- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
نهله الدراجي تكتب: كل إناء بما فيه ينضح
نهله الدراجي تكتب: كل إناء بما فيه ينضح
- 14 ديسمبر 2023, 11:44:25 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في عمق كل إنسان تتجلى أعمق الأسرار وتتجلى أبهى الصفات. إن الإنسان، ناظرًا إلى نفسه كإناء ينضح بما فيه، يكون كتابًا مفتوحًا يروي قصةً عن الخلق والخبث.
إن الإناء يتجسد كرمزٍ للروح السامية والشريرة التي تسكننا، وهو يعبِّر عن الجمال والقبح في آنٍ واحد.
عندما نتأمل في الإنسان الخلوق، نرى إناءً ينظر للعالم بعيون الفنان، يرسم بألوان الإيجابية والتفاؤل. ينضح بالحنان والعطف، وكأنه يحمل في محتواه النقاء والسلام. يسلبنا هذا الإنسان الخلوق إلى عالمٍ آخر، حيث يتلاقى الجمال مع الحكمة والرحمة تتسلل إلى كل زاوية من زواياه. إنه إنسان خلق ليكون مثالًا يحتذى به، يلهمنا لنعيش حياةً تفوح بالخير والتسامح.
ولكن، بينما يعبق الإناء بعبير الخلق النبيل، ينكشف أمامنا الإنسان الخبيث، الذي يجسد الجانب المظلم والمريب في طبيعتنا. فهو ينضح بالكبرياء والطمع والغرور، كأنه يرفع راية الشر والظلام. يكمن في هذا الإنسان الخبيث قدرةٌ عجيبة على إلحاق الأذى والألم بالآخرين، ويتلاعب بمشاعرهم وأحلامهم.
في النهاية، يجب أن ندرك أن الإأناء ليس مجرد عبارة عن وعاء مادي، بل هو رمزٌ لحقيقة الإنسان. إنه يعكس القوة الروحية والأخلاقية للفرد، ويكشف عن الطبيعة الحقيقية للإنسان خلف الأقنعة والتظاهرات الخارجية. إذا نَضَحَ الإناء بالخير والجمال، فإنه يستحق الاحترام والتقدير، وإذا نَضَحَ بالشر والقبح، فإنه يستدعي التحذير والحذر.
لذا، دعونا نحترم ونقدر الإناء الذي ينضح بالخير، ونسعى جاهدين لنحوز على قوة الإرادة والأخلاق النبيلة، حتى نتمكن من تجاوز ظلمات الشر وأنانية الذات، ونصبح إناءً ينبعث منه النور والحب والسلام. ففي النهاية، إن الإناء ليس إلا انعكاسًا لما يحمله الإنسان في صدره، فلنجعل منه فرصةً للتحسُّن والتطور، ولنسعَ إلى أن نكون إناءً ينضح بالخلق الحسن والإيجابية، وبذلك سنكون قادرين على إحداث تأثير إيجابي في العالم من حولنا وتحقيق التغيير الذي نطمح إليه.