- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
مونديال قطر.. أهداف فلسطينية بالجملة في مرمى المنبوذة إسرائيل
مونديال قطر.. أهداف فلسطينية بالجملة في مرمى المنبوذة إسرائيل
- 27 نوفمبر 2022, 10:05:36 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شاركت فلسطين بكأس العالم لهذا الموسم دون أن يكون لها فريق ممثل في البطولة، وحققت أهدافا بالجملة، رغم غياب جماهيرها ممن يحملون جنسيتها، ولكن الجماهير العربية رفعت أعلامها وقضيتها، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الذي بدا منبوذا بين الشعوب العربية التي حضرت مونديال قطر، رغم اتفاقيات التطبيع.
صحيفة "الجارديان" البريطانية، قالت إن هناك صورة لا يراها الغرب في كأس العالم قطر، وهي أن فلسطين حاضرة بقوة في الأجواء العامة للبطولة، بينما إسرائيل "منبوذة".
ورغم أن فلسطين وإسرائيل لا يشاركان في البطولة، فإن قضية فلسطين فرضت حضورها بشكل بارز في المدرجات والاحتفاليات التي واكبت كأس العالم الذي ينظم للمرة الأولى في الشرق الأوسط.
وتشهد قطر التي تستضيف كأس العالم، اهتماما منقطع النظير وبروزا قويا لفلسطين في أجواء المونديال، حيث لا تكاد مباراة أو حدث أو فعالية تشجيعية، إلا وتواجد فيها علم فلسطين وكوفيتها.
كما تستمر حملة إلكترونية تحت اسم "الحلم الفلسطيني" بهدف تعريف العالم بالقضية الفلسطينية خلال فاعليات المونديال، وهي الحملة التي دعت المشجعين العرب الذين يحضرون المباريات والفعاليات المصاحبة برفع علم فلسطين والترويج لها في مدرجات الملاعب.
وحظيت الحملة بشعبية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية، خاصة أنها تهدف إلى التوعية بالقضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال الإسرايلي، والاستفادة من الحدث العالمي الكبير وحضور ملايين الأشخاص من مختلف البلدان للقيام بسلسلة من الأنشطة الإعلامية والميدانية خلال فترة المونديال.
وتشمل الحملة الأنشطة الميدانية "الخيام التعريفية، وتوزيع الأعلام والمنشورات، والجولات التعريفية والأنشطة الإعلامية"، وحملة رفع علم فلسطين مع أعلام الدول الأُخرى، وأناشيد الدول العربية، والهتافات وغيرها من الفعاليات ذات الصلة.
هذه الفاعليات التي شهدتها مدن قطر، دعما لفلسطين وقضيتها خلال المونديال انطلقت في الأساس من مواقع التواصل الاجتماعي، حينما استمر وسم "فلسطين في المونديال" لعدة أيام على قائمة الوسوم الأكثر تداولا في قطر ودول عربية عدة، وسط تفاعل كبير من المؤثرين والشخصيات العامة ووسائل الإعلام دعمًا لأفكار الحملة.
الكاتب والمحلل السياسي "أحمد رفيق عوض"، يرى أن الجماهير العربية في مونديال قطر أظهرت وقوفها مع القضية الفلسطينية، لأنها تعد قضية عقائدية ودينية، ولا يمكن التخلي عنها بأي شكل من الأشكال.
ويعتبر "عوض" أن مونديال قطر أعاد الحضور للقضية الفلسطينية من خلال رفع الجماهير العربية والعالمية للأعلام الفلسطينية والشعارات المؤيدة لفلسطين والصور الفلسطينية، مبيناً أن "مونديال قطر هو بمثابة منصة عالمية وإعلامية لتعريف العالم بالقضية الفلسطينية".
ويضيف: "المونديال وسيلة للترويج للشخصية الفلسطينية والمنتج الفلسطيني"، موضحاً أن كل ذلك سيؤدي لكسر الحصار الإعلامي عن القضية، وبالتالي يكسر الظلم الواقع على الفلسطينيين.
ويتفق معه الخبير الإعلامي "حسام شاكر"، حين يقول إن فلسطين حاضرة بشكل غير مسبوق في الحدث الأبرز عالميا على مستوى الرياضة، فجماهير الأمة من مشارق العالم العربي ومغاربه، ومن أنحاء مختلفة من العالم تحمل الشارة الفلسطينية بشكل رديف لرايات المنتخبات المتعددة".
ويعتبر أن "هذا الاحتفاء في فلسطين، وهذه الجهود المصاحبة للمونديال، يشير بوضوح إلى نبض شعبي واضح لفلسطين بشكل يناقض الرهانات للتطبيع مع الاحتلال، الذي لم يجد من يتحدث معه، ووجد أنه منبوذ، رغم الحديث عن اتفاقات التطبيع، وعدة انزلاقات من دول عربية نحو الاحتلال في السنوات الأخيرة".
في المقابل، كشف مونديال قطر، زيف ادعاءات إسرائيل نجاحها في التغلغل بالوعي العربي، والحصول على القبول من شعوب عربية عديدة، لاسيما بعد تطبيع بعض الأنظمة الخليجية والعربية علاقاتها مع الاحتلال.
وانتشرت بعض المشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر رفض الكثير من المشجعين العرب التحدث لوسائل إعلام إسرائيلية متواجدة في قطر لتغطية فعاليات كأس العالم، في إشارة إلى تأييد الفلسطينيين.
ومنذ بداية البطولة، تلقى نحو 4000 إسرائيلي و8000 مشجع فلسطيني تأشيرات دخول إلى قطر، على الرغم من أن تل أبيب كانت تتوقع وصول عدد الحضور إلى نحو 20 ألف إسرائيلي.
مقاطع الفيديو التي انتشرت أظهرت مشاعر الكراهية ضد إسرائيل بين الجماهير العربية، مع أن عددا من حكوماتهم أبرمت اتفاقيات للتطبيع، وأخرجت تعاونها الأمني إلى العلن.
فهذا شاب لبناني أنكر وجود إسرائيل ردا على المراسل الإسرائيلي الذي حاول محاورته خلال البث المباشر، وذاك شاب مصري ادَعى في البداية أنه موافق على إجراء مقابلة مع صحفي إسرائيلي خلال رسالة على الهواء، ليباغته بالقول مبتسما "تحيا فلسطين"، بينما كان الصحفي يتحدّث بفرحة عن وجود نموذج عربي يقبل الاحتلال والتعايش معه.
وذاك شاب قطري أشاح بوجهه فورًا عن الكاميرا حينما علم أن الصحفي الذي يحادثه إسرائيلي، وأولئك الشبان السعوديون الذين رفضوا الحديث مع صحفي آخر، ونماذج أخرى كثيرة، كانت جميعها صفعة لإسرائيل التي عبرت في إعلامها عن صدمتها من هذا كله.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إفادات لعدد من مراسليها عن تجربة وجودهم في الدوحة، حيث أكد المراسلون أنه فهموا إلى أي حد وصلت كراهية كيانهم في العالم العربي، مشيرين إلى أنّه "ليس فقط في الحكومات والحكام، بل إن الكراهية لإسرائيل هي لدى الناس أيضاً في الشارع".
وتابع المراسلون: "بعد 10 أيام في الدوحة، من المستحيل عدم إطلاعكم على ما نمر به هنا.. نشعر أننا مكروهين، ويكتنفنا العداء.. نحن غير مرغوب فينا".
وأضافوا: "في الشارع يرافقنا فلسطينيون وإيرانيون وقطريون ومغاربة وأردنيون وسوريون ومصريون ولبنانيون بنظرات مليئة بالكراهية"، مشيرين إلى الاستثناءات كانت من بعض السعوديين.
وفي محاولة يائسة لتجنب هذه المعاملة من قبل المشجعين العرب، لجأ الكثير من الصحفيين الإسرائيلي إلى إخفاء هويتهم، والتعريف بأنهم من دول أخرى لتجنب رد فعل المشجعين العرب.
ولفت صحافيو الصحيفة العبرية إلى أن "البعض من الإعلاميين قال إنّه في قطر عرف مدى الكراهية بين الناس في الشارع.. كم يريدون مسحنا من على وجه الأرض.. إلى أي مدى يثير كل ما يتعلق بإسرائيل حقداً شديداً في نفوسهم".
ونقلت الصحيفة عن بعض المراسلين قولهم "عرفنا مدى كراهية العرب لإسرائيل وسنغادر الدوحة بشعور سيء للغاية".
يشار إلى أن إسرائيل اختارت مراسلي قنواتها المسافرين إلى قطر بعناية، حيث كان جميعهم يجيد اللغة العربية بطلاقة، وأغلبهم كان من الذين غطوا لسنوات تقارير من داخل المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، وزاروا البلدان العربية التي طبّعت مع إسرائيل مؤخراً كالإمارات والبحرين والمغرب، وبالتالي هم على دراية تامة بالثقافة العربية، ما يشي بأن إرسالهم إلى قطر كان لشئ أكبر من مجرد التغطية الإعلامية.
وفي السياق ذاته، نشرت وكالة "رويترز" تقريرًا استعرضت فيه بعضًا من المواقف، قائلة إن العرب يرفضون التحدث إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية في المونديال.
وذكرت الوكالة في تقريرها أن محاولات مراسلي الإذاعة العامة الإسرائيلية (كان) لإجراء مقابلات مع مشجعين عرب باءت بالفشل.
وبعيدا عن عدسات البث المباشر، تعرّض إسرائيليون عديدون للرفض والإنكار من سائقي سيارات الأجرة وفي المطاعم والكافيهات، حيث كان العرب يرفضون التعامل معهم بأي شكل، وهو ما جعلهم يشعرون بأنهم منبوذون وغير مرحّب بهم.
فيما قالت قناة "كان" العبرية (رسمية) إنه على الرغم من مضي عامين "على اتفاقيات إبراهام ورغم تطبيع دول عربية علاقتها مع إسرائيل، يكشف الاحتكاك مع الشعوب العربية، خاصة في شمال أفريقيا، رفضها لفكرة العلاقات مع إسرائيل".
ونقلت صحفية "الجارديان" عن مشجع إسرائيلي قوله "تنظيم البطولة والأجواء في قطر ممتازان، لكنْ هناك أمر سلبي واحد هو أن غالبية الجماهير هنا لا تقبل بوجود إسرائيليين".
وأمام ذلك، وصفت وسائل إعلام عبرية ومؤيدون لإسرائيل، قطر بـ"الدولة الظلامية"، رغم أن الدوحة سمحت للمراسلين الإسرائيليين بالدخول إلى البلاد وإجراء التغطيات من البطولة.
ونقلت وسائل إعلام عبرية، إن هناك حالة غضب واستياء متصاعدة ومطالبات للمستوى السياسي بالتحرك ضد قطر.
وخلصت تقارير عبرية، إلى أن العرب قطعوا على إسرائيل أي محاولاتٍ لتزييف مزيد من الحقائق، وكذّبوا قادة بلادهم الذين يتفاخرون، عبر الإعلام الرقمي، بإنجازاتهم التطبيعية مع العرب، وبأنَ الشباب العربي يقبل بالتعامل مع دولة الاحتلال، ويعتبرها "الجار الصديق، المحب للسلام والعرب".
هذه النتيجة تتماشى مع الأرقام التي صدرت من معهد واشنطن للأبحاث هذا العام، وأشارت إلى وجود معارضة كبيرة من الجماهير العربية للتطبيع مع دولة الاحتلال.
ولعل أبرز هذه الأرقام تلك المتعلقة بالإمارات والسعودية والبحرين، حيث رفض أكثر من 70% من شعوب هذه الدول الخليجية القبول بدولة الاحتلال أو تطبيع العلاقات معها، وهو ما يدل على الرفض الشعبي لتطبيع الأنظمة مع الاحتلال وسعة الهوة بين الطرفين.
يقول الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية "عصمت منصور"، إن الاحتلال يستثمر إمكانات هائلة إعلامية ودعائية ومالية، من أجل تحسين صورته أمام العالم، واستثمار اتفاقيات التطبيع التي وقعتها مع بعض الدول العربية من أجل تحويل نفسه لكيان طبيعي.
ويضيف: "عند أول اختبار لكيان الاحتلال ومنظومته الإعلامية الكاذبة، وعند سماع صوت الناس الحقيقي والرأي العام العربي يتضح أن جهودهم في تمرير الرواية الصهيونية لم تنجح في تحويل إسرائيل لكيان طبيعي".
ويلفت إلى أن رفع أعلام فلسطين المرفوعة في قطر، فرصة للشعوب العربية التي لا تستطيع القيام بذلك في بلادنها خشية الاستهداف الأمني من سلطات أنظمتهم المطبعة مع الاحتلال.
ويتابع "منصور": "مونديال قطر جاء بما لا تشتهي سفن التطبيع، لقد أزال القناع عما تروّجه صفحات الدعاية الإسرائيلية من احتراق الشعوب العربية".