- ℃ 11 تركيا
- 7 فبراير 2025
"يديعوت أحرونوت": إسرائيل تنتظر الخلاص من البيت الأبيض
"يديعوت أحرونوت": إسرائيل تنتظر الخلاص من البيت الأبيض
- 7 فبراير 2025, 12:06:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المحلل السياسي درور يميني - يديعوت أحرونوت
قال بنيامين نتنياهو، أكثر من مرة، "دولة فلسطينية"، مرة في سنة 2009 خلال خطاب "بار إيلان"، ومرة أُخرى في سنة 2011 خلال خطاب ألقاه في الكونغرس الأميركي.
وأيضاً، خلال المفاوضات التي أدارها مع جون كيري في الفترة 2013-2014، عندما كان هناك اتفاق على دولة فلسطينية تقوم على "أكثر من 90% من الأراضي". وهو ما جرى أيضاً في الاتفاق العلني على رؤية صفقة القرن لترامب التي تضمنت دولة فلسطينية على 70% من الضفة الغربية.
والمرة تلو الأُخرى، قال الباحثون والمحللون إن نتنياهو لا يقصدها. فالدليل لديهم هو أنه حتى عندما وافق على الدولة، استمرت سياسة البناء الاستيطاني وإضافة البؤر.
لكن، يوجد بعض الإشكاليات في هذه الادعاءات. أولاً، حتى في أيام إيهود براك وإيهود أولمرت، استمر البناء في الضفة الغربية، ولا يشكك أحد في جدية مقترحاتهما؛ ثانياً، مع كامل الاحترام للمحللين الذين يؤدون دور الأطباء النفسيين، فإن التصريحات والاتفاقيات لها أهمية كبيرة جداً في المسارات الدبلوماسية. وإن لم تكن الأمور كذلك، فإن كل "نعم" ستُفسّر بـ"لا"، وكل "لا" ستُفسّر بـ"نعم".
من المفترض أن يقف نتنياهو خلال ساعات المساء في مواجهة المعضلة نفسها. فإمّا استمرار حرب الاستنزاف في غزة، وإمّا صفقة التبادل وأفق سياسي جديد للشرق الأوسط.
لدى الولايات المتحدة مصالح اقتصادية عظيمة ستجنيها من صفقة كبيرة جداً مع السعودية.
وبحسب خطاب ترامب أمام المشاركين في مؤتمر دافوس، فإن السعودية تنوي استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة. هذا المبلغ كبير جداً بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي أيضاً. حينها، قال ترامب أيضاً إنه يطالب السعوديين برفع المبلغ إلى تريليون دولار. التطبيع مع إسرائيل ما هو سوى جزء من الرؤية الأميركية، وليس محصوراً في ترامب وحده.
أمّا السعودية، فهي معنية بالصفقة الكبيرة من أجل الدفاع الإقليمي، وعلى الرغم من تجديد العلاقات مع إيران، فإن حالة العداء بين السعودية وطهران لا تزال مستمرة. إيران تحاول الهيمنة على الإقليم، والعداء بين السعوديين والإيرانيين مستمر. تحاول إيران تحقيق الهيمنة الإقليمية، ولم تتغير استراتيجيتها في أعقاب الضربات التي تلقّتها أذرعها - حزب الله و"حماس"، بالإضافة إلى خسارة السيطرة الواسعة التي كانت لديها في سورية.
والآن، بشكل خاص، بعد أن أثبتت إسرائيل نفسها كرصيد استراتيجي، وبعد أن ضربت يدها الطولى إيران، فإن المزيج الاستراتيجي المؤلف من السعودية وإسرائيل والدول الخليجية يمكن أن يشكل ثقلاً وازناً جدياً في مقابل محور إيران.
وبالنسبة إلى إسرائيل، فإن مصلحتها لا تقلّ أهميةً، بل يمكن أن تكون أكبر، ببناء هذا الحلف الإقليمي ضد إيران التي كانت ولا تزال التهديد الأكبر لها. وقد لا تحتاج قيادات الدول العربية إعلاناً إسرائيلياً لـ"دولة فلسطينية"، أو أفقاً سياسياً للفلسطينيين، إلّا إن الرأي العام العربي يطالب بهذه الإعلانات لمنح الشرعية لتوسيع اتفاقات أبراهام.
وقبل أن ندخل في النقاش السياسي - وهو نقاش جدّي بالمناسبة - بشأن الدولة الفلسطينية، يجب القول إنه سيكون هناك تأثير كبير للكلمتين دبلوماسياً، لكن التأثير العملي سيكون صفراً، ولأن الفلسطينيين سمعوا عن كثير من العروض لإقامة دولة، وكانوا يرفضونها دائماً. وهذا غير محصور في عرفات الذي رفض اقتراح كلينتون، فأبو مازن أيضاً رفض اقتراح أولمرت، ولاحقاً، في سنة2014، رفض مسودة طرحها عليه جون كيري وباراك أوباما، وطبعاً، رفض أيضاً رؤية السلام التي عرضها ترامب.
هناك حجج وازنة ضد الدولة الفلسطينية، فهذه الدولة يمكن أن تصبح دولة "حماس". ولا يجب إلغاء كافة المزاعم اليمينية التي بحسبها، يمكن أن تكون هذه الدولة ذراعاً إيرانية. الرفض الفلسطيني يؤبد الصراع، واليوم، يمكن القول إن الرفض الفلسطيني هو ما ينقذنا من هذه الذراع الإيرانية. وحتى لو افترضنا أن الفلسطينيين، في أغلبيتهم، لا يدعمون "حماس"، بل هناك 30 أو 40% منهم يدعمونها - هذا يشكل خطراً بحد ذاته. فالأقلية العنيفة تسيطر دائماً على الأغلبية التي تفكر بشكل مختلف.
لذلك، فإن نتنياهو لا يقف أمام أيّ قرار حاسم بشأن موضوع إقامة دولة فلسطينية. إنه يواجه قراراً أسهل كثيراً: هل ستخرج من فمه كلمتا "دولة فلسطينية"، وقد خرجتا من فمه سابقاً. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار وضع إسرائيل السيئ في الساحة الدولية، فسيكون لهاتين الكلمتين إسقاطات إيجابية كثيرة. صحيح أن موقف كارهي إسرائيل لن يتغير، لكن الموقف الإسرائيلي المعتدل سيقوّي إسرائيل في أوساط هؤلاء الذين لا ينتمون إلى معسكر الكارهين، وستربح إسرائيل من تصريح نتنياهو المعتدل لأنه من الأفضل أن نحرر المخطوفين ونعزل "حماس"، عبر حلف إقليمي، بدلاً من عزل إسرائيل والغرق في حرب استنزاف في غزة.
من المحتمل أن يكون الثمن الذي يجب على نتنياهو دفعه هو وقف إقامة البؤر الاستيطانية. هذا الالتزام جرى تقديمه سابقاً، وخرقته إسرائيل.
فاستمرت حكومات إسرائيل كلها في المشروع الاستيطاني، والحكومة الحالية قامت بذلك بامتياز أيضاً، إنها تكسر أرقاماً قياسية في هذا السياق. وإن كانت إسرائيل مطالبة بدفع هذا الثمن - وحتى لو دفعته أيضاً- فسيكون جيداً، لأن اليمين المعادي للصهيونية الذي يدعم "الدولة الواحدة" هو الذي ينفّذ فعلاً خطة اليسار المعادي للصهيونية الذي يبشر بـ"الدولة الواحدة".
أنقذنا ترامب باتفاق التبادل من الاستمرار في الخضوع لرفض اليمين المتطرف. الآن، جاء ترامب مع رؤية سلام إقليمي. ومن الممكن أن ينجح في إنقاذنا من الاستمرار في الخضوع للكابوس المزدوج من اليمين واليسار بـ"الدولة الواحدة"، إن شاء الله.