتم ذكر الإسرائيليين ثماني مرات، أو بمعدل 16 مرة أكثر لكل قتيل من الفلسطينيين.
2- "مجزرة" للإسرائيليين وليس للفلسطينيين
وبشكل حصري، كانت المصطلحات العاطفية للغاية لقتل المدنيين مثل "المجزرة" و"المذبحة" و"المروعة" مخصصة للإسرائيليين الذين قُتلوا على يد فلسطينيين، وليس العكس.
وتم استخدام مصطلح "مجزرة" من جانب المحررين والمراسلين لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بمعدل 60 إلى 1، و"مذبحة" لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بمعدل 125 إلى 2، و"مروعة" لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بمعدل 36 إلى 4.
وأحد العناوين الرئيسية النموذجية لـ"نيويورك تايمز"، في مقال منتصف نوفمبر الماضي حول هجوم 7 أكتوبر، يقول: "ركضوا (إسرائيليين) إلى ملجأ من القنابل، لكن تم ذبحهم". وقارن هذا مع التقرير الأكثر تعاطفا الذي نشرته الصحيفة في 18 نوفمبر عن القتلى الفلسطينيين: "الحرب تحول غزة إلى "مقبرة" للأطفال".
"المقبرة" هنا اقتباس من الأمم المتحدة والقتل بصيغة المبني للمجهول. وفي افتتاحيتها، لا تستخدم الصحيفة حول القتلى في غزة أي مصطلحات عاطفية يمكن مقارنتها بتلك الواردة في قصتها حول هجوم "حماس".
3- الأطفال والصحفيون
هناك عنوانان فقط من أصل أكثر من 1100 مقال إخباري في التحليل يذكران كلمة "أطفال" تتعلق بأطفال غزة. وفي استثناء ملحوظ، نشرت "نيويورك تايمز" قصة على صفحتها الأولى في أواخر نوفمبر.
وعلى الرغم من أن حرب إسرائيل على غزة ربما تكون الأكثر دموية بالنسبة للأطفال الفلسطينيين في التاريخ الحديث، إلا أنه لا يوجد ذكر لكلمة "أطفال" والمصطلحات ذات الصلة في عناوين المقالات.
بينما تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 6 آلاف طفل فلسطيني على يد إسرائيل في غزة حتى انتهاء الهدنة، ويتجاوز العدد اليوم 10 آلاف طفل.
وفي حين أن الحرب على غزة واحدة من أكثر الحروب دموية في التاريخ الحديث بالنسبة للصحفيين، وأغلبهم من الفلسطينيين، فإن كلمة "الصحفيين" وتكراراتها مثل "المراسلين" و"المصورين الصحفيين" تظهر فقط في تسعة عناوين رئيسية من بين أكثر من 1100 مقال.
وقُتل نحو 48 صحفيا فلسطينيا بسبب القصف الإسرائيلي حتى الهدنة. واليوم، وتجاوز عددهم الـ100 (112)، لكن 4 مقالات فقط، من أصل 9 مقالات احتوت على كلمتي صحفي/مراسل، كانت تتعلق بالمراسلين العرب.
إن غياب التغطية بشأن القتل غير المسبوق للأطفال والصحفيين، وهم الجماعات التي تثير عادة التعاطف من وسائل الإعلام الغربية، أمر واضح. ومثلا، عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قُتلوا في الأسبوع الأول من قصف غزة أكبر من عددهم خلال العام الأول من الغزو الروسي لأوكرانيا، ومع ذلك نشرت الصحف الثلاث العديد من القصص الشخصية المتعاطفة التي تسلط الضوء على محنة الأطفال خلال الأسابيع الستة الأولى من حرب أوكرانيا.
ويمثل تقرير في "نيويورك تايمز" وعمود في "واشنطن بوست" استثناءات من ندرة التغطية المتعلقة بالأطفال الفلسطينيين.
وكما هو الحال مع الأطفال، ركزت الصحف الثلاث على المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون في حرب أوكرانيا، ونشرت مقالات عدة تشرح بالتفصيل مخاطر تغطية الحرب في الأسابيع الستة الأولى من الغزو الروسي. وقد قُتل ستة صحفيين في الأسابيع الستة الأولى من الحرب الأوكرانية، مقارنة بـ48 في الأسابيع الستة الأولى من القصف الإسرائيلي على غزة.
إن عدم التماثل في كيفية تغطية الأطفال هو أمر نوعي وكمي. وفي 13 أكتوبر، نشرت "لوس أنجلوس تايمز" تقريرا لوكالة "أسوشيتد برس" (الامريكية) جاء فيه: "قالت وزارة الصحة في غزة يوم الجمعة إن 1799 شخصا قُتلوا في القطاع، بينهم أكثر من 580 تحت سن 18 عاما و351 امرأة. وأدى هجوم حماس، السبت الماضي، إلى مقتل أكثر من 1300 شخص في إسرائيل، بينهم نساء وأطفال ورواد مهرجان موسيقي للشباب. لاحظ أنه يُشار هنا إلى الشباب الإسرائيليين على أنهم أطفال، بينما يُشار إلى الشباب الفلسطيني على أنهم أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاما.
وخلال المناقشات حول تبادل الأسرى، كان الرفض المتكرر للإشارة إلى الفلسطينيين كأطفال أكثر وضوحا، حيث أشارت "نيويورك تايمز" في تقرير إلى تبادل "النساء والأطفال الإسرائيليين" بـ"النساء والقاصرين الفلسطينيين". (يشار إلى الأطفال الفلسطينيين باسم "الأطفال" لاحقا في التقرير، عند تلخيص النتائج التي توصلت إليها مجموعات حقوق الإنسان).
وفي 21 نوفمبر، محا تقرير لـ"واشنطن بوست" عن الهدنة النساء والأطفال الفلسطينيين تماما، إذ جاء فيه: "أعلن الرئيس (الامريكي جو) بايدن، في بيان ليلة الثلاثاء، عن اتفاق لإطلاق سراح 50 امرأة وطفلا تحتجزهم حماس كرهائن في غزة، مقابل 150 سجينا فلسطينيا لدى إسرائيل".
4- تغطية الكراهية في الولايات المتحدة
وبالمثل، عندما يتعلق الأمر بكيفية ترجمة الصراع في غزة إلى كراهية في الولايات المتحدة، أولت الصحف الكبرى اهتماما أكبر للهجمات المعادية للسامية مقارنة بالهجمات ضد المسلمين.
وبشكل عام، كان هناك تركيز غير متناسب على العنصرية تجاه اليهود، مقابل العنصرية التي تستهدف المسلمين أو العرب أو أولئك الذين يُنظر إليهم على هذا النحو. وخلال فترة التحليل، ذكرت الصحف الثلاث معاداة السامية أكثر من كراهية الإسلام (549 مقابل 79)، وكان هذا قبل الجدل الكبير حول "معاداة السامية في الحرم الجامعي"، الذي ابتدعه الجمهوريون في الكونجرس بداية من 5 ديسمبر.
وعلى الرغم من وجود العديد من الأمثلة البارزة على معاداة السامية والعنصرية المعادية للمسلمين خلال فترة التحليل، فإن 87% من الإشارات إلى التمييز كانت حول معاداة السامية، مقابل 13% حول كراهية الإسلام، بما في ذلك المصطلحات ذات الصلة.
فشل الصحف الكبرى
بشكل عام، لا تحظى عمليات القتل التي ترتكبها إسرائيل في غزة بتغطية متناسبة سواء من حيث النطاق أو الوزن العاطفي مثل مقتل إسرائيليين في 7 أكتوبر.
وغالبا، يتم تقديم عمليات قتل الفلسطينيين كأرقام مجردة مرتفعة بشكل تعسفي، ولا يتم وصفها باستخدام لغة عاطفية مثل "مجزرة" و"مذبحة" و"مروعة".
وفي حين يتم تصوير عمليات قتل مدنيين إسرائيليين على يد "حماس" على نحو مستمر كجزء من استراتيجية الحركة، تتم تغطية عمليات قتل مدنيين فلسطينيين كما لو كانت سلسلة من الأخطاء، على الرغم من وجود أدلة عديدة تشير إلى نية إسرائيل إيذاء المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية.
والنتيجة هي أنه نادرا ما أعطت الصحف الثلاث تغطية إنسانية للفلسطينيين. وعلى الرغم من هذا التباين، تظهر استطلاعات الرأي تحولا في التعاطف بين الديمقراطيين تجاه الفلسطينيين بعيدا عن إسرائيل، مع انقسامات هائلة بين الأجيال، مدفوعة جزئيا بالاختلاف الصارخ في مصادر الأخبار.
وبشكل عام، يتابع الشباب الصراع من خلال تطبيقات "تيك توك" (TikTok) و"يوتيوب" (YouTube) و"إنستجرام" (Instagram)، و"إكس" (X)، بينما يحصل الأمريكيون الأكبر سنا على الأخبار من وسائل الإعلام المطبوعة ومحطات التلفزيون.
وتؤثر التغطية المتحيزة في الصحف الكبرى والمحطات التلفزيونية السائدة على التصورات العامة للحرب وتوجه المشاهدين نحو رؤية مشوهة للصراع. وأدى ذلك إلى قيام النقاد والسياسيين المؤيدين لإسرائيل بإلقاء اللوم على وجهات النظر المؤيدة للفلسطينيين بشأن ما يعتبرونها "معلومات مضللة" على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع ذلك، فإن تحليل كل من وسائل الإعلام المطبوعة والمحطات التلفزيونية يوضح أنه إذا كانت هناك مجموعة من مستهلكي وسائل الإعلام تحصل على صورة مشوهة، فإنهم هم أولئك الذين يحصلون على أخبارهم من وسائل الإعلام التقليدية السائدة في الولايات المتحدة.