- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
نضال خضرة يكتب: التحولات الأيدلوجية والدينية في المجتمع الإسرائيلي تدفع نحو المزيد من التطرف
نضال خضرة يكتب: التحولات الأيدلوجية والدينية في المجتمع الإسرائيلي تدفع نحو المزيد من التطرف
- 9 سبتمبر 2024, 10:36:41 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعود نشأة الحركات الصهيونية الدينية والقومية، والحركات الصهيونية المتطرفة في دولة الاحتلال لما قبل نكبة فلسطين عام 1948 وتحديداً في بداية مطلع القرن التاسع عشر، ينقسم المجتمع الديني في دولة الكيان الي قسمين، الأرثوذكسية الدينية القومية التي تسمي"الحردال" والأرثوذكسية المتطرفة، والتي تسمي"الحرديم".
ويعد امتداد الرثوذكسية المتطرفة "الحرديم" إلى حزب اغودات إسرائيل، وحزب هبوعيل اغودات إسرائيل، اللذان تم تأسيسهم ما بين العام 1912 إلى العام 1922، والتي تعد كل من حركة شاس، وحركة يهودات هتوراه، امتدادات لهذه الحركات.
اما الحركات الأرثوذكسية الدينية القومية "الحردال" والتي نشأت في مطلع القرن العشرين تحديداً، في العام 1902 إلى عام 1918 أي قبل نكبة فلسطين عام 1948 بأربعين عاماً ونشأت تحت مسمى حركة همزراحي، وحركة هبوعيل همزراحي، كحركات صهيونية دينية متطرفة معارضة للتيار العلماني الصهيوني وتحمل شعار أرض إسرائيل لشعب إسرائيل بموجب شريعة إسرائيل، وأيضاً شعار "التوراة والعمل" أي الإيمان والعمل، ومن بين الآراء الأخرى التي نادوا بها أن اليهود أُمّة مميزة عن بقية الأُمم وذلك يعود إلى أن الله بنفسه أوجدها، فهي الأمة اليهودية تخص الله، وأن اتحاد الكيان اليهودي الحقيقي يكون فقط بتوجيه الفكر اليهودي نحو التوراة وفلسطين باعتبارهما ركنين مهمين للغاية في تاريخ وحياة الأُمة اليهودية، وتعد كل من الأحزاب الصهيونية، عتسوما يهوديت، والصهيونية الدينية، امتداد لهذه الحركات المتطرفة.
اليوم بعد أكثر من 76 عاما على قيام "دولة إسرائيل" على أرض فلسطين التاريخية، بدأت تظهر تحولات كبيرة على المجتمع الإسرائيلي، تحولات تدفع المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف الديني والقومي على حد سواء، إضافة إلى التقاطعات والقواسم المشتركة التي تجمع كل من الحركات اليمينية، والحركات الصهيونية الدينية، والصهيونية المتطرفة.
المتغيرات الديمغرافية في إسرائيل
أحد أسباب التحول "المتغيرات الديمغرافية في إسرائيل"، هناك متغيرات ديمغرافية مهم التطرق لها، والتي بدأت تطرأ على المجتمع الإسرائيلي، أبرز هذه المتغيرات خروج أكثر من مليون إسرائيلي من إسرائيل منذ عملية السابع من أكتوبر، وهؤلاء الذين خرجوا سواء بشكل مؤقت أو بشكل دائم، غالبيتهم من الصهاينة الغربيين والمحسوبين علي النخبة العلمية ومن أصحاب المال والأعمال في المجتمع الإسرائيلي، وغالبيتهم ينتمون للتيار العلماني في الدولة.
هؤلاء خروجهم أحدث خللا كبيرا في التأثير السياسي والمجتمعي في إسرائيل وأعطوا مساحة معقولة للأحزاب اليمينية والصهيونية الدينية، والأحزاب الصهيونية المتطرفة، كجماعات متماسكة اجتماعياً في إسرائيل، تحديدا الصهيونية الدينية والتي يتنامى عدد أفرادهم بشكل مرتفع في المجتمع الإسرائيلي، ويشكلون ما يقارب 13% من تعداد السكان ومن المتوقع أن تصل أعدادهم في غضون الثلاثين عاما القادمة إلى 33 % من تعداد السكان، أي ثلث عدد السكان. بمعزل عن تعداد أعضاء الصهيونية الدينية القومية التي لا توجد إحصائيات دقيقة لرصد أعدادهم في المجتمع الاسرائيلي،
إضافة لعدم التطرق لنسبة قوى اليمين سواء الليكود، واسرائيل بيتنا.
الهجرة المعاكسة
الهجرة المعاكسة "من الخارج إلى الداخل"، سيما بعد أحداث السابع من أكتوبر. هناك هجرات معاكسة أيضاً دفعت عدد كبير من اليهود اليمينيين والمتدينين والمتطرفين الموجودين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا بالعودة إلى إسرائيل بسبب هويتهم الصهيونية الدينية الفجة في المجتماعات الغربية، وعدم احتمالهم العيش
في تلك المجتمعات بسبب سقوط الرواية الصهيونية والكراهية التي بدأت تتنامي وتتصاعد ضد اليهود، وفقدان أمنهم الشخصي في المجتمع الغربي منذ عملية السابع من أكتوبر من العام 2023.
وهذا بحسب دائرة الهجرة في إسرائيل، وهذه الهجرة المعاكسة تسببت في ارتفاع سعر العقارات في دولة الكيان بنسبة 11% برغم تردي الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل.
وبذلك نستطيع القول إن هناك عملية إحلال وإبدال في المجتمع الإسرائيلي ما بين من خرجوا بعد عملية السابع من أكتوبر، من النخبة العلمية ورجال المال والأعمال والمحسوبين على القوى العلمانية والليبرالية في الدولة،وما بين من عادوا من اليهود الفقراء اليمينيين والمتدينين والمتطرفين إلى "دولة إسرائيل"، وهذا سيكون له تأثيرات استراتيجية على تركيبة المجتمع الإسرائيلي ديمغرافياً وتعزيز جنوحه أكثر نحو اليمن، واليمين الديني والقومي واليمين المتطرف.
تصنيف الفئات في المجتمع الصهيوني
بلغ عدد سكان دولة الكيان مع نهاية سبتمبر 2023 نحو 9 ملايين و795 ألف نسمة، وعدد السكان العرب في إسرائيل 2 مليون و48 ألفا، بينهم 400 ألف في الأراضي المحتلة. ويمثل عرب 48 نسبة 21% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9 ملايين و727 ألف نسمة.
ويبلغ تعداد الطائفة الدرزية في إسرائيل نحو 152000 نسمة، وهناك أقليات ما بين مسيحيين وشركس وآخرين 20000 نسمة، ويتبقى عدد سكان دولة الكيان من الصهاينة 7 ملايين و400 الف صهيوني.
لو افترضنا أن هناك مليون صهيوني غادر دولة الكيان منذ السابع من أكتوبر، يتبقى 6 ملايين و400 صهيوني، في حال أخضعنا هذه النسبة وفق آخر استطلاعات هيئة البث في دولة الكيان، فإن توزيع المقاعد جاء على النحو التالي:
- "معسكر الدولة" برئاسة بني غانتس - (23 مقعدا) (يمين وسط)
- "الليكود" برئاسة نتنياهو - (22 مقعدا) (يمين)
- "يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد - (14 مقعدا) (يمين وسط)
- "إسرائيل بيتنا" برئاسة ليبرمان - (14 مقعدا) (يمين)
- "شاس" برئاسة اريه درعي - (10 مقاعد) (يمين ديني)
- "العظمة اليهودية" برئاسة بن غفير - (8 مقاعد) (يمين متطرف)
- "حزب الديمقراطيون" برئاسة يائير غولان - (8 مقاعد) (كتلة اليسار واليسار وسط)
- "يهودية التوراة" - (7 مقاعد)
- "القائمة العربية الموحدة" - (5 مقاعد)
- "قائمة الجهة والعربية للتغيير" - (5 مقاعد)
- "الصهيونية الدينية سموترتش - (4 مقاعد) (يمين متطرف)
وهذه الاستطلاعات تؤكد أن بالحد الأدني، اليمين واليمين الصهيوني الديني، واليمين الصهيوني المتطرف يتجاوز عدد مقاعدهم في الكنيست (75مقعدا)، لكن هذا لا يعني أن هذه القوى من الممكن أن تتفق سياسيا مع بعضها البعض، ولكن الخطر في المنظور الاستراتيجي هو غياب القوى العلمانية واليسار في المجتمع الصهيوني وتصاعد اليمين، واليمين الديني، واليمين الصهيوني.
كل المؤشرات السابقة تؤكد أن دولة الاحتلال ذاهبة نحو التطرف الديني والقومي، سيما إذا أضفنا اعداد المهاجرين الذين عادوا إلى إسرائيل من الفقراء المحسوبين على اليمين، والصهيونية الدينية القومية والصهيونية المتطرفة على حد سواء، والذين حلوا مكان العلمانيين الذين غادروا "دولة إسرائيل"، بالإضافة إلى عوامل كثيرة أبرزها تداعيات أحداث السابع من أكتوبر.
إضافة إلى تصاعد تراجع المجتمع العلماني واليساري في الدولة بسبب التفكك الاجتماعي من جانب والميول والعزوف عن الزواج وبناء الأسرة والميول نحو المثلية الجنسية. في مواجهة مجتمع حريدي وحردال متماسك اجتماعياً ويميل نحو الأسرة والإنجاب.كل هذه العوامل ستساهم في العشرين عام القادمة لتنامي النزعة الدينية والقومية في المجتمع الإسرائيلي وتحولها إلى "دولة" ثيوقواطية.