- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
وطن بلا حقوق اقتصادية.. مصر نموذجاً 2
وطن بلا حقوق اقتصادية.. مصر نموذجاً 2
- 4 مارس 2021, 1:39:34 ص
- 1177
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مقدمة:
لكل إنسان حقوق كفلتها له إنسانيته وأقرتها الأمم المتحدة والمواثيق الدولية، وتتنوع هذه الحقوق بين حقوق اقتصادية واجتماعية وسياسية ومدنية ..وهي حقوق مكفولة ومتأصلة لجميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو مكان إقامتهم، أو نوع جنسهم، أو أصلهم الوطني أو العرقي، أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أي وضع آخر. . وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة.
وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عامي 1945 و 1948، على التوالي ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعتبر أساسا لهذه المجموعة من القوانين. ومنذ ذلك الحين، وسعت الأمم المتحدة قانون حقوق الإنسان تدريجيا ليشمل معايير محددة للنساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات والفئات الضعيفة الأخرى، الذين يملكون الحقوق التي تحميهم من التمييز الذي طالما كان شائعا في العديد من المجتمعات ().
ودخل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيز التنفيذ في عام 1976، حيث أصبحت 164 دولة طرفا فيه في نهاية أكتوبر 2016()...
وتجدر الإشارة إلى أهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ورد ذكرها في القانون الدولي بعد مدة طويلة من مطالبة الشعوب في أنحاء العالم بهذه الحقوق الأساسية . .وهو ما يعكس الحرص على حياة كل فرد، لا سيما الفئات الأكثر ضعفًا كما هو وارد في العديد من التقاليد الفلسفية أو الدينية أو غير ذلك ().
وفي عصرنا هذا الذي يشهد تناميا للعولمة الاقتصادية وتفاقما لعدم المساواة داخل الدول وفي ما بينها ، لا بدّ أن تتوحد الجماعات الشعبية والمنظمات غير الحكومية والأكاديميون وغير ذلك من المنظمات والأفراد من أجل إدراك الصلات القائمة بين الصراعات المتواصلة المحلية الطابع ، وإعمال حقوق الإنسان بحيث يتمتع بها الجميع في الممارسة العملية . تبعًا للإدراك بأن أنماط الفقر والحرمان والحالات المرتبطة بهما تُعد إنتهاكا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبأنها ليست مجرد حظ عاثر أو أحداث خارج سيطرة الإنسان أو أنها نتيجة لإخفاقات فردية ، صيغ التزام يفرض على الدول وعلى الشركات ، وعلى نحو مطرد الجهات الفاعلة الأخرى من غير الدول، تفادي مثل هذه الحالات ومعالجتها ().
ويُستخدم إطار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في أنحاء العالم بغية دعم الاجراءات الرامية إلى تحقيق العدالة ومناهضة الظلم ، وزيادة البدائل التقدمية لتعزيز التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . تقّدم ناشطون بدعاوى قضائية أمام هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدة ، وأمام المحاكم وغيرها من الهيئات المختصة بتسوية المنازعات للمطالبة بتغيير الانتهاكات المتكررة الموثقة والمنشورة ، والمجتمعات المحلية المعبأة ، والتشريعات الموضوعة ، والميزانيات المحلية الخاضعة للتحليل، والاتفاقات التجارية الدولية ، وذلك لضمان الامتثال لحقوق الإنسان وبناء التضامن والشبكات بين المجتمعات على الصعيدين المحلي والعالمي . إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية توحد النساء والرجال والمهاجرين والشعوب الأصلية والشباب والشيوخ من كل الأجناس والديانات والاتجاهات السياسية والخلفيات الاقتصادية والاجتماعية في تحقق مشترك للمبادئ العالمية للحرية والكرامة الإنسانية ().
ويتناول هذا التقرير حقوق الإنسان الاقتصادية، ومدى تطبيق تلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مصر، وهل هي متوفرة أو مطبقة أم لا ...وذلك من خلال المحاور التالية:-
المحور الأول : الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للإنسان ملزمة لكل الدول :
تندرج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضمن حقوق الإنسان التي تعالج الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الأساسية الضرورية للعيش بكرامة وحرية ، والمتعلقة بالعمل ، والضمان الاجتماعي ، والصحة، والتعليم، والغذاء، والمياه ، والسكن ، والبيئة الصحية…ويُحدد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عددًا من المبادئ المهمة لوضع هذه الحقوق موضع التنفيذ ، والتي غالبا ما تكون مُضمنة في مصادر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأخرى. . ويتعين على الدولة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اتخاذ الخطوات " بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة " لإعمال هذه الحقوق تدريجيًا( ).
وينظر إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أنها تتطلب مستويات عالية من الاستثمار ، في حين يقال إن الحقوق المدنية والسياسية تتطلب فقط امتناع الأنظمة الحاكمة في الدول عن التدخل في الحريات الفردية. ..لكن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تتطلب أيضًا من الدولة الامتناع عن التدخل في الحريات الفردية ، فعلى سبيل المثال الحريات النقابية أو الحق في البحث عن عمل يختاره الفرد.. وبالمثل ، فإن الحقوق المدنية والسياسية ، رغم أنها تشمل الحريات الفردية ، تتطلب أيضًا الاستثمار من أجل إعمالها بالكامل. . فمثلاً تتطلب الحقوق المدنية والسياسية هياكل أساسية مثل نظام المحاكم العاملة ، والسجون التي تحترم الحد الأدنى من ظروف المعيشة للسجناء ، والمساعدة القانونية ، والانتخابات الحرة والنزيهة ، وما إلى ذلك () .
المحور الثاني : حقوق الإنسان مرتبطة ببعضها :
التمتع بجميع حقوق الإنسان مترابط . . لأنه غالبًا يصعب على الأفراد الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة العثور على عمل أو المشاركة في النشاط السياسي أو ممارسة حرية التعبير.. وبالمثل ، تقل احتمالات حدوث المجاعات في الأماكن التي يمكن للأفراد ممارسة الحقوق السياسية ، مثل الحق في التصويت.. وبالتالي ، نجد أنه عند التدقيق عن كثب ، فإن فئات الحقوق مثل "الحقوق المدنية والسياسية" أو "الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" لا معنى لها. لهذا السبب ، من الشائع بشكل متزايد الإشارة إلى الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وبناء على ماسبق فإن الدولة (بما في ذلك على أصعدتها دون الوطنية) ملتزمة على وجه الخصوص بما يلي :
احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الامتناع الذاتي عن ارتكاب أي انتهاك لهذه الحقوق).
حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (منع أطراف ثالثة من انتهاك هذه الحقوق).
الوفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (اتخاذ التدابير اللازمة لإعمال هذه الحقوق عن طريق الاجراءات التشريعية والإدارية واعتماد الميزانية وغيرها ).
طلب المساعدة والتعاون الدوليين وتوفيرهما في مجال إعمال هذه الحقوق () .
المحور الثالث : وجوب توفير أوضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكل فرد دون تمييز
ويتعين على الدول أن تكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من غير تمييز على أساس الأسباب المُحددة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تشمل العرق واللون والجنس واللغة والدين والرأي السياسي أو غير ذلك من الآراء والأصل القومي أو الاجتماعي والملكية والمولد . . وقد حددت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سياق عملها أسبابًا إضافية يُحظر التمييز على أساسها ومنها الإعاقة والعمر والجنسية والوضع العائلي والميول الجنسية والهوية الجنسانية والوضع الصحي ومكان الإقامة والوضع الاقتصادي والاجتماعي . ..و القضاء على التمييز لا يخضع للإعمال التدريجي إنما يستوجب التنفيذ الفوري ()...
المحور الرابع :أبرز الحقوق الاقتصادية :-
1- الحق في الغذاء :
لكل فرد الحق في الغذاء. إذ يُعد الحق في الغذاء عاملا جوهريًا لحياة كريمة وحيويا لإعمال العديد من الحقوق الأخرى مثل الحق في الصحة والحياة . لا يستمد الغذاء أهميته من كونه يساعد في البقاء على قيد الحياة ، إنما أيضًا بسبب دوره في الإنماء الكامل لقدرات المرء الجسدية والعقلية ().
لذا فإن الدول مُلزمة بمجهودها الفردي أو عن طريق التعاون الدولي، بوضع مجموعة من التدابير المتعلقة بإنتاج المواد الغذائية وحفظها وتوزيعها للتأكد من سهولة حصول كل فرد على غذاء كاف يحرره من الجوع وسوء التغذية. ولا بدّ لدى إعمال الحق في الغذاء إيلاء بعض المفاهيم الاهتمام اللازم ، مثل الأمن الغذائي (استدامة إمكانية الحصول على الغذاء حاضرًا ولأجيال المستقبل على حد سواء )،والسيادة الغذائية (حق الشعوب في تحديد نظمها الغذائية والزراعية الخاصة) . لا يقتصر الحق في الغذاء على احتواء النظام الغذائي الذي يتبعه المرء على عدد معين من السعرات الحرارية وكمية محددة من العناصر الغذائية الضرورية ، وهذا يعني أنه يجب أن يملك كل شخص الامكانيات المادية والاقتصادية للحصول على الغذاء أو على وسائل إنتاجه في كل الاوقات () .
وقد قدمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 12 إرشادات مفصّلة للدول بشأن التزاماتها باحترام الحق في الغذاء وحمايته والوفاء به . كذلك أشارت اللجنة إلى أن هذا الحق يتضمن السمات المترابطة والأساسية التالية :
1-الكفاية : يجب أن يكون الغذاء المتاح للاستهلاك مناسبًا في السياق الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي السائد( ).
2-التوافر : يجب أن يحصل كل شخص على غذاء كاف وجيد ، إما عن طريق نظم التسويق أو مباشرة من الأرض أو الموارد الطبيعية الأخرى. ولا بدّ أن تتضمن النظم الغذائية خليطًا من المغذيات الضرورية لتلبية الاحتياجات الفيزيولوجية ومن أجل التمتع بحياة صحية في كل مراحل الحياة ووفقا لنوع الجنس والمهنة .. كذلك ينبغي أن يكون الغذاء خاليا من المواد الضارة ومقبولًا في سياق ثقافي معين ( ).
3- إمكانية الحصول : تشمل إمكانية الحصول على الغذاء ثلاثة عناصر أساسية هي عدم التمييز والإمكانية الاقتصادية والإمكانية المادية . .ولا يجوز أن يخضع الحصول على الغذاء لأي سبب من أسباب التمييز المحظورة .. ولا بدّ أن يكون سعر الغذاء بالمستوى الذي لا يهدد الوفاء بالاحتياجات الأساسية الأخرى .. وهذا يستتبع اعتماد برامج خاصة للفئات الضعيفة. تعني الإمكانية المادية للحصول على الغذاء أن الغذاء الكافي ينبغي أن يكون متاحًا لكل فرد، لا سيما الأفراد ضعاف الجسم مثل الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين وضحايا الكوارث الطبيعية أو الصراعات().
4- الاستدامة : يتعين على الدول إتخاذ التدابير المناسبة ووضع النظم التي تحكم عمل الجهات الفاعلة في القطاع الخاص للحيولة دون تعرض مفهوميّ توفر الغذاء وإمكانية الحصول عليه في الأجل الطويل للخطر بسبب الممارسات التي تؤثر في الغذاء أو الأرض أو الموارد الطبيعية().
والجق في الغذاء غير مطبق بالصورة المثلى في مصر ، فطبقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن مصر احتلت المرتبة الـ59 عالمياً والـ3 عربيًا في مؤشر الجوع العالمي لعام 2016، والذي يرصد أحوال الغذاء في 118 دولة ()، كما يعاني 13.7 مليون مصري من نقص الأمن الغذائي ( ).
كما بلغ مؤشر الجوع في مصر 14.8% في 2018، طبقاً لورقة بحثية في المؤتمر الطبي الدولي الأخير() .
ب- حق الإنسان في مسكن لائق :-
السكن أساس الاستقرار والأمن للفرد أو الأسرة. والسكن مركز حياتنا الاجتماعية والعاطفية وينبغي أن يكون البيت ملاذاً، مكاناً للعيش فيه بسلام وأمن وكرامة... والسكن يُنظَر إليه بشكل متزايد على أنه سلعة، ولكن من المهم للغاية أنه حق من حقوق الإنسان. وبموجب القانون الدولي، يعني الحصول على سكن لائق هو التمتع بضمان الحيازة – دون أن تضطر للقلق من حدوث إخلاء لك أو تجريدك من بيتك أو أرضك. وهو يعني العيش في مكان ما متوافق مع ثقافتك، وتوافر إمكانية وصولك إلى الخدمات والمدارس المناسبة والعمل الملائم ().
وكثيراً جداً ما تحدث انتهاكات للحق في السكن مع إفلات مرتكبيها من العقاب. .ومن أسباب هذا أن السكن قلما يعامل على المستوى المحلي باعتباره حقاً من حقوق الإنسان.. والسبيل إلى ضمان السكن اللائق هو إعمال هذا الحق من حقوق الإنسان عن طريق السياسة والبرامج الحكومية الملائمة.
وتظهر الأرقام والإحصائيات لساكني العشوائيات انهيار او انخفاض معدلات الحصول على حق السكن مالائم في مصر، فطبقاً لإحصائيات اأمم المتحدة يعيش حوالى 38 مليون شخص في مصر في مناطق السكن العشوائيّة ().. وهي مساكن لاتتوافر فيها ظروف السكن الصحية ولا الملائمة
ج- الحق في الصحة
تُعرّف منظمة الصحة العالمية الحق في الصحة بأنه " حالة من الرفاه الجسدي والنفسي والاجتماعي الكامل، لا تتحقق بمجرد غياب مرض أو عاهة " . ينبغي أن تكفل الدول الحريات والحقوق على حد سواء. وتتضمن الحريات حق الإنسان في التحكم في صحته وجسده ، بما في ذلك حريته الجنسية والإنجابية ، والحق في أن يكون بمأمن من التدخل مثل التعذيب أو الخضوع للمعالجة الطبية أو التجارب الطبية من غير رضاه. أما الحقوق فتتضمن إمكانية الحصول على الخدمات الصحية والوصول إلى مرافق الرعاية الصحية الملائمة ، فضلا عن قيام الدول باتخاذ التدابير الملائمة المتعلقة بالمقومات الاجتماعية والاقتصادية للصحة مثل الغذاء والمياه والصرف الصحي وظروف العمل الآمنة والصحية والإسكان والفقر .( )
ولكل فرد الحق في الصحة . .بما يعني الحق في الحصول على مستوى معين من الصحة والرعاية الصحية وبالتزام الدول بضمان مستوى معين من الصحة العامة للمجتمع عمومًا .
وقدمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 14 إرشادات مفصّلة للدول بشأن التزاماتها باحترام الحق في الصحة وحمايته والوفاء به .. كذلك أشارت اللجنة إلى أن هذا الحق يتضمن السمات المترابطة والأساسية التالية :-
1- التوافر : يجب أن توفر الدول العدد الكافي من مرافق الرعاية الصحية العاملة العامة والفردية على كامل أراضيها، فضلا عن توفير المياه المأمونة ومرافق الصرف الصحي، والموظفين الطبيين والمهنيين المدربين الذين يتقاضون أجرًا منصفًا ، والعقاقير الأساسية ().
2- إمكانية الوصول : تتسم إمكانية الوصول بأربعة عناصر أساسية هي : عدم التمييز، وإمكانية الوصول المادي ، وإمكانية الوصول بالمنظور الاقتصادي، وإمكانية الوصول إلى المعلومات . إذ يجب أن يتمتع كل شخص بإمكانية الوصول إلى المرافق والخدمات المرتبطة بالصحة ، لاسيما الفئات الأكثر ضعفًا من غير أي تمييز بناء على أي من الأسباب المحظورة ().
كما يجب أن تكون المرافق والخدمات فضلا عن المقومات الأساسية للصحة مثل مرافق المياه والصرف الصحي ، في المتناول المادي والآمن ، ويجب أن تكون نفقات المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة ملائمة لعماة الشعب، على أن يُراعى مبدأ الانصاف لدى سداد المقابل المادي ، مما يُجنب الأسر الفقيرة تحمل عبء نفقات صحية لا تتناسب معها.. كما يتعين على الدول أن تكفل لكل شخص الحق في التماس المعلومات المتعلقة بالمسائل الصحية والحصول عليها ونقلها ، من غير أن يُخلّ ذلك بسرية البيانات الطبية ().
3- المقبولية: ينبغي أن تحترم كل المرافق الصحية الأخلاق الطبية وثقافة الأفراد والمجتمعات ، فضلا عن مراعاتها لمتطلبات الجنسين ودورة الحياة ().
الجودة : ينبغي أن تكون المرافق الصحية ملائمة من الناحيتين العلمية والطبية وذات نوعية جيدة . وهذا الأمر يتطلب من جملة أمور أخرى، توفر العقاقير والمعدات اللازمة ، وموظفين طبيين ماهرين ، ومرافق المياه والصرف الصحي المأمونة ().
ورغم أنه طبقاً للإحصائيات الرسمية التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإنمصر تحتل المركز (89) دولياً من بين 138دولة في مؤشر تحقيق المتطلبات الأساسية من الصحة والتعليم الأساسي عام 2016- 2017 ()، لكن أعداد المرضى ومن يفتقدون الرعاية الصحية بالملايين، فمثلاً يبلغ عدد المرضى بالأمراض المزمنة والمستعصية وشديدة الخطورة ملايين المرضى ، فطبقاً لتقرير أعدته وزارة الصحة يبلغ عدد المصابين بمرض السكر يفوق الـ 11 مليون مواطن ()، كما أثتبب مضبطة لجنة الصحة في البرلمان الحالي لنظام 2013 أن عدد مرضى الفشل الكلوي مليون مريض ()، وهؤلاء المرضى لايلقون الرعاية الكافية ومات العديد أثناء غسيل الكلى من ابرزهم وفاة ثلاثة مرضى اثناء قيامهم بعملية الغسيل في مركز السنبلاوين بمحافظة الشرقية() ، كما أن عدد مرضى التهاب الكبد الوبائي" فيروس سي" 3.8 ملايين ()، فيما يبلغ عدد من يصابون سنوياً بفيروسات الكبد يقدر بنصف مليون مواطن ().
ويضاف إلى ماسبق معاناة المرضى في الحصول على الدواء الذي ارتفع سعره عدة مرات إما لارتفاع سعر الدولار ما تسبب في الرفع الشديد لاسعار الدواء وعدم تمكن ملايين المرضى من الحصول على العلاج إما لاختفائه أو ارتفاع سعره بشكل مبالغ فيه () ، ولإظهار حجم المعاناة التي يعيشها المرضى في مصر قيام حكومة نظام انقلاب يوليو 2013 برفع أسعار 6آلاف صنف دفعة واحدة ().
وماسبق يثبت أن حق الصحة مهدر في مصر تماماً .
د - الحق في التعليم
لكل فرد الحق في التربية والتعليم .. وتشمل أهداف التعليم الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية وصون كرامتها، وتمكين كل شخص من الإسهام بفعالية في المجتمع وتوطيد احترام حقوق الإنسان. يتسم التعليم بأهمية ذاتية وكثيرا ما يُوصف بالحق " المُضاعف " ، ذلك أن درجة الوصول إلى التعليم تؤثر في مستوى التمتع بحقوق الإنسان الأخرى ().
ويستلزم الحق في التعليم متطلبات خاصة في مختلف مراحل التعليم. .. منها أن يكون التعليم الابتدائي إلزاميا ومجانيًا للجميع ، وهذا يشمل الاعتبارات المباشرة وغير المباشرة المتعلقة بالتعليم . إن الطابع الإلزامي للتعليم الابتدائي يصون هذا الحق من الانتهاكات التي يرتكبها الآباء أو الحكومات ، ويقضي على التمييز القائم على الدخل ويُزيل الحوافر المانعة للحضور.. لذلك ينبغي للدول وضع إطار وطني يُسهم في توسيع النظام التعليمي وتحسينه تدريجيا ، ومن ثمّ إدخال مجانية التعليم في كل مراحل التعليم الأخرى ، لا سيما مراحل التعليم الثانوي والعالي والأساسي () .
وينبغي على لكل دولة احترام الحق في حرية التعليم .. و يشمل ذلك احترام المعتقدات الدينية والأخلاقية للأولاد والآباء ، وحق الآباء أو الأوصياء في اختيارالمدارس الخاصة لأولادهم ، وحرية إنشاء مؤسسات تعليمية خاصة شريطة تقيدها بمعايير التعليم الوطنية للمناهج الدراسية والقبول () .
وقد قدمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 13 إرشادات مفصّلة للدول بشأن التزاماتها باحترام الحق في التربية والتعليم وحمايته والوفاء به . كذلك أشارت اللجنة إلى أن هذا الحق يتضمن السمات المترابطة والأساسية التالية :
1- التوافر : ينبغي للدول أن تكفل توفير البنى التعليمية الكافية (المؤسسات والبرامج) للجميع. ولا بدّ أن تكون هذه البُنى مجهزة بكل المواد والمرافق اللازمة لحسن سير عملها في سياق معين ، مثل المباني، ومعدات التدريس ومواده، والمدرسين المدربين الذين يتقاضون أجرًا منصفًا ، والوقاية من العناصر الطبيعية ، والمرافق الصحية للجنسين، والمياه الصالحة للشرب ().
2- إمكانية الالتحاق : تتضمن إمكانية الالتحاق بالتعليم ثلاثة عناصر أساسية وهي: عدم التمييز ، وإمكانية الالتحاق المادي، وإمكانية الالتحاق من الناحية الاقتصادية. ينبغي أن يكون الوصول إلى المؤسسات التعليمية في متناول الجميع ، ولا سيما أضعف الفئات، من غير التعرض لأي تمييز وفق أسس الجنس، والعرق ، والموقع الجغرافي ، والظروف الاقتصادية ، والإعاقة ، والمواطنة أو مركز الإقامة ، والانتماء إلى أقلية أو دين أو الاعتقال أو الميل الجنسي ، من جملة أسس أخرى ().
كما ينبغي أن تقع المدارس على مسافة آمنة ومعقولة من المجتمعات المحلية أو المناطق النائية ، ويُسهل الوصول إليها عبر الوسائل التكنولوجية العصرية ، ولا بدّ أيضًا أن يكون التعليم في متناول الجميع من الناحية المادية ، والدول مطالبة بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم في مراحله كافة() .
3- المقبولية : يجب أن تكون المناهج الدراسية وأساليب التدريس مقبولة للطلاب ، وللآباء ، في الحالات المناسبة ، وهذا يخضع للأهداف التعليمية الشاملة المتمثلة في التعليم والمعايير التعليمية الدنيا التي تحددها الدولة ().
3- قابلية التكيف : يجب أن يكون التعليم مرنًا كيما يتسنى له التكيف مع احتياجات المجتمعات المتغيرة والاستجابة لاحتياجات الطلاب في محيطهم الاجتماعي والثقافي المتنوع ().
وتظهر معدلات الامية المرتفعة وتراجع مصر في ترتيب الدول في كفاءة التعليم انهيار او تراجع حق التعليم في مصر، فطبقاً للجهاز المركزي للتبعئة والعامة والإحصاء تبلغ نسبة الأمية في مصر 25.8% من جملة السكان () .
كما تراجعت مصر في مجال التعليم لتتذيل دول العالم طبقاً لمؤشر التنافسية العالمي الذي احتلت فيه مصر المركز 148 من 148 دولة على مستوى العالم () .
هـ - الحق في العمل :
لكل فرد الحق في العمل .. ويعد الحق في العمل أساسا لإعمال حقوق الإنسان والتمتع بحياة كريمة، و يشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لكل فرد لكسب رزقه عن طريق أداء عمل يختاره أو يرتضيه بحرية.. و الدولة ملزمة لدى الإعمال التدريجي لهذا الحق بضمان تقديم الارشاد والتوجيه في مجال التعليم المهني والفني ، فضلا عن اتخاذ التدابير الملائمة لتهيئة بيئة ملائمة تُعزز فرص العمالة المنتجة. .ويتعين على الدول أيضًا أن تكفل عدم ممارسة التمييز في ما يتعلق بجوانب العمل كافة. .وتجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي يحظر العمل القسري ().
وتنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مايلي :-
1- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل، الذي يشمل حق كل فرد في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ التدابير المناسبة لصون هذا الحق.
2- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية.
وكذلك تضمنت المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تعهد الدول بما يلي:
1 - حق كل شخص في تكوين النقابات والانضمام إلى نقابة يختارها...
2 - حق الإضراب
تنص المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أنه لكل فرد الحق في العمل . ويعد الحق في العمل أساسا لإعمال حقوق الإنسان والتمتع بحياة كريمة. يشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لكل فرد لكسب رزقه عن طريق أداء عمل يختاره أو يرتضيه بحرية. إن الدولة ملزمة لدى الإعمال التدريجي لهذا الحق بضمان تقديم الارشاد والتوجيه في مجال التعليم المهني والفني ، فضلا عن اتخاذ التدابير الملائمة لتهيئة بيئة ملائمة تُعزز فرص العمالة المنتجة. . ويتعين على الدول أيضًا أن تكفل عدم ممارسة التمييز في ما يتعلق بجوانب العمل كافة. . وتجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي يحظر العمل القسري.
وتوجد صلة وثيقة تربط بين الحق في العمل من جهة والحق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية والحقوق النقابية ذات الصلة من جهة ثانية.. لذلك ينبغي للدول أن تلتزم بكفالة الأجور العادلة ، واحترام مبدأ الأجر المتساوي مقابل العمل المتساوي القيمة ، والمساواة في الأجور عن عمل ذي قيمة متساوية. كما ينبغي ضمان حصول العمال على الحد الأدنى للأجور الذي يكفي لتأمين مستوى معيشي لائق لهم ولأسرهم. علاوة على ذلك ، لا بدّ أن يتمتع العاملون بظروف عمل آمنة وصحية لا تمس الكرامة الإنسانية. ويجب تحديد عدد ساعات معقول من العمل للموظفين إلى جانب تمتعهم بالراحة وأوقات الفراغ والحصول على إجازات دورية مدفوعة الأجر . يحق للعاملين التشارك في ما بينهم وممارسة التفاوض الجماعي من أجل تحسين ظروف العمل وتعزيز متسويات المعيشة. كما يحق لهم تكوين النقابات والانضمام إلى نقابات من اختيارهم ، ويحق للنقابات إنشاء الاتحادات الوطنية والدولية. إن حق الإضراب مكفول للعامين شريطة أن لا يتعارض مع القوانين الوطنية. لا يجوز أن تقيّد الدولة الحقوق الجماعية للعاملين باستثناء تلك التي ينص عليها القانون وتُعد تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية مصالح الأمن القومي أو النظام العام أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم( ) .
وقد قدمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 18 إرشادات مفصّلة للدول بشأن التزاماتها باحترام الحق في العمل وحمايته والوفاء به .. كذلك أشارت اللجنة إلى أن هذا الحق يتضمن السمات المترابطة والأساسية التالية :
1- التوافر : يتعين على الدول أن تكفل توافر الخدمات المتخصصة لمساعدة الأفراد في تحديد فرص العمل وإيجاد الوظائف() .
2- إمكانية الوصول : تنطوي إمكانية الوصول إلى العمل على ثلاثة عناصر أساسية هي : عدم التمييز والوصول المادي والوصول إلى المعلومات . تحظر ممارسة أي تمييز في إمكانية الحصول على عمل والاستمرار فيه. وينبغي للدول أن تكفل الترتيبات التيسيرية المعقولة التي تسهل الوصول المادي إلى أماكن العمل لا سيما وصول الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية. كذلك يحق لكل فرد التماس المعلومات المتعلقة بفرص العمل والحصول عليها ونقلها() .
3- المقبولية والجودة: يتألف الحق في العمل من عدة مقومات مترابطة ، نذكر منها الحق في اختيار العمل والقبول به بحرية، والحق في التمتع بشروط عمل عادلة ومؤاتية ، لا سيما شروط العمل التي تكفل السلامة ، والحق تكوين النقابات() .
الخلاصة
خلص التقرير إلى ان الحقوق الاجتماعية للإنسان لا تقل أو لا تختلف عن الحقوق المدنية والسياسية اختلافاً جوهرياً، وقد ساوى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بين كل تلك الحقوق ، ورغم ميل اقتصادات السوق في الغرب إلى التركيز والاهتمام بقدر أكبر بالحقوق المدنية والسياسية بينما قامت الاقتصادات المخططة مركزياً في الكتلة الشرقية بالتركيز على أهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. . لكن هذا الفصل الصارم قد هُجر منذ ذلك الحين وحدثت عودة إلى البنية الأصلية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. وفي العقود الأخيرة، دُمجت جميع الحقوق في معاهدات حقوق الإنسان المعقودة مثل اتفاقية حقوق الطفل أو اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأظهرت الدراسة غياب معظم إن لم يكن كل تلك الحقوق عن مصر تحت حكم النظام الحالي " نظام انقلاب 3 يوليو" ، استدلالاً بالأرقام والإحصاءات والدراسات والتصريحات المعلنة من المؤسسات التابعة للنظام الحالي ، ويضاف إلى ماسبق اعتراف قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بنقص أو غياب الحقوق الاقتصادية للإنسان المتمثلة في الحصول على وظيفة مناسبة وتعليم جيد وسكن ملائم أثناء رده على انتقادات العالم الغربي على تدني أو انهيار حقوق الإنسان المدنية والسياسية في مصر ، والعصف بالمعارضين ، وهو مايعني غياب مفهوم حقوق الإنسان بشقيه السياسي وكذلك الاقتصادي والاجتماعي في مصر تحت إدارة انقلاب الثالث من يوليو .