- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
وائل عصام يكتب: لماذا يتخوف السوريون في تركيا على مصيرهم لو رحل أردوغان؟
وائل عصام يكتب: لماذا يتخوف السوريون في تركيا على مصيرهم لو رحل أردوغان؟
- 13 مايو 2023, 3:33:44 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نلاحظ أن جزءاً من الجمهور العربي المناصر بشكل متعصب لحزب العدالة والتنمية ينظر بعيون أيديولوجية، تتعامى عن المعرفة، ويراكم معلومات نصفها خاطئ، ونصفها الآخر غير دقيق، وينتقل من الموقف لنقيضه، من دون تبدل في البيانات، وإنما كردة فعل مؤقتة، ويمكن رصد هذا الأمر بسهولة من خلال تبدل موقف بعض السوريين المناصرين لحزب العدالة والتنمية اليوم في الانتخابات، الذين كان كثير منهم ينتقدون وبشكل يومي معاناتهم في ظل حكومة أردوغان ويشتكون من حالات الإبعاد الممنهج للاجئين السوريين، لكن قسما كبيرا منهم اليوم وضع صور أردوغان على بروفايله باعتباره زعيما إسلاميا، سيكون بقاؤه أهون من قدوم المعارضة التركية في نظرهم.
الغريب هنا أن هدف إبعاد السوريين من تركيا هو جزء من برنامج حزب العدالة والتنمية، لكنه مغلف بعبارات منمقة مثل العودة الطوعية، وقد أعلن أردوغان صراحة أنه سيعيد مليون سوري في المرحلة الأولى، وأنه بنى 100 ألف مسكن شمال سوريا لهم، ومن يسمع هؤلاء يتحدثون عن مخاوفهم بشأن قيام حكومة معارضة بترحيل السوريين، قد يظن أن حكومة حزب العدالة لم ترحل بالفعل عشرات آلاف السوريين سنويا منذ 2015، وتمنع دخول أي لاجئ جديد على الشريط الحدودي، وهذا بإقرار وزارة الداخلية التركية نفسها، فقد أعلنت عن ترحيل أكثر من 100 ألف شخص معظمهم من السوريين في عام 2022 فقط، وهو ما انتقدته بشدة منظمات حقوق الإنسان، مثل «هيومان رايتس ووتش» ومنظمة العفو الدولية.
لا يمكن إنكار ارتكاب النازحين السوريين أخطاء وتجاوزات تتعلق بمخالفة بعض القوانين والتقاليد الاجتماعية، لكن المفروض أن تتم معالجة ذلك بمحاكمة الأشخاص المذنبين تحديدا
وليس الأمر جديداً، ففي عام 2016 تم ترحيل نحو 20 ألف سوري، وفي عام 2019 وحسب موقع تلفزيون سوريا المعارض، بلغ عدد المرحلّين من قبل السلطات التركية عبر معبر باب الهوى، الذي يربط تركيا بإدلب8750 شخصاً، في شهر ونصف الشهر فقط، وخلال عام 2019 أيضا، تمّ ترحيل 4380 شخصاً منذ بداية شهر تمّوز/يوليو 2019، حتى تاريخ 24 منه، وكان قد تمّ ترحيل 4370 شخصاً في شهر حزيران/يونيو 2019 ، وهذه الأرقام نقلت عن مازن علوش مدير العلاقات العامة والإعلام في معبر باب الهوى، وهي تتفق مع أرقام الداخلية التركية، التي تعلن كل فترة عن إبعاد النازحين بتهمة «الإخلال بالنظام العام والسلم الاجتماعي»، وهي تهم تطلق على من يرحل لأبسط مشكلة، مثل الرجل الذي وضع كرسيه أمام محله عند رصيف الشارع بعد خلافه مع شخص تركي، أو إعلامي أنتج فيديو كوميديا ينتقد فيه الإشاعات العنصرية التي تتهم السوريين بالترف و»أكل الموز» غالي الثمن، وبعد تدخل أطراف حكومية تم التراجع عن قرار إبعاده وإخراجه من السجن، لكنه انتقل لفرنسا لاجئاً، وتحول إلى معارض للسياسة الحكومية ضد اللاجئين السوريين.
لا يمكن إنكار أن حكومة حزب العدالة والتنمية قدمت للسوريين النازحين ما لم تقدمه أي دولة عربية في بداية الأزمة، لكنه أقل مما قدمته دول أوروبا الغربية، كما أن قيام الحكومة التركية برعاية اللاجئين السوريين استمر لأربع سنوات فقط، وبعدها انقلبت سياسة الحكومة تماما، كما لا يمكن إنكار ارتكاب النازحين السوريين أخطاء وتجاوزات تتعلق بمخالفة بعض القوانين والتقاليد الاجتماعية، لكن المفروض أن تتم معالجة ذلك بمحاكمة الأشخاص المذنبين تحديدا، وليس تبني سياسة جمع السوريين من الشارع في باصات الحكومة التركية، كما يحدث في حي اسينيورت، فكل هذا التجاوزات حصلت من السوريين في أوروبا، لكنها لم تقابل بسياسات طرد أو إبعاد بالآلاف كما يحصل اليوم في ظل حكومة حزب العدالة، والأمر يتعلق أيضا بمجتمع حزب العدالة نفسه، فقد أظهرت استفتاءات للرأي أن جمهور حزب العدالة نفسه يطالب برحيل السوريين، وليس جمهور أحزاب المعارضة فقط، وهذا ما جعل هدف إبعاد السوريين يتصدر برنامج الحزب في الانتخابات السابقة، بحيث انتقد رئيس الحكومة السابق علي يلديريم خلال ترشحه لولاية إسطنبول، السوريين وقال إنهم باتوا يتحرشون بالتركيات في الليل في أحياء إسطنبول، وهو تصريح غير معهود من مسؤول في حزب العدالة المعروف بتعاطف أعضائه مع السوريين، نظرا للجذور الإسلامية الاجتماعية لأعضاء الحزب الحاكم، وباتت المراكز الصحية التي تعالج السوريين تمول من الاتحاد الأوروبي، وحتى السجون المخصصة لاستقبال النازحين قبل إبعادهم في توزلا وغيرها، تمول من الاتحاد الأوروبي، ما جعل هدف السوريين في تركيا هو الهروب نحو أوروبا، وقد خرجت قوافل السوريين المهاجرين نحو أوروبا في عهد حكومة حزب العدالة وليس حكومة العلوي كليشدار أوغلو!