إسرائيل تراهن على تصعيد حزب الله.. وإعادة سكان الشمال ليس أكبر همها

تحليل: خدعة إسرائيل الكبرى وأهدافها الاستراتيجية من حرب لبنان الثالثة.. ودور إيران بعد تصريحات خامنئي

profile
  • clock 28 سبتمبر 2024, 11:11:44 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال المحلل السياسي والعسكري في شؤون الشرق الأوسط، محمد صالح الفتيح، إن هناك أهدافا استرتيجية للاحتلال من حربه الثالثة على لبنان، بخلاف ما أعلنه رسميا عن وجود هدف وحيد لعملياته العسكرية، وهو خلق ظروف آمنة لعودة سكان الشمال.

واستدرك "الفتيح"، في منشور عبر حسابه بمنصة "إكس"، بالقول إنه رغم الإعلان الرسمي، إلا أن الأهداف الفعلية أكبر بكثير، منوها أن إسرائيل تسعى لتحقيقها منذ سنوات.

وأوضح "الفتيح" أن في استهداف القيادة العليا لـ"حزب الله" تحديداً تحقق إسرائيل هدفين استراتيجيين، الأول، إضعاف بنية القيادة والسيطرة لـ"حزب الله" بشكل غير مسبوق.

وأضاف: "هي عملياً أصابت "حزب الله" بشلل نصفي. وحرص إسرائيل على توجيه هذه الضربة قبيل الحرب، وفي أيامها الأولى، يشير لكونها تتوقع أن تكون الحرب طويلة وتريد أن تحقق ضرراً يستمر لعقد من الزمن على الأقل بـقدرات ووجود وصورة حزب الله".

إسرائيل تريد الحرب

ولفت المحلل العسكري إلى أن الهدف الثاني، وهو الأهم، هو أن تضمن أن "حزب الله" سيضطر لمتابعة الحرب للنهاية وألا يبحث عن مخرج سريع.

وتابع: "حزب الله ارتكب خطيئة استراتيجية منذ البداية عبر الرهان على أن هذه الحرب ستكون محدودة، وأن المخرج متوفر عبر إيقاف المواجهات بشكل متزامن مع توقف الحرب في غزة، ونسي أنه هو الهدف الأصلي للتحضيرات العسكرية الإسرائيلية منذ سنوات وليس فصائل غزة. ولهذا لم يبحث عن «خطة ب»".

وأشار إلى أنه حتى في الأيام الأولى لهذه الحرب (عملية "أسهم الشمال")، وعبر الرسائل المنقولة علناً، عبر نبيه بري، وعبر القنوات السرية، أظهر "حزب الله" الاستعداد للتفاوض والتوصل لتسوية، بما في ذلك تطبيق القرار 1701 وما يعنيه من انسحاب "حزب الله" من منطقة جنوب الليطاني.

وأردف: "لكن إسرائيل لا تريد تسوية سريعة. فقد حرصت عبر الضربات السابقة - خصوصاً تفجير أجهزة "البيجر" - أن تجعل "حزب الله" في وضع يضطر فيه لدخول حرب طويلة. وهذا ما حاول "حزب الله" التملص منه".

وأكد "الفتيح" أن إسرائيل الآن تراهن على أن أي وجوه جديدة تصعد للمواقع القيادية في "حزب الله" - بما في ذلك احتمال اختيار أمين عام جديد - ستجد نفسها مضطرة لمتابعة الحرب للنهاية وألا تبدأ عهدها بتنازلات لإسرائيل، لإن هذا سيعني الاعتراف بهزيمة استراتيجية، وإسرائيل بكل تأكيد ستضع شروطاً قاسية جداً (كما فعلت مع "حماس"). 

ونوّه المحلل السياسي والعسكري إلى أن حزب الله سيضطر الآن لمتابعة حرب اختارت إسرائيل توقيتها، ووتيرتها، ووجهت الضربات الأقسى فيها حتى قبل أن يتنبه خصمها. مضيفا: "هذا وضع استراتيجي مثالي لإسرائيل والتي لن تتخلى عنه قريباً. والحرب الحالية يمكن أن تستمر لفترة طويلة جداً، وربما خلال العام 2025".

 

وفي منشور آخر، عبر حسابه بمنصة فيسبوك، أكد الفتيح أنه سواء استشهد أمين عام "حزب الله" أم لا، فالحرب تسير وفق الخطة الإسرائيلية.

ولفت إلى أن إعلان أفيخاي أدرعي أنه على سكان أبنية معينة في الضاحية الجنوبية، ومحيطها، أن يغادروها لأنها ستضرب خلال بضع ساعات، يعني أن إسرائيل نجحت في تكرار مسار عملياتها كما ظهر في غزة، ونجحت بتحقيق مستوى عالي من السيطرة ولا تزال العواقب محدودة للغاية مقارنةً مع التقدم الإسرائيلي.

خدعة إسرائيل الكبرى

وشدد الفتيح على أن إسرائيل مارست خدعة كبرى خلال العام المنصرم. مضيفا: "تكرار عبارة "الخشية من الحرب الإقليمية" أبقى الطرف الآخر مرتاحاً ومقتنعاً أنه يشكل بالفعل مصدر قلق وتهديد ليس لإسرائيل وحدها بل للولايات المتحدة نفسها (التي كانت هي أكثر من يكرر هذه العبارة). وبقي "حزب الله" وإيران مقتنعين بأن إسرائيل مرتدعة إلى أن وصلنا إلى هنا".

وأشار الفتيح إلى أن إسرائيل ليست مستعجلة على تنفيذ عمل بري، فإعلان أفيخاي أدرعي تحديداً يشير إلى أنها ستستغرق وقتها في ضرب بنك الأهداف التي جمعتها، وتستمر بجمعها. وسيكون رهانها أن تكون العملية البرية في الجنوب اللبناني مجرد "عملية تمشيط" وليس عمليات اشتباك عنيفة ضد مقاتلين يستخدمون تكتيكات حروب العصابات.

وزاد: "بالمختصر، هي حربٌ اختارت إسرائيل توقيتها، ووتيرتها، وتدحرج مراحلها، طوال عام كامل، فيما بقي الطرف الآخر بدون استجابة جدية لأنه كان على "يقين" عالي أنه غير قابل للاستهداف، ففوت فرصة استغلال لحظة ضعف إسرائيل - والتي كانت بالأشهر".

 

إيران وحرب لبنان

وفيما يخص إيران وحرب لبنان الثالثة، قال "الفتيح" إن إيران لم تعقد أي صفقة على حساب "حزب الله". وهي غير قادرة على ذلك. ولا يوجد من هم مهتم بالشراء منها، أو بعقد صفقات كبرى معها من أي نوع (بما في ذلك حول الملف النووي الإيراني نفسه).

وأكد المحلل العسكري، في منشور عبر حسابه بمنصة فيسبوك، أن إيران ارتكبت نفس خطيئة "حزب الله" الاستراتيجية في تقدير نوايا وقدرات إسرائيل. والمرجح أنها هي نفسها لم تستيقظ حتى الآن.

وأشار إلى أن إيران ستضغط على "حزب الله" لمتابعة الحرب. وقول المرشد الإيراني اليوم إن "لبنان سيجعل العدو يندم على عدوانه" يعني بوضوح أن على "حزب الله" أن يتابع الحرب لترميم صورة إيران ومحور "الممانعة".

وأوضح "الفتيح" أن إيران لن تتدخل في الحرب الحالية بشكل مباشر، بل ستضغط على سورية، وعلى العراقيين والحوثيين للتدخل. لن تتدخل إيران ما لم تستهدف هي بشكل يهدد "الأركان الثلاثة الرئيسة لبقاء النظام الإيراني". ولن ترد حتى لو اغتيل المرشد نفسه.

وأضاف: "أما الرئيس الإيراني، بتصريحاته الرومانسية والجدلية، فهو مجرد شخصية ثانوية جداً في هذا الفيلم - هو مثل الفرقة الموسيقية في مشهد غرق السفينة في فيلم "Titanic": يقوم بأشياء محيرة تلفت النظر، ولكن لا معنى لها، ولا تؤثر فيما يحدث، ولكنها تجعله يشعر أنه يقوم بشيء ما!".

التعليقات (0)