- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
100 مليون عضو وانتخابات شبه سرية.. كيف سيغير مؤتمر الحزب الشيوعي القادم نظام الحكم بالصين للأبد؟
100 مليون عضو وانتخابات شبه سرية.. كيف سيغير مؤتمر الحزب الشيوعي القادم نظام الحكم بالصين للأبد؟
- 13 أكتوبر 2022, 9:58:03 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يتأهب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لاغتنام مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني هذا الشهر الذي يعقد في الذكرى المئوية لتأسيس الحزب، من أجل ترسيخ مكانته والترقي إلى أقوى زعيم شهدته البلاد منذ عقود، خلال الاجتماع الذي يعقد كل خمس سنوات وينتخب فيه أعضاء الحزب الحاكم قياداته.
وشهد المؤتمر العام للحزب الشيوعي خلال أربعة عقود ماضية نقلاً منظَّماً للسلطة، فالاتفاق قائم على إتمام زعيم الحزب الأعلى لمدتيه الرئاسيتين، ثم تسليم عصا الحكم إلى خليفته المنتخب بعناية.
لكن التوقعات تذهب إلى أن شي ينوي تجاوز هذه السابقة المستقرة، والسعي إلى ولاية ثالثة في منصب الأمين العام للحزب الشيوعي، ومن ثم الدفع بالصين إلى حقبة جديدة يهيمن عليها حكم "الرجل القوي" ويسودها الغموض بشأن موعد انتقال السلطة إلى زعيم آخر وكيفية حدوث ذلك بعد أن يفرض رجل واحد سيطرته على الحكم مدة طويلة، حسبما ورد في تقرير لموقع CNN International الأمريكي.
ورغم أن الحزب كان متهماً دوماً من قِبل الغرب بالدكتاتورية، إلا أنه منذ رحيل الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، في نهاية السبعينات، اتسم الحزب بطابع مؤسسي، قلل انفراد الزعيم بالصلاحيات وخلق انتقالاً سلساً للسلطة عبر انتخابات داخلية في الحزب، وهي انتخابات حتى لو لم تكن ديمقراطية، ولكن تتسم بالمؤسسية والمنطقية، وعبرت عن موازين القوى داخل الحزب.
ولكن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أصبح مختلفاً عن أي رئيس سابق حكم البلاد خلال العقود الأربعة الماضية، وهو متهم من قِبل الغرب بأنه يحول الصين من استبداد الحزب لاستبداد الفرد.
لهذه الأسباب، فإن المؤتمر العشرين للحزب هذا العام يأتي بين أبرز اجتماعاته وأكثرها متابعة وأولاها بالاهتمام منذ عقود، فهو يكشف الكثير عن اتجاه ثاني أكبر اقتصاد في العالم خلال السنوات الخمس المقبلة.
إليك ما تحتاج إلى معرفته بشأن هذا المؤتمر، وكيف تختار الصين قادتها.
من يحضر مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني؟
المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني، أو المعروف اختصاراً باسم "مؤتمر الحزب"، هو اجتماع يمتد لنحو أسبوع، ويُعقد كل خمس سنوات لتعيين القادة الجدد للحزب ومناقشة التغييرات في لوائحه ووضع الخطة السياسية للبلاد خلال السنوات المقبلة.
يُعقد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني عادة في شهر أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني، ويجتمع فيه ما يقرب من 2300 من أعضاء الحزب الشيوعي المختارين بعناية من جميع أنحاء البلاد، ويُطلق عليهم "المندوبون". تتنوع قائمة المندوبين فتشمل شخصيات من كبار مسؤولي الأقاليم وضباطاً عسكريين ومتخصصين من مختلف القطاعات، ومن يُسمون ممثلي القواعد الشعبية مثل المزارعين وعمال الصناعة.
وتشير البيانات الصادرة عن المؤتمر هذا العام إلى أن نسبة المشاركين فيه من النساء تبلغ ما يزيد على الربع بقليل، وتصل نسبة المشاركين من الأقليات العرقية بالبلاد إلى نحو 11 %. وتضم قائمة الحضور أيضاً مسؤولين من مختلف درجات الهيكل العام للحزب الشيوعي الصيني، الذي يعد من بين أكبر الأحزاب السياسية في العالم، فهو يضم أكثر من 96 مليون عضو أي ما يقرب من مائة مليون.
الرئيس الصيني شي جين بينغ/رويترز
تتدرج مراكز القوى في هذا الهيكل الهرمي للحزب إلى ثلاث دوائر مختلفة: نحو 400 من مندوبي المؤتمر الوطني من المنتمين إلى اللجنة المركزية العليا للحزب، والتي تصادق بدورها على أفراد المكتب السياسي المكون من 25 عضواً، ثم "اللجنة الدائمة"، وهي أقوى هيئة لصنع القرار في الصين وتتألف عادة من خمسة إلى تسعة رجال يقودهم الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني.
يكون أعضاء المكتب السياسي في الغالب ذكوراً منتمين إلى عرقية الهان المهيمنة في الصين، ويتولون المناصب المهمة في الحكومة. ويضم المكتب الحالي امرأة واحدة فقط.
يتناول المؤتمر العام مختلف شؤون الحزب الشيوعي، وتصدر عنه تعيينات المناصب الحكومية، لكنه يختلف عن اجتماع "الحكومة الفيدرالية" كما هو النموذج المتبع في بعض الدول. فعلى سبيل المثال، يُتوقع أن يُعيَّن شي أميناً عاماً للحزب بعد المؤتمر، إلا أن اختياره لولاية ثالثة في رئاسة البلاد لا يتأكد إلا بعد الاجتماع السنوي للهيئة التشريعية المخولة بحكم القانون على الأقل، بالتصديق على القرار في مارس/آذار المقبل.
كيف تُختار قيادة الحزب؟ عملية طويلة أغلبها خلف الكواليس
يشيع النظر إلى عملية التصويت في مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني نظرةَ "الإجراء الشكلي"، وليس بكونها عملية انتخابية حقيقية. ويُعتقد أن القرارات الحقيقية تُتَّخذ بآلية مبهمة التفاصيل يشارك فيها كبار قادة الحزب وتبدأ العمل على قراراتها قبل مدة طويلة من انعقاد المؤتمر العام للحزب.
يدلي المندوبون خلال المؤتمر بأصواتهم لانتخاب اللجنة المركزية الجديدة، وهي الهيئة الرئيسية لقيادة الحزب المكونة من نحو 200 عضو منتظم، وقرابة 200 عضو بديل، وتجتمع بانتظام، وتتولى مسؤولية اختيار أعضاء المكتب السياسي رسمياً.
بمجرد اختتام مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، تجتمع اللجنة المركزية المشكَّلة حديثاً في أول جلسة عامة لها، لاختيار أعضاء المكتب السياسي ولجنته الدائمة.
يشير المراقبون المطلعون على شؤون الحكم في الصين إلى أن القرارات المتعلقة بشاغلي المناصب العليا تُتخذ خلال شهور من المفاوضات التي تجري في الكواليس بين كبار قادة الحزب، إذ تتقدم فيها فصائل السلطة المختلفة بمرشحيها، ويستقر الاتفاق على المختارين قبل مدة طويلة من انعقاد المؤتمر العام.
يرى المراقبون أن الرئيس الصيني تمكَّن إلى حد كبير من إقصاء منافسيه وإضعاف أصحاب النفوذ من كبار السن، الذين جرت العادة أن يكون لهم قدر كبير من النفوذ في اتخاذ قرار زعامة الحزب.
الانتخابات سوف تحدد مدى قوة الرئيس الصيني
بعد أن تختار اللجنة المركزية أعضاء المكتب السياسي ولجنته الدائمة، يدخل قادة الحزب الجدد إلى قاعة الشعب الكبرى في بكين، وفقاً لترتيبهم في القيادة.
وكما حدث في أعقاب المؤتمر العام السابق في عام 2017، من المتوقع أن يترأس شي الدخول إلى القاعة بصفته "أمين عام الحزب" المعتمد حديثاً، ويقدِّم أعضاء اللجنة الدائمة الجديدة في فعالية تُعرض على التلفزيون الرسمي في جميع أنحاء البلاد.
تعطينا اختيارات اللجنة الدائمة لمحة نادرة عن خفايا الصفوة المتحكمة في السياسات العليا للصين. ويترقب الخبراء المعنيون بشؤون الصين معرفة عدد أعضاء اللجنة الدائمة المختارين، وهويتهم، لاستشفاف حدود سلطة شي، وهل هي سلطة مطلقة أم إنه اضطر إلى تقديم تنازلات، ولمعرفة ما إذا كان هناك خليفة محتمل في الوسط، والاستدلال بذلك على تخمينٍ ما للمدة يعتزم شي أن يقضيها في الحكم.
المؤتمر العام يعقد بعد تعديل الدستور للسماح للرئيس بولاية ثالثة
طوال أكثر من عقدين، كان الأعضاء يختارون أميناً عاماً جديداً في كل مؤتمر. لكن بعد انعقاد المؤتمر الأخير في عام 2017، أومأت تصرفات شي إلى عزمه على إحكام قبضته على جميع ركائز القوة الثلاث في الصين: السيطرة على الحزب والدولة والجيش. فعلى سبيل المثال، خالف شي في مؤتمر عام 2017 التقاليد المعتادة ولم يُرقِّ خليفة محتملاً له في اللجنة الدائمة.
ثم عمد بعدها بعدة شهور إلى الدفع بالتصويت على تعديل دستوري يلغي المادة القانونية التي تحدد عدد الولايات الرئاسية باثنتين كل منهما خمس سنوات، واتفق كثيرون على أن هذه الخطوة غايتها تمكين شي من الاستمرار في رئاسة البلاد لولاية ثالثة، مع الاحتفاظ بسيطرته على الحزب الذي تكمن فيه مصادر القوة الحقيقية.
الرئيس الصيني عزز قبضته على كل مفاصل السلطة/رويترز
مع أنه لا يوجد تحديد رسمي لمدد تولي شخصٍ ما لمنصب الأمين العام للحزب، فإن بقاء شي في هذا المنصب يقتضي منه تجاوز قاعدة أخرى غير مكتوبة: وهي القاعدة غير الرسمية بألا يتجاوز كبار المسؤولين في الحزب سناً معينة.
تقضي هذه القاعدة بأن كبار المسؤولين الذين يبلغون من العمر 68 عاماً أو أكثر في وقت انعقاد المؤتمر العام، يتقاعدون من تلقاء أنفسهم. لكن شي يخالف هذه القاعدة ببلوغه الآن سن التاسعة والستين وهو لا يزال في السلطة. ولا يُعرف بعد ما إذا كان سيسعى إلى منح حلفائه في المكتب السياسي إعفاءات مماثلة، أو تعطيل إحدى الآليات التنظيمية لانتخاب القيادات داخل الحزب، أو ما إذا كان سيلجأ على خلاف ذلك إلى تخفيض سن التقاعد لغيره ويستعين بذلك لإزاحة بعض الأعضاء الحاليين.
أول زعيم تُدرج أفكاره في الدستور
يبدأ مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني ببيانٍ يلقيه الأمين العام للحزب ويسرد فيه تقريراً يلخص إنجازات الحزب خلال السنوات الخمس الماضية، ويُفصح فيه عن الوجهة السياسية التي سيتخذها في السنوات الخمس المقبلة.
يراقب المعنيون بالشؤون الصينية هذا العام أولويات الحزب ومكامن اهتمامه، خاصة فيما يتعلق بسياسات الإغلاق والتقييد العام في مواجهة فيروس كورونا، والتعامل مع المصاعب الاقتصادية الحادة، والوجهة فيما يتعلق بما أعلنته الحكومة عن عزمها "الوحدة مع تايوان".
ومن المتوقع أيضاً أن يعزز شي خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني إرثه في تاريخ البلاد، على غرار إدخال تعديلات على دستور الحزب لنشر فكره وإبراز إنجازاته، وهي سمة معتادة في كل مؤتمر عام. وقد أشار بيان حكومي الشهر الماضي إلى أن المكتب السياسي ناقش هذه التعديلات خلال اجتماع مقرر، وإن لم يُكشف عن تفاصيلها.
أصبح شي في عام 2017 أول زعيم منذ ماو تسي تونغ -مؤسس الصين الشيوعية- تُدرج أفكاره في الدستور أثناء وجوده في السلطة، ويتوقع مراقبون أن يُمعن الرئيس الصيني في ترسيخ أفكاره ومبادئه الرئيسية بالدستور هذه المرة.
من المتوقع أن تكون هذه الموافقة على هذه التفاصيل أو عدمها علامات على مدى النفوذ الذي بات شي يحظى به داخل الدوائر العليا للحزب، ومدى قوة التأييد له وهو يتقدم إلى ولاية ثالثة تتجاوز القواعد المتعارف عليها في قيادة إحدى أقوى الدول في العالم.