- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: إسرائيل... امام الأزمة الدستورية القادمة
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: إسرائيل... امام الأزمة الدستورية القادمة
- 30 أغسطس 2023, 11:55:28 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تقوم المحكمة العليا الإسرائيلية لأول مرة بمراجعة طعون ضد التعديلات القضائية، إذ تنطوي الحالة على تعديلات لقوانين أساسية قائمة ، وإذا رفضت المحكمة العليا مثل هذا القانون ولم توافق الحكومة على قرار المحكمة، ستتعرض البلاد لأزمة وجودية .
حيث بدأت المحكمة العليا في إسرائيل منذ ايام النظر في أول طعن من سلسلة طعون على تعديلات النظام القضائي التي يدفع بتطبيقها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته الائتلافية اليمينية الأمر الذي قد يتسبب في أزمة داخلية غير مسبوقة، فيما يحذر مراقبون من حدوث أزمة دستورية في البلاد، بغض النظر عن أي قراره ستتخذه المحكمة .
ويفرض التعديل، الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية في مارس على “قانون أساسي” يعد بمثابة دستور، قيودا على الشروط التي يمكن بموجبها اعتبار أن رئيس الوزراء أصبح غير لائق لأداء مهامه، أو فاقدا للأهلية وإقالته من المنصب .
ويريد مقدمو الطعن، الذين تدعمهم المدعية العامة ، الى إلغاء ذلك التعديل محتجين بأن البرلمان أساء استخدام سلطته من خلال تكييفه ليناسب نتنياهو شخصيا ، ويقول المؤيدون إنه يحمي أي زعيم منتخب ديمقراطيا من الإطاحة به على أسس خاطئة .
ويحكم ثلاثة قضاة بين طرفي القضية التي تضع المحكمة العليا في مواجهة الكنيست أو البرلمان الذي يبعد مسافة قصيرة من المحكمة .
أنصار نتنياهو اعتبروه تدخلا من قضاة غير منتخبين في تفويض حصلت عليه الحكومة الائتلافية التي تشكلت بطريقة ديمقراطية بعد انتخابات .
وستجتمع هيئة المحكمة بالكامل، المكونة من 15 قاضيا، لأول مرة في تاريخ إسرائيل في 12 سبتمبر المقبل للنظر في الطعن على تعديل آخر للقانون الأساسي يقيد سلطات المحكمة العليا .
وكان الائتلاف الحكومي قد وافق على التعديل الذي يحد من سلطة المحكمة في إبطال القرارات الحكومية باعتبارها “غير معقولة” في تصويت برلماني قاطعته المعارضة تسبب في اندلاع احتجاجات جديدة في أنحاء البلاد .
و تعتبر المحكمة العليا هي آخر جهة تراقب السلطة التنفيذية وتعمل بشكل وثيق مع السلطة التشريعية في بلد لا يوجد فيه دستور رسمي مكتوب بل “قوانين أساسية” يمكن تعديلها بسهولة .
وتنبع أهمية القضية من أن القانون المثير للجدل يتعلق بأحد القوانين الأساسية في إسرائيل، وهو قانون السلطة القضائية، الذي يحدد المؤسسات القضائية وسلطتها وطريقة تعيين قضاتها وعلاقتها بالدولة .
ولا تملك إسرائيل دستورا مكتوبا ، ولكن بدلا من ذلك، تعتمد على 13 قانونا أساسيا، بالإضافة إلى سوابق قضائية ، وهذا يجعل المحكمة العليا الضابط الوحيد للسلطة التنفيذية والتشريعية، وهي سلطة قيدها التصويت الجديد.
و من شان اي تعديل للقانون الأساسي ان يقيد استخدام المراجعة القضائية للقرارات الإدارية للحكومة والوزراء ورئاسة الوزراء، وتوضح أنه لم يسبق للمحكمة العليا أن ألغت من قبل تشريعات القوانين الأساسية، وبدلا من ذلك اختارت التفسير أو الإذعان لإجراءات أخرى، على غرار مبدأ “المعقولية” .
لكن يبقى الجدل بشأن ما إذا كان بإمكان المحكمة مراجعة القوانين الأساسية، وهو ما يثير خطر حدوث أزمات دستورية، إذا فعلت ذلك .
ويشير خبراء في القانون إلى أنه بإمكان المحكمة تعليق العمل مؤقتا بالقانون، لكن الإعلان الصادر لم يشر إلى ذلك، وتحدث عن تنظيم جلسات استماع في سبتمبر بعد عطلة المحكمة .
ويؤكد الخبراء أن إلغاء قانون أساسي يبقى في منطقة مجهولة للمحكمة العليا، لكن المحكمة قد أبدت رأيها في قوانين أساسية من قبل ، في عام 2021، على سبيل المثال، قيدت القانون الأساسي المتعلق بهوية دولة إسرائيل .
رئيسة المحكمة العليا أستير حاسوت قالت إن بإمكان المحكمة إلغاء قانون أساسي إذا كان يعرض للخطر المبادئ الديمقراطية، مثل القوانين التي تتعارض مع “انتخابات حرة ونزيهة وحقوق الإنسان الأساسية وفصل السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء” .
لذلك إذا قررت المحكمة إلغاء القانون الجديد، سيكون ذلك بمثابة رسالة إلى الحكومة أن سلطاتها مقيدة وأنها يجب أن تحصل على توافق أوسع للموافقة على تغيير القانون الحالي .
المحكمة قد تحاول الطعن دفاعا عن الديمقراطية، لكن العملية ستكون صعبة بسبب طبيعة النظام القانوني .
هناك أزمة دستورية قائمة بالفعل ، وإذا لم تتدخل المحكمة فالنتيجة ستكون انهيارا في المجتمع الإسرائيلي، وإذا تدخلت، فقد ينتهي الأمر بتغيير الحكومة لمسارها .
وعلى الرغم من أن المحكمة قد تحاول الطعن في القانون على أسس الدفاع عن الديمقراطية، فإن العملية ستكون صعبة بسبب طبيعة النظام القانوني في إسرائيل.
يوهانان بليسنر رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في القدس قال “ إن إسرائيل في وضع فريد لأنه ليست لدينا إجراءات خاصة للتعديلات الدستورية.. لأنه ليس لدينا دستور” لذلك تلجأ إلى القوانين الأساسية ، ويرى أن ذلك يجعل النظام القانوني في إسرائيل “عرضة بشكل خاص للانتهاكات الدستورية”.
ففي حين استبعد بعض المسؤولون الحكوميون أن تلغي المحكمة القانون، حيث توقع مسؤولون في المعارضة أن تفعل ذلك بعد فترة تهدئة، وهو ما قد يدخل البلاد في أزمة دستورية.
و على اي حال فأن أي قرار تتخذه سيكون المحكمة سيكون إشكاليا للغاية، من ناحية فإن رفض القانون سيؤدي بإسرائيل إلى أزمة دستورية، والموافقة عليه ستؤدي إلى إجراءات غير مسبوقة يمكن أن تقوض جاهزية الجيش، ومن ثم تدخل إسرائيل فترة من عدم اليقين من شأنها الإضرار بأمنها واقتصادها وعلاقاتها الدبلوماسية، وحدوث اضطرابات داخلية لفترة طويلة من الزمن .
علما بأن خطة التعديلات القضائية لحكومة نتنياهو تسببت في إحداث صدع كبير داخل المجتمع الإسرائيلي وقوبلت باحتجاجات غير مسبوقة ومستمرة منذ شهور، وأثارت قلق حلفاء اسرائيل في الخارج على الحياة الديمقراطية، وزعزعت ولاء بعض جنود الاحتياط في الجيش .
وينظر الى وزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الاقتصاد نير بركات، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست يولي إدلشتاين أنهم من الشخصيات المعتدلة داخل الليكود حزب نتنياهو على أنهم من الشخصيات القادرة على الضغط من أجل التوصل إلى اتفاقات مع المعارضة .