اسطنبول نهار دافئ وليل غربة موحش

كلاهما في مقتبل العشرين غرة ريعان الشباب

كلاهما فر هارباً من غياهب الظلمات حاملاً أمل الثأر لحق أصحابه

اما الأول فخرج معززاً من صالة كبار الزوار واستقبل في المطار

واما الثاني فباعت أمه ذهبها لتفتدي به فلذة كبدها ليجري جريان موسى في النيل

من أقصاها الى أدناها في السودان

ثم من هناك الى اسطنبول لم يستقبله أحد زج به في الطرقات حتى اهتدى الى من هم على شاكلته

لم يلتق بالأول فمجمعات اسطنبول لا تسمح بالدخول بدون إذن حامل بطاقة التعريف

ولم يبق لدى أمه ذهب تعيله به فتلطم بين المصانع والحواري باحثاً عن قوت يومه

اما الأول فتصله هو وأخوه وابن عمه وابن خالته وخاله رواتب بالعملة الصعب

تزن أضعاف اضعاف ذهب الأم المكلومة

وقفوهم انهم مسئولون ..

سبع سنين لم تكن عجافاً

يشيب رأسك من سماع مبالغ التمويل المنفقة

وتذبهل حين تعلم أن البعض يعمل أشبه ما يكون بالسخرة ..بعض لقيمات تلقى له أول كل شهر وضع خطا تحت البعض

سبع سنوات حصيلتها مليوني متابع على صفحات التواصل

اذا كان هاذا القط فأين اللحم

ملف المهجرين

ملف المعتقلين

ملف الشهداء

ملف الأرامل

ملف اليتامى

ملف و ملف وملف

حدثني عن إنجازاتكم في ملف واحد

حدثني عما قدمتموه

لنبك معكم قرار إغلاق شاشاتكم المبجلة

حدثني عن السيارات والشقق والفنادق (ومصانع الرخام ) يا صوت الثورة

وقفوهم إنهم مسئولون

حدثني عن الامتيازات و حدث ولا حرج

الإقامات الدائمة ام الجنسيات أم ذاك الشاب المرموق الوسيم

بثيابه الأنيقة وعطره الفواح وهاتفه الحديث

واقفا بجوار طاقمه الموكل به في أحد الفاعليات الدولة

مرسل من إحدى قنوات الثورة المبجلة

لتخاطبه إحدى منظمي المكان بالإنجليزية فلا يفهم بالتركية فلا يفهم بالفرنسية فلا يفهم

ليظهر بطاقته التعريفية وقد كتب فيها فلان الفلاني مسئول العلاقات العامة

اتذكر الشاب الثاني .. أخبرني أنه يتحدث خمس لغات

وقفوهم انهم مسئولون

اتبنى الاوطان بسواعد غيرها

وهل تمويلات الخليج تزيل ظالم

وهل تعيد حق شهيد

لقمت عيشكم مغمسة بالدم يا صوت الحق

لا تصيحوا على رواتب الدولار التي ستمنع

ابكوا على ثورة اضعتموها

ابكوا على جيل ضيعتموه

ابكوا على مرسي خذلتموه

ابكوا على امل وأدتموه

ابكوا على فرص اهدرتموها

ابكوا على شباب دمرتموهم

ستقفون وستسألون