- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: وفق المنظور العسكري.. سورية وإيران وعقيدة الطرف الإسرائيلية.
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: وفق المنظور العسكري.. سورية وإيران وعقيدة الطرف الإسرائيلية.
- 9 مايو 2023, 11:00:18 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بات واضحاً أن المُستجدات التي طرأت على التحالفات الإقليمية، قد أثرت عميقاً في بنيتها وأساسيات تكوينها. حتى أن العوامل التأثيرية ببُعديها السياسي والعسكري، الناظمة لهذه التحالفات، باتت بحاجة ماسة إلى عمليات تصويب وتقويم، بُغية مُجاراة الشرخ الذي أصاب جُل التحالفات التقليدية الإقليمية، وتحديداً عُقب الحرب على سوريا. في هذا الإطار، وعلى اعتبار تداعيات الحرب السورية، ونتائجها في إعادة ترتيب النظام الإقليمي. من الواضح أن إسرائيب باتت على حافة فالق استراتيجي يُهدد وجودها، خاصة أن بداية تشكيل إسرائيل، كان ولا زال هاجس العُزلة يُشكل أهم تهديد لصُناع القرار في تل أبيب، حتى أن الأبعاد الجيواستراتيجية التي ترتكز عليها إسرائيل، في صياغة منظورها السياسي والعسكري، باتت بحاجة ماسة إلى إعادة صياغة المفاهيم، ضمن مُحيط تعج به التغيرات المتسارعة، حيث أن جُملة الاستراتيجيات الاسرائيلية التي توصلت اليها مراكز الأبحاث في تل أبيب، صوبت على جُزئيات الحرب السورية، ومآلاتها ومن ثم نتائجها على إسرائيل.
من هنا فقد باتت استراتيجية عقيدة الطرف الاسرائيلية، التي ابتكرها ديفيد بين غوريون أول رئيس للحكومة الإسرائيلية ووزير دفاعها، والتي تمحورت حول تعزيز قوة الردع وفقًا للظروف الجيوسياسية المتعلقة بضعف العمق الاستراتيجي لـ إسرائيل، وتكوين شراكات مع الدول غير العربية في المنطقة مثل إيران وتركيا وإثيوبيا، عوضًا عن استخدام الحرب الوقائية للدفاع عن أمنها القومي، ونقل المعركة إلى خارج الحدود الإسرائيلية، باتت بعيدة عن التطبيق الواقعي. لكن ضمن هذا المُعطى، برزت العديد من المتغيرات الإقليمية التي من شأنها اختبار العقيدة الأمنية الإسرائيلية، وعلاقاتها الخارجية بما يستدعي الوقوف عند حدود هذه العقيدة ومدى نجاحها.
وعليه، فإن ما أسست له إسرائيل على مدى عقود، يُعاني اليوم من الترهل العسكري، في ظل تحديات عسكرية وأمنية تطوق مُجمل الجبهات، الأمر الذي أطر جُلّ التوجهات الاسرائيلية في المنطقة، وباتت إسرائيل تبحث عن مسوغات تكون في المضمون والأهداف، رافعة واستدامة لتواجدها في المنطقة.
في ظل ما سبق من معطيات. تحاول اسرائيل هندسة ظروف جديدة عِمادها قوة التحالفات الغير تقليدية، فالأساس العملي يفرض البحث عن استراتيجيات من شأنها تأطير التحديات العسكرية والأمنية، والحد من تأثيرات التحالف الايراني السوري، ومن ثم التحالف المُستجد الإيراني السعودي، وبالتالي فإن التوجه الاسرائيلي لبعض بُلدان الخليج، يأتي ضمن جُزئية تشكيل جبهة مضادة، وبرعاية أمريكية، وقد لا يبدو مُستغرباً التقارب الغير العلني، بين بعض دول الخليج وتل أبيب، خاصة وسط الأجواء السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة، كما أن ترتيب الأولويات الإقليمية بات ضرورة استراتيجية للتحالفات الوليدة الغير تقليدية، فالسعودية مثلاً ورغم ما يُشاع من أجواء إيجابية عن عودة العلاقات مع دمشق، إلا أن طبيعة الوقائع الإقليمية، تأخذنا بعيداً عن ماهية ومضمون هذا المشهد، خاصة أن واشنطن لا ترى ضرورة بل وتعارض التقارب السعودي مع دمشق، الأمر الذي يفرض نوعاً من التأني والتعمق في هذا المشهد، الذي يحمل في طياته الكثير من الاشارات، وبذات التوقيت هناك رغبات اسرائيلية أمريكية لا زالت تُهندس مشهد التحالفات، فالكل مُتفق على ضرورة وضع إطار رادع لدمشق وعلاقاتها مع إيران، وفي جانب أخر ترى تل أبيب ضالتها في البحث عن شريك اقليمي فاعل ومؤثر كـ السعودية. وبين هذا وذاك، يبدو أن الرهان الاسرائيلي يرتكز اليوم على الإستمرار باستهداف التواجد الإيراني في سورية، وإنشاء شبكة علاقات غير تقليدية في عموم الإقليم.
في السياق، فإن غالبية مراكز الأبحاث الإسرائيلية، تعرض تقاريراً عن التطورات المحتملة في البيئة الاستراتيجية لـ"إسرائيل" في الفترة القادمة، وتقدم توصيات مناسبة للتعامل مع التحديات الجديدة. ومن جُملة ذلك، فإن غالبية التقارير توصي بـ مواصلة التحاور مع روسيا على وجه الخصوص، والسعي للحفاظ على حرية العمل في الأجواء السورية، ضمن بحثٍ عن سبلٍ لتعويض الإخفاقات الاستراتيجية في الساحة السورية، وذلك نتيجة إنقلاب موازين الحرب في سورية لصالح دمشق وحلفاؤها، إذ بات تغيير النظام السياسي في سورية، أمراً صعب المنال وفق المنظور الإسرائيلي، وبالتالي بات هناك حاجة إسرائيلية ماسة، لفرض واقع جيواستراتيجي جديد في سوريا. وضمن ذلك يبدو أن دمشق تعمل اليوم في سياق مُختلف، فهي تعزز تحالفها العسكري مع إيران، وبذات التوقيت تعزز تحالفاتها السياسية مع الدول العربية.
نتيجة لِما سبق، تدرك إسرائيل ومقاربتها الأمنية والعسكرية لمجمل التطورات في سورية والمنطقة، أن تغير المعطيات يفرض تعاطياً مختلفاً ومغايراً معها، إضافة إلى ذلك، فإن اسرائيل تدرك تماماً أن الساحة السورية، باتت ملعباً إيرانياً مُتقدماً، وأن هناك قرار إيراني سوري بوضع حد للإعتداءات الإسرائيلية. في هذا الإطار، ذكر موقع "Avia.Pro" الروسي الذي يتابع أخبار الطيران، أن سوريا قررت شراء منظومة " Bavar 373". بالتوازي مع ما كتبه موقع "دبكا فايل" الإسرائيلي في هذا الصدد: وفقًا لبيانات من عدة مصادر، فقد تم نشر أنظمة الدفاع الجوي الإيراني في سوريا. وقد توصلت طهران وموسكو إلى اتفاق يسمح لإيران بنشر نظامها المضاد للطائرات على الأراضي السورية.
المعطيات السابقة تؤكد بأن دمشق وموسكو وطهران، تجمعهم رؤيه واحدة وهدف واحد، فالحد من الاستفزازات الاسرائيلية المُتكررة ضد سوريا، بات ضرورة استراتيجية، ولعل المنطلقات التي وحدت دمشق وموسكو وطهران، تتمحور حول ردع اسرائيل، ومنعها من العبث بما تم تحقيقه في سوريا، إضافة إلى منع الانجرار نحو حرب إقليمية كارثية، خاصة أن إسرائيل قد تمت محاصرتها ضمن نفق انعدام الخيارات، لا سيما أن مُرتكز الأهداف الاسرائيلية، ينطلق من منع تواجد وتمركز القوات الايرانية في سوريا.
صفوة القول، الواضح أن دمشق وطهران، لا سيما بعد زيارة الرئيس الإيراني الى دمشق، قد أسسا منظومة عسكرية ستتكشف تفاصيلها في المرحلة القادمة، ومع الأنباء التي تتحدث عن نشر منظومات صاروخية إيرانية في سورية، كـ النظام الراداري طويل المدى لمنظومة Bavar 373، والذي يتمتع بـ 320 كيلومتراً مدى السيطرة، و 260 كم مدى الرصد والمتابعة، و200 كم المدى التشغيلي، لاستهداف مجموعة متنوعة من الصواريخ والطائرات، حتى اكتشاف 300 هدف، وتتبُّع 60 هدفاً في آن واحد، الأمر الذي تضعه إسرائيل، في إطار الهواجس الحقيقة المُهددة لعمل سلاح الطيران الإسرائيلي في أجواء المنطقة، وعليه، فإن إسرائيل اليوم تبحث عن حلقات عسكرية وأمنية جديدة، ضمن وعلى أعتاب عقيدة الطرف الإسرائيلية.