- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
“مدى الكرمل”: حرس قومي تحت إمرة بن غفـير يمدّد حالة الفصل العنصري في إسرائيل إلى أجهزة الأمن
“مدى الكرمل”: حرس قومي تحت إمرة بن غفـير يمدّد حالة الفصل العنصري في إسرائيل إلى أجهزة الأمن
- 27 أبريل 2023, 10:40:21 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الناصرة- “القدس العربي”: كُشف النقاب، أمس، عن مبادرة عنصرية سافرة جديد في إسرائيل يقودها وزير “تطوير النقب والجليل” (حزب “قوة يهودية”) تقضي باعتماد الانتماء الصهيوني في توزيع الموارد ونسج السياسات الداخلية والخارجية واتخاذ القرارات الحكومية. ومن المفترض أن يطرح الحزب العنصري الفاشي “قوة يهودية” المبادرة على طاولة الحكومة، يوم الأحد القريب، للمصادقة عليها، وهي مبادرة تهدف لقوننة التمييز العنصري ضد المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، وهم يشكلّون 19% من سكانها. ويكابد هؤلاء تمييز عنصرياً ضدهم في مختلف نواحي حياتهم، رغم كونهم سكاناً أصلانيين، ورغم مزاعم إسرائيل بأنها دولة ديمقراطية، وفيما مضى تعمّدت إخفاء عنصريتها ضدهم ومحاولة تغطيتها، فعلى سبيل المثال ابتكرت تسمية “وزارة تطوير النقب والجليل”، بيد أن المقصود تهويد النقب والجليل، في ظل الحقيقة المزعجة لها بأن أغلبية سكان الجليل ما زالت عربية (51%) وأعداد العرب البدو في النقب في ازدياد (من 12 ألف نسمة بعد نكبة 1948 إلى 280 ألف نسمة اليوم). لكن حكومة نتنياهو السادسة تعمل على ممارسة التمييز العنصري بشكل سافر، ومن دون أقنعة، كما يتجلى في مبادرات وتصريحات قادتها، خاصة لدى حزبي “القوة اليهودية” برئاسة إيتمار بن غفير، و”الصهيونية الدينية” برئاسة باتسلئيل سموتريتش.
ابتكرت إسرائيل تسمية “وزارة تطوير النقب والجليل”، بيد أن المقصود تهويد النقب والجليل، في ظل الحقيقة المزعجة لها بأن أغلبية سكان الجليل ما زالت عربية (51%) وأعداد العرب البدو في النقب في ازدياد.
ولكن هناك ما هو أخطر، فقد أعلن حزب “قوة يهوديّة”، في آذار المنصرم، عن موافقته على إرجاء سَنّ قوانين التعديلات القضائيّة -التي أثارت موجة احتجاجات كبيرة، كان آخرها الإضراب العام في الـمَرافق الاقتصاديّة في 27/3/2023- إلى ما بعد عطلة الكنيست الشتويّة، مقابل التزام موقَّع من قِبل رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو بتأسيس وحدة “حرس قوميّ” تحت إدارة وزارة الأمن القوميّ التي يرأسها بن غفـير. وقد أقرّت الحكومة هذا الاتّفاق خلال جلستها في بداية نيسان، دون أن توضّح تفاصيل واستحقاقات تأسيس هذه القوّة الأمنيّة الجديدة، ومنها -على سبيل المثال- التعديلات القانونيّة المطلوبة، بل أرجأت ذلك لغاية حصولها على توصيات لجنة خاصّة ستُنشَأ لهذا الغرض، تُعْرَض على الحكومة خلال ستّين يومًا.
معاني وإسقاطات ميليشيات “الحرس القومي”
يتناول مركز “مدى الكرمل” للدراسات الاجتماعية التطبيقية معاني وإسقاطات تشكيل قوّة “الحرس القوميّ” على المجتمع العربيّ، وردود المنظومة السياسيّة والأمنيّة على هذا القرار، ويرى، في ورقة عمل جديدة، أنّ الهدف الأساسيّ من تشكيلها إنشاء جهاز أمنيّ خاصّ للتعامل مع المجتمع العربيّ، ولا سيّما سكّان المدن الساحليّة المختلطة والسكّان العرب البدو في النقب.
ويرى “مدى الكرمل” أنه بذلك سيكون ثمّة جهاز شرطة عامّ للسكّان اليهود، وقوّة “حرس قوميّ” للتعامل مع المجتمع العربيّ لافتاً إلى أن هذه خطوة إضافيّة في اتّجاه توسيع حالة الفصل العنصريّ إلى مؤسَّسات الأمن الداخليّ.
ورغم خطورة تشكيل “الحرس القوميّ”، ترى ورقة الموقف هذه أنّ ردود فعل الأحزاب الإسرائيليّة لم تتطرّق إلى مخاطر هذا القرار على المجتمع العربيّ، وأنّ مواقف أحزاب المعارَضة جاءت بالأساس من منطلقات أمنيّة، وعبّرت عن مخاوف من إسقاطات سلبيّة على جهاز الشرطة وعمله، وبسبب خضوع “الحرس الوطنيّ” لسيطرة بن غفـير، دون معارضة مبدئيّة للمشروع، أو تطرُّق إلى أهدافه المعلَنة بالتعامل مع المجتمع العربيّ في إسرائيل. كذلك عارضت الشرطة وأجهزة الأمن الأخرى قرار إقامة “الحرس القوميّ” منطلقة من دوافع إداريّة ونفعيّة؛ إذ لا يريد جهاز الشرطة جسمًا جديدًا ينافسه، ولا سيّما أنّ معالم وصلاحيَات الجهاز الجديد غير واضحة، بينما عارضت وانتقدت الأحزاب العربيّة هذا القرار كونه يستهدف المواطنين العرب حصرًا، ناهيك عن أنّ هذا الجهاز سيكون تحت إمرة الوزير العنصريّ بن غفـير.
جهاز شرطة عامّ لليهود، وقوّة “حرس قومي” للتعامل مع المجتمع العربيّ.. خطوة إضافيّة لتوسيع الفصل العنصريّ إلى مؤسسات الأمن الداخلي.
حول إقرار تشكيل “الحرس القوميّ” وأهدافه
عرض وزير الأمن القوميّ بن غفـير، في شهر كانون الثاني، خطّة لتشكيل حرس قوميّ ابتغاء تعزيز الحَوْكمة والأمن الشخصيّ، على خلفية استشراء الجريمة، تستند إلى خطّة قدّمها الوزير السابق عومر بار ليـف (حزب العمل)، بالتعاون مع رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينت، وأقرّتها الحكومة السابقة في حزيران المنصرم (2022). وَفقًا لخطّة بار ليـف، من المفروض أن يكون الحرس القوميّ جزءًا من جهاز الشرطة، ويستند إلى قوّات حرس الحدود. وقال بن غفـير، خلال مؤتمر صحفيّ مشترَك مع القائد العامّ للشرطة الإسرائيلية عُقِدَ لعرض الخطّة، إنّ قيادات وزارة الأمن القوميّ يتوقّعون حدوث “حارس الأسوار 2” (نسبة إلى هبّة الكرامة)، بعد “سيف القدس” عام 2021، ولذا من الواجب تقوية جهاز الشرطة ومضاعفة قدراته البشريّة، مع زيادة أجور عناصر الشرطة.
في نهاية آذار المنصرم، اتّفق بن غفـير ورئيس حكومة الاحتلال نتنياهو على تشكيل “حرس قوميّ”، مقابل موافَقة حزب “قوة يهودية” على تأجيل إقرار خطّة التعديلات القضائيّة.
في بداية نيسان الجاري، أقرّت الحكومة الإسرائيلية “اقتراح قرار” لتشكيل “حرس قوميّ” يَكون جهازًا جديدًا تحت سلطة مباشرة لوزارة الأمن القوميّ، ومُوازيًا لجهاز الشرطة ومستقلًّا عنها. وَفقًا للقرار، سيشكِّل وزير الأمن القوميّ لجنة خاصّة لتقديم توصيات للحكومة بشأن تأسيس “قوّة الحرس القوميّ” خلال ستّين يومًا من قرار الحكومة، وقد وافقت الحكومة على تخصيص ميزانيّة بقيمة مليار شاقل لهذا الأمر. ووَفقًا لنصّ اقتراح القرار، سيكون “الحرس القوميّ” قوّة ذات أهداف محدَّدة، مموَّلة ومدرَّبة للتعامل مع حالات طوارئ متنوّعة، من بينها الإجرام القوميّ، ومواجهة “الإرهاب”، وتعزيز الحَوْكمة وسلطة الدولة، أينما احتاج الوضع ذلك، وكلّ هذا يقع حاليًّا ضمن المهامّ الـمَنُوطة بالشرطة. إلى جانب ذلك، “يكلَّف وزير الأمن القوميّ بتشكيل لجنة برئاسة المدير العامّ لوزارة الأمن القوميّ، وبمشاركة ممثّلين من عدّة وزارات، لتقديم توصيات لوزير الأمن القوميّ، خلال ستّين يومًا من تاريخ تشكيل اللجنة، في ما يخصّ طريقة تنفيذ القرار، بما في ذلك تحديد مهامّ الحرس الوطنيّ، وصلاحيَات الحرس القوميّ وأفراده وإخضاعه لسلطة وزير الأمن القوميّ، وسلطة إصدار أوامر التجنيد الاحتياطيّ لأفراد الحرس القوميّ في حالات الطوارئ”.
ويرى “مدى الكرمل” أن معنى هذا أنّه ستكون لبن غفـير سلطة وتأثير مباشران وجِدّيّان على بناء هذه المنظومة وتحديد صلاحيَاتها وإدارتها، ووضع سياسات وأهداف القوّات وآليّات عملها. وأوضح وزير التراث، عميحاي إلياهو (“قوة يهودية”)، في تغريدة على حسابه في شبكة تويتر، “أنّ الجسم المقرَّر إنشاؤه تحت إمرة وزير الأمن القوميّ يجب أن يتركّز في مواطني الدولة الذين يتماثلون مع أعداء الدولة، مثلما حصل في “أحداث حارس الأسوار، والإتاوة القوميّة، والإرهاب الزراعيّ، وتحرُّشات جنسيّة على خلفيّة قوميّة”. وأضاف إلياهو أنّ تقسيم المهامّ بين أجهزة الأمن يجب أن يكون واضحًا، “بموازاة عمل الحرس القوميّ، تتعامل الشرطة مع الجريمة العاديّة وحفظ النظام العامّ لدى المواطنين العاديّين، وعلى الجيش التعامل مع الأعداء الذين من الخارج”.
الشرح الـمُرافِق للقرار يوضّح بشكل جلي أنّ أهداف إطلاق “الحرس القومي” تشكيل قوّة شُرطيّة خاصّة للتعامل مع المجتمع العربيّ، وعلى وجه التحديد في حالات الاحتجاج السياسيّ، ومحاربة العنف، كما تدّعي الحكومة. جاء في الشرح الـمُرافِق للقرار أنّ تشكيل “الحرس القومي” بمثابة جزء من استخلاص العبر من أحداث ما يسمّى حمْلة “حارس الأسوار”، حيث وضح أنّ ثمّة حاجة إلى إنشاء قوّة ذات أهداف ومهامّ خاصّة، تستطيع أن تنفّذ مهامّها في عدّة مناطق بالتوازي، وتتعامل مع أحداث شغب وحالات طوارئ.
ستكون لبن غفـير سلطة وتأثير مباشران وجِدّيّان على بناء هذه المنظومة (الحرس القومي) وتحديد صلاحيَاتها وإدارتها، ووضع سياسات وأهداف القوّات وآليّات عملها.
ستتيح قوة “الحرس القوميّ” للشرطة الاستمرار في أداء مَهامّها العاديّة كذلك في أوقات الطوارئ. ويرى “مدى الكرمل” أن هذا أيضاً يعني تشكيل قوّة شُرطيّة شبه عسكريّة، على غرار “حرس الحدود”، مخصَّصة للتعامل مع المواطنين العرب فقط، وما هذا إلّا نوع من أنواع الفصل العنصريّ. منبهاً إلى أنه قد نجَمَ عن قرار الحكومة ردود فعل سلبيّة وانتقادات عديدة، من أطراف سياسيّة ومن جهاز الشرطة نفسه وأجهزة أمنيّة أخرى، وكذلك من قِبل الأحزاب العربيّة والمؤسّسات العربيّة الجَمعيّة. مراجعة مواقف هذه الأطراف توضّح وجود فروق في دوافع وأسباب معارضتها للقرار.
ردود قيادات الشرطة
وبشكل عام عارضت قيادات الشرطة والمؤسّسة الأمنيّة في دولة الاحتلال تشكيل “حرس قومي” بصيغته المقترَحة. منطلقات المعارَضة تناولت الجوانب الإداريّة والقياديّة والتنسيق بين الجسم الجديد وجهاز الشرطة، لكنّها لم تتطرّق بتاتًا إلى إسقاطات تشكيل وعمل هذه القوّة على الحرّيّات عامّة، ولا إلى هدفها الأساسيّ في قمع المواطنين العرب على نحوٍ خاصّ. وورد في صحيفة “هآرتس” على لسان ضبّاط كبار في قيادة الشرطة الإسرائيلية أنّ التحليل الموضوعيّ والمعمَّق لقرار إنشاء “حرس قومي” يُفْضي إلى أنّ الخطوة المقترَحة ستُلحِق بالغ الضرر بالشرطة، وتُضعِف قدرتها على التعامل مع جميع مَهامّها. وذاك سيكون مكْلِفًا ومرهِقًا، وسيخلق عقبات تنظيميّة وتشغيليّة عديدة ستضرّ بالشرطة و”الحرس القومي” نفسه، فضلًا عن هيئات الأمن والإنفاذ الأخرى، بما في ذلك الجيش. وفقًا لضبّاط الشرطة، تشكيل “الحرس القومي” أمر صحيح، لكن تنفيذه بالطريقة الحاليّة هو خطوة إشكاليّة، وفصلُهُ عن الشرطة ليس ضروريًّا، ولا يخدم الحاجات العمليّاتيّة.
ميليشيا خاصة لمهرّج التكتوك
ويستذكر “مدى الكرمل” أقوال رئيس المعارَضة يائير لـبـيد معقبّا على قرار الحكومة: “إنّنا نعطي ميليشيا خاصّة لمهرّج تيكتوك خطير لم يخدم دقيقة واحدة في الجيش”. رئيس “المعسكر الرسميّ”، عضو الكنيست بيني غـانتس، هاجمَ قرار تشكيل “الحرس القومي” ووجّه إلى نتنياهو انتقاداته، إذ قال، في فـيديو نُشِرَ على حسابه في تويتر، إنّ نتنياهو يخضع لوزير الأمن القوميّ بِنْ غفـير، واتّهمه بـِ “تفكيك النظام الأمنيّ”. وقال غـانتس: “في ذروة التوتُّرات الأمنيّة، يواصل نتنياهو كسر التسلسل القياديّ في الأجهزة الأمنيّة. انقسام قوّة شرطة، وتمزيق وزارة الأمن، والآن إنشاء الحرس القوميّ الذي سيفكّك الشرطة”.
هدف بن غفير معلَن منذ حملته الانتخابيّة وهو تسليح اليهود لمحاربة الفلسطينيين، وتنفيذ إعدامات ميدانيّة وترهيب العرب في المدن المختلطة.
ويوضح “مدى الكرمل” أن ثمّة انتقادات بشأن تشكيل “حرس قومي” وجّهتْها قيادات وأحزاب المعارضة، جاءت بالأساس لأنّ هذا الجهاز يخضع للوزير بن غفـير العنصريّ، المتّهَم بالانتماء إلى منظّمة إرهابيّة، لا إلى جهاز الشرطة، وبدافع الخشية من استخدام “الحرس القومي” للقيام بقمع سياسيّ للمحتجّين الإسرائيليّين على السياسات الحكوميّة، وبسبب عدم وضوح صلاحيَاته أمام الشرطة وإسقاطاته السلبيّة على منظومة الأمن الإسرائيليّة تحت قيادة بن غفـير. منبهاً أيضاً إلى أن الانتقادات لم تكن مبدئيّة (إذ كانت الحكومة السابقة بشراكة لـبـيد قد أقرّت تشكيل “حرس قومي” تحت قيادة جهاز الشرطة) أو نتيجة استهدافه مجتمعًا عينيًّا (المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل)؛ فالمعارضة الإسرائيليّة غير مكترثة بالأهداف الحقيقيّة من وراء تشكيل “الحرس القومي”، ولا بكونه ذراعًا لسلطة سياسيّة يبتغي على وجه الخصوص قمع المواطنين الفلسطينيّين، وعلى وجه التحديد قمع احتجاجهم السياسيّ.
ردود الأحزاب العربيّة
تمحورت ردود الفعاليات السياسية العربيّة تجاه قرار تشكيل “حرس قومي” في تأثير هذا القرار على المجتمع العربيّ والـمَخاطر المتوقَّعة، فأكدت موقفاً متشابهاً يقول “إنّ توافُق رؤساء الائتلاف والمعارضة في إسرائيل على الشروع بحِوار للمصادقة على التعديلات القضائيّة، يأتي بعد خضوع نتنياهو لابتزازات بن غفـير، وأهمّها إقامة ميلشيات شرطة خاصّة تخضع لأوامره بهدف معلَن منذ حملته الانتخابيّة وهو تسليح المواطنين اليهود لمحاربة الفلسطينيّين، وتنفيذ إعدامات ميدانيّة وترهيب العرب في المدن المختلطة، على أثر هبّة الكرامة، وما تبعها من أحداث، وهو ما يُعتبَر عصابة، لكنْ وفقًا للقانون وتحت وصاية ورعاية وزير مُدان بالإرهاب في السابق.