د. ناصر محمد معروف يكتب: التمايز والخلطة طريقان متناقضان فكيف؟

profile
د. ناصر محمد معروف نائب رئيس دائرة القدس رابطة علماء فلسطين
  • clock 21 فبراير 2023, 6:28:43 ص
  • eye 238
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أسرار: ولا تكن من الغافلين:

لو تأملنا مدى مسارعة الصحابة رضي الله عنهم لتنفيذ الأمر والمبادرة له، وتطبيق ما يملى عليهم على أرض الواقع لعلمنا سرّ ارتقائهم ورفعتهم، وعلوّ شأنهم.

إن الصحابة رضي الله عنهم بمجرد أن نزل قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: 104]، علموا أن المطلوب منهم أن يتمايزوا عن أهل الكتاب فيتجنبوا حتى ألفاظهم، وفهموا بأن النهي عن هذا اللفظ يقتضي تجنب الأفعال أيضاً، فإذا كان النهي عن اللفظ ؛ فمن باب أولى الأفعال، فلا يعقل أن يكون العبد ملتزماً، مصلياً، عابداً، قائماً، قارئا للقرآن، ولا تراه يصاحب إلا أهل الفسوق ممن يتعاطى الحبوب المخدر، ويضيع أوقاته في الملهيات، والمجون، وغير ذلك، فلا ترى فرقاً بين الملتزم وبين المتفلت، فالمسلم يجب أن يتميز بسمته وشكله وسلوكه، فيشار إليه بالبنان.

وهذا لا يعني أن يقيم الملتزم صحبةً بقصد التأثير والهداية، فإذا كان هذا هو القصد فإنه يباح إليه ذلك بشرط، أن يكون قاصدا التأثير والهداية ، فإن رأى استجابةً ولو بالتدرج، أكمل، وإن لم ير ذلك ترك، وبحث عن مكان يؤثر فيه.

وهذا ما استفاد منه الصحابة رضوان الله عليهم، وفهموا دورهم، فعندما تمايزوا وطبقوا التمايز، تركوا كل ما كان ماضياً سيئاً، حتى أنهم تركوا السعي بين الصفا والمروة، بسبب وجود صنمي أساف ونائلة عليهما، فنزل القرآن يرشدهم إلى أن التمايز لا يعني ترك العبادة من أجل خوف التهمة واللمز، إنما التمايز يكون بترك القبيح، ونزلت آيات سورة البقرة بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 158]
فعرف الصحابة متى يكون التمايز ومتى تكون الخلطة، وهذا هو ما يجب أن يفهمه الملتزم هذا الزمان.
 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)