- ℃ 11 تركيا
- 4 ديسمبر 2024
كمال يونس يكتب: عام من التضحية.. والخذلان!
كمال يونس يكتب: عام من التضحية.. والخذلان!
- 6 أكتوبر 2024, 4:11:52 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عام مر على ملحمة "طوفان الأقصى". عام مر على ملحمة المقاومة في الأراضي المحتلة، حيث كان يوم السابع من أكتوبر من العام المنصرم يوما فارقا في تاريخ الأمة العربية والإسلامية. فقد أعاد هذا اليوم العديد من الحسابات التي كان يجهلها الكثيرون من الأجيال الأمة العربية والإسلامية.
أولها: إنه كشف الحجم الحقيقي وقوة هذا العدو الصهيوني، والذي كان يلهث خلفه الكثيرون من حكام العرب طلبا للسلام والتطبيع، خوفا منه ومن قوته، حتى جاء هذا اليوم وأدرك الجميع أن هذا العدو المحتل عدو هش كبيت العنكبوت.
ولولا وقوف أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرهم خلفه، لسقط هذا العدو من أول أسبوع.
ثانيا: كشفت هذه الحرب أن الصراع بيننا وبين هذا العدو الصهيوني، ليس صراعا سياسيا فقط، بل هو صراع عقائديا. وخير شاهد على ذلك كل هذا الدعم الذي يقدمه اليهود في كل أنحاء العالم لليهود في الأراضي المحتلة، سواء كان دعما ماديا أو معنويا.
في الوقت الذي رأينا فيه حكام العرب التزموا الصمت إزاء كل ما يحدث لإخواننا في فلسطين وفي لبنان وفي اليمن وفي سوريا. بل والأدهي والأمر، ما كشفته المواقع الإخبارية عن تقديم مساعدات من دول عربية لهذا المحتل القاتل. وأن 77 شركة عربية قدمت الدعم العيني لدولة الكيان، مساعدة منهم في قتل النساء والأطفال والشباب والشيوخ.
بل رأينا حكومات عربية تقدم دعما لهذا المحتل الغاصب، في الوقت الذي يقف فيه يهود العالم خلف هذا الكيان الصهيوني الغاصب في كل المحافل الدولية كمجلس الأمن والأمم المتحدة، حتى قرارات محكمة العدل الدولية لم تطبق، فهي قرارات لا تطبق إلا العرب والمسلمين فقط، كما حدث في العراق من قبل.
بل والأدهي من كل ذلك، موقف بعض وسائل الإعلام العربية التي تلقى باللوم على المقاومة، وتتهمها بأنها السبب في كل ما يحدث في الأراضي المحتلة! بل وتتهمها بـ"عدم تقدير" الموقف! ونسى هؤلاء بأن الإسلام به فريضة أخرى هي فريضة الجهاد، والتي أوجبها الفقهاء بأنها فرض عين على كل مسلم ومسلمة إذا انتهك شبر واحد في أرض المسلمين.
نسى هؤلاء كيف كانت غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن المسلمين قاتلوا عدوهم رغم إنهم كانوا قلة وكان عدوهم كثرة، كما حدث في غزوة بدر، والأحزاب، وتبوك التي خرج فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون، في وقت كان من أشد الأوقات حرا. وكانت المحاصيل قد حان وقت قطفها وجنيها، ورغم ذلك خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- للجهاد. ولو كان الأمر كما يقولون، لبقى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة وجنى المحصول واكتفى بذلك.
ثالثا: أظهرت هذه الملحمة حجم الأطماع الصهيونية في كل بلاد العرب، وأن شعارهم من (النيل إلى الفرات) ليس شعارا منسيا عندهم، وأن علم الصهاينة ذو الخطين الأزرقين يعبر عن هذا الحلم.
وخير شاهد على ذلك ما يفعله الصهاينة في لبنان وسوريا واليمن الآن، بل إن خريطة إسرائيل الكبري تعبر عن ذلك. ولكن حكامنا لا يهتمون بذلك بقدر ما يهتمون بالحفاظ على مقاعدهم وكراسيهم.
رابعا: أعادت هذه الحرب إحياء قضية فلسطين بعد موات ممنهج ومصطنع. لقد أوشكت الأجيال المتعاقبة علي نسيان أن هناك أرض محتلة اسمها فلسطين، وأن هناك محتلا هو عدو لكل العرب والمسلمين، يحتل أرضا عربية ليس في فلسطين فقط، بل في سوريا وفي لبنان.
ولكن بفضل الله، ثم بفضل ما حدث أخيرا، عرفت كل الأجيال أن هناك أرضا عربية محتلة، وأن هناك عدو محتل يريد توسيع ملكه، وإن هناك لوبيا يهوديا يقف خلفه.
إن ما يفعله بعض حكام العرب والمسلمين من اللهث خلف هذا العدو الصهيوني من تطبيع ونحوه، سوف يبوء بالفشل، تحقيقا لوعد الله عز وجل ووعد رسوله -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في حديث: "لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيختبأ اليهودي خلف الشجر والحجر، فيقول الشجر والحجر، يا مسلم هذا يهودي خلفه فاقتله، إلا شجر الغرقد".
ولعلنا رأينا كيف يهتم اليهود بزراعة هذا النوع من الشجر، ولكن علماء الزراعة قالوا إن هذا الشجر أقصى مدة يعيشها هي ستة أشهر فقط.
وأيضا، ما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده ( 5/269) عن أبي أمامة الباهلي قال: "قال صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم" (وفي رواية أخرى: "لا يضرهم من خالفهم") حتى يأتيهم أمر الله عز وجل وهم كذلك. قالوا يا رسول: وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس". أخرجه الطبراني ( 20/754) وابن حبان في صحيحه. والله المستعان.