اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: دولة الكيان بعد التعديلات القضائية ما بين التفكك ام التطرف

profile
  • clock 26 يوليو 2023, 8:19:15 م
  • eye 520
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

حذر الكاتب الأميركي توماس فريدمان من أن إسرائيل ربما تنهار من الداخل، وأنها بحاجة ملحة للإنقاذ، وأن الشخص الوحيد الذي يستطيع ذلك هو الرئيس الأميركي جو بايدن.

وأوضح فريدمان في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز انه إذا نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تمرير مشروع قانون التعديلات القضائية، فسيتسبب في كسر الجيش الإسرائيلي، وتقويض القيم المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والمصالح الأميركية الحيوية.

وأشار إلى أنه في هذا التشريع وبدون أوسع إجماع ممكن يعتبر بمثابة صدمة كهربائية للنظام السياسي الإسرائيلي، لأن الغالبية العظمى من الإسرائيليين يعتقدون، وبحق، أن بايدن صديق حقيقي وأن نصيحته نابعة من القلب.

وأضاف فريدمان أنه يعتقد أن حكومة نتنياهو بحاجة إلى جرعة أخرى من نصائح بايدن، لأن هذه الحكومة تمضي قدما رغم إلحاح الرئيس الأميركي، ورغم تحذير أكثر من 1100 طيار وفني في سلاح الجو الإسرائيلي من أنهم لن يطيروا من أجل الدكتاتورية، ورغم توقيع العشرات من كبار المسؤولين الأمنيين السابقين خطابا يطلبون فيه من نتنياهو التوقف، وكذلك تحذير منتدى الأعمال الأعلى في إسرائيل من "عواقب مدمرة لا رجعة فيها على الاقتصاد الإسرائيلي"، والمخاوف من احتمال أن تؤدي هذه التعديلات في النهاية إلى كسر تماسك الوحدة في قاعدة الجيش الإسرائيلي ،وبأنه إذا مضى نتنياهو إلى الأمام دون إجماع فإن ذلك سيفتت المجتمع الإسرائيلي وجيشه .

وأعرب فريدمان عن أمله في ألا يكون الوقت قد فات بالفعل، قائلا إن حكومة نتنياهو "الأكثر تطرفا في إسرائيل على الإطلاق" تفكر في مشروعي تفكيك، الأول هو تفكيك سلطة المحكمة العليا في كبح جماح الأجندة المتطرفة لهذه الحكومة، والآخر هو تفكيك عملية أوسلو للسلام وخريطة الطريق لحل الدولتين، من أجل تمهيد الطريق لضم إسرائيلي أحادي الجانب للضفة الغربية، قائلا إن أوسلو كانت حجر الزاوية في سياسة أميركا في الشرق الأوسط منذ عام 1993.

وقال إن بايدن يواجه أحد أكبر القرارات المتعلقة بإستراتيجية الولايات المتحدة على الإطلاق في الشرق الأوسط.

وأوضح أن هناك فرقا كبيرا بين جعل المحكمة العليا الإسرائيلية أكثر تمثيلا وشمولا سياسيا وعرقيا وبين جعل الحكومة الإسرائيلية الحالية محصنة ضد مراجعة قراراتها، لا سيما في نظام تكون فيه المحكمة العليا في إسرائيل هي الضابط الحقيقي الوحيد لتجاوز السلطة التنفيذية.

وختم بالقول إن تحصين قرارات الحكومة من المراجعة هو ما يريد تحالف نتنياهو القيام به، وهو الذي يقوّض ليس فقط القيم المشتركة بين أميركا وإسرائيل، بل أيضا المصالح الأميركية الإستراتيجية الخاصة.

في هذا السياق وبعيدا عن مقال فريدمان يعتبر نجاح الائتلاف اليميني الحاكم في اسرائيل في تمرير خطة التعديلات القضائية بأنه سيمس بمبادئ أساسية في نظام الحكم القائمة في اسرائيل، ويمهد لإضعاف القضاء وأجهزة الرقابة العامة، لصالح توسيع متطرف لصلاحيات الحكومة، تقود نحو درجة من الاستبداد في الحكم.

 إذا نجح الائتلاف الحكومي بتوسيع الصلاحيات الحكومية مستقبلا، فهذا يعني منح الحكومة صلاحيات واسعة من دون إمكانية الرقابة على نهجها وسياساتها وممارساتها، وهو النقاش الذي يعكس استقطابا سياسيا واجتماعيا ودينيا داخل المجتمع اليهودي.

وعن مدى تأثير تمرير التعديلات المقترحة على واقع الفلسطينيين في الداخل، فان الائتلاف الحكومي الحالي لديه خطط واضحة لسلب الحقوق المدنية للفلسطينيين داخل إسرائيل، وبالتالي التعديلات تمس كل ما يتعلق بالمواطنة لفلسطينيي 48 ومكانتهم في وطنهم وحقهم في الأرض والمسكن.

وفي ما يتعلق بتأثير التعديلات القضائية على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، فان الائتلاف الحكومي الحالي يعتمد على أحزاب المستوطنين والأحزاب اليهودية الدينية المتشددة، ويرتكز على الأيديولوجية اليمينية المتطرفة والفوقية اليهودية التي لا تعترف بوجود الشعب الفلسطيني.

وان التعديلات القضائية بمثابة إعلان حرب على وجود الشعب الفلسطيني، سواء داخل الخط الأخضر بمواصلة سياسات التمييز والعنصرية وتجريدهم من حقوقهم الأساسية، أو في المناطق المحتلة عام 1967 بمواصلة التطهير العرقي ونهب الأراضي الفلسطينية لصالح توسيع المشروع الاستيطاني.

وتفضي التعديلات القضائية لحكومة نتنياهو إلى ترسيخ فكرة إقامة "دولة القومية اليهودية" على كل مساحة فلسطين التاريخية، ولتحقيق فكرة هذا المشروع الاحتلالي، فإن الحكومة بحاجة إلى إضعاف إضافي للمحكمة العليا والمستشار القضائي للحكومة وأجهزة الرقابة في إسرائيل.

 أنه من خلال إضعاف هذه المنظومة والأجهزة القضائية، يتم تمهيد الطريق للائتلاف الحكومي إلى تنفيذ المزيد من الخطوات الاحتلالية الاستبدادية في أرض فلسطين التاريخية، مستذكرا محدودية دور الجهاز القضائي بإسرائيل الذي لعب دورا سابقا و لاحقاً في شرعنة الاستيطان ودعم سياسات الاحتلال.

و بذلك فان الشعب الفلسطيني أمام مخاطر حقيقية، سواء في الداخل أو في الضفة الغربية المحتلة وعموم الاراضي المحتلة عام 1967، وهو ما يلزم ترسيم وحدة وطنية بين مختلف الحركات والأطر الأهلية والأحزاب والفصائل، وبناء جبهة عربية وفلسطينية موحدة لمواجهة الائتلاف اليميني المتطرف الذي يتجه نحو التصعيد واقتراف جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني .

لكن المخاطر في هذه المرحلة ستشهد تصعيدا في هذه الجرائم نحو تنفيذ مخططات ضم الأراضي الفلسطينية بالضفة للسيادة الإسرائيلية، ضمن مجالات لحسم الصراع ومنع إقامة دولة فلسطينية، والتوجه نحو فرض دولة يهودية صهيونية على كامل أرض فلسطين التاريخية.

 لا شك ان الجهاز القضائي كان دائما متواطئا وداعما لوجود الاحتلال و لسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه الشعب الفلسطيني لكن التعديلات القضائية والحد من صلاحيات الجهاز القضائي سيمكنان أحزاب اليمين المتطرف من المضي قدما في مخطط الضم وحسم الصراع، وهو ما تطرق إليه رئيس تحالف الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش في برنامج حزبه الانتخابي.

 وأن التعديلات القضائية تعكس التحول والتغيير اللذين تعيشهما إسرائيل بالتعامل مع الملف الفلسطيني، الأمر الذي سيمكن من تشريع المزيد من القوانين العدائية للنضال الفلسطيني، والسعي لتقويض المقاومة ومنع تعاظمها بالضفة الغربية، وهذا يدخل ضمن البرنامج السياسي لأحزاب الائتلاف اليميني الحاكم.

وان ما بعد التعديلات القضائية، باتت إسرائيل أكثر عدوانية تجاه الشعب الفلسطيني ، حيث سيترجم هذا العداء بالتشريعات التي سيسنها الكنيست للتضييق على الفلسطينيين في كافة مناحي الحياة، مقابل الإمعان في خطط الضم وتوسيع المشروع الاستيطاني.

 

 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)