- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
"الضبعة" النووية.. مشروع استراتيجي مصري يتحدى الأزمات (إضاءة)
"الضبعة" النووية.. مشروع استراتيجي مصري يتحدى الأزمات (إضاءة)
- 17 مارس 2023, 8:22:10 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إسطنبول/ الأناضول
ـ محطة الضبعة النووية تم الاتفاق على بنائها بين مصر وروسيا في 2015
- سيتم إنتاج 4800 ميغاواط من الكهرباء من أربع مفاعلات بتكلفة 30 مليار دولار
ـ تأخر الانطلاق في تنفيذ المشروع من 2017 إلى غاية 2022
شكلت زيارة وفد من شركة "روساتوم" الروسية لموقع إنجاز محطة الضبعة النووية في مصر، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، تأكيدا على استمرارها في تنفيذ المشروع بعدما أثيرت مزاعم حول إمكانية توقفه بسبب موقف القاهرة من الحرب في أوكرانيا.
كانت مصر صوتت في مارس/آذار 2022، لصالح قرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، "يطالب روسيا بالتوقف فورا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا".
لكنها بعد شهر من ذلك، امتنعت عن التصويت على تعليق عضوية روسيا بمجلس حقوق الإنسان، في محاولة لموازنة علاقاتها مع موسكو وواشنطن، في ظل محاولة الجانبين استقطابها لمعسكرهما.
تأخر تنفيذ المشروع خمس سنوات، ولم يتم بدء صب الخرسانة في الوحدتين الأولى والثانية إلا في 2022، ومن المرتقب أن يتم صب الخرسانة في الوحدة الثالثة خلال العام الجاري.
** أول مشروع للطاقة النووية بمصر
رغم أن عمر البرنامج النووي المصري يعود إلى 1956، إلا أن أول مشروع لبناء محطة نووية في البلاد، انطلق فعليا في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
في ذلك التاريخ، وقعت مصر وروسيا اتفاقا على إنشاء محطة الضبعة النووية، في محافظة مرسى مطروح، غرب القاهرة، والمطلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط.
قدرت تكلفة المشروع الضخم 30 مليار دولار، منها 25 مليار دولار قرض روسي، تبدأ مصر في سداده بفائدة 3 بالمئة اعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول 2029، ولمدة 35 عاما.
تضم المحطة النووية، المخططة لإنتاج 4800 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، أربعة مفاعلات نووية، تتميز بارتفاع معدلات الأمان، وانخفاض التكاليف، ويصل العمر الافتراضي لها لأكثر من 60 عاما.
تأخر تنفيذ المشروع خمس سنوات، بسبب عدة تحديات أعاقت المشروع، بعدما كان مقررا له أن ينطلق رسميا في 11 ديسمبر/كانون الأول 2017، وأن تسلم الوحدة الأولى منه في 2024.
وذكرت صحيفة "الدستور" المصرية نقلا عن مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إنه "وفق المخطط الزمني المتفق عليه مع الجانب الروسي، فإن الانتهاء من الوحدة الأولى من المشروع والاستلام الابتدائي والتشغيل التجاري في بداية عام 2029".
بينما كشفت "شركة كوريا للطاقة المائية والنووية"، المُشارِكة في بناء محطة الضبعة النووية، إنها تسعى إلى التشغيل التجاري للوحدة الأولى بالمحطة في عام 2028، على أن تستكمل بناء جميع الوحدات الأربعة في عام 2030.
2022، كان العام الذي تم فيه تنفيذ المشروع بعد صب الخرسانة في الوحدة الأولى للمحطة في يوليو/تموز الماضي، كما تم البدء بالصبة الخرسانية للوحدة الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ومن المرتقب أن يتم صب الخرسانة في الوحدة الثالثة هذا العام، ويتبقى حينها الوحدة الرابعة فقط.
وبالتزامن مع صب الخرسانة في الوحدات الأربعة، يتم تصنيع مختلف المعدات وجسم المفاعلات النووية بروسيا.
وفي يونيو الماضي، أقيمت مراسم إطلاق تصنيع القطع الوسيطة لجسم المفاعل الخاص بوحدة الطاقة الأولى في محطة الضبعة النووية المصرية، في الموقع الإنتاجي بمدينة كولبينو، بالقرب من مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، وفق موقع "روس آتوم" بنسخته العربية.
ووفق الاتفاق المبرم بين البلدين، ستساعد روسيا الجانب المصري على تدريب كوادر المحطة النووية المصرية، وستقدم الدعم في تشغيل وصيانة المحطة على مدار السنوات العشر الأولى من تشغيلها، وإنشاء مرفق لتخزين الوقود النووي المستهلك.
** أهمية استراتيجية
رغم أن مصر تمكنت من تحقيق اكتفائها من الطاقة الكهربائية، بفضل اكتشاف حقل الظهر للغاز الطبيعي، وتحولت من انقطاعات الكهرباء لساعات يومية بسبب عجز في الإنتاج إلى تسجيل فائض يقدر بنحو 13 ألف ميغاواط، إلا أن ذلك لم يمنعها من استثمار أموال ضخمة في إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية.
ولذلك عدة أسباب، بينها رغبتها في تنويع مصادر إنتاج الكهرباء، خاصة وأن الطاقة النووية تصنف على أنها طاقة نظيفة، رغم المخاطر التي قد يسببها أي تسرب للإشعاع النووي، مثلما حدث في مفاعل تشيرنوبيل في أوكرانيا.
وارتفاع الطلب الداخلي على الكهرباء يدفع البلاد إلى الاستثمار للمستقبل، خاصة أن إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية سيوفر للبلاد كميات أكبر من الغاز الطبيعي لتصديره للخارج.
مصر وإن كانت ثاني أكبر منتج إفريقي للغاز الطبيعي بعد الجزائر بما يفوق 64 مليار متر مكعب سنويا، إلا أن استهلاكها للغاز خاصة في إنتاج الكهرباء يبلغ نحو 60 مليار متر مكعب سنويا، وتبقى كمية متواضعة موجهة للتصدير.
ومع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في السوق الدولية، وأزمة نقص الدولار في البلاد، تمثل زيادة صادرات الغاز فرصة لتوفير مداخيل بالعملة الصعبة وتقليص العجز في الميزان التجاري.
لذلك، تمثل محطة الضبعة النووية إجابة على المدى المتوسط لهذه الإشكالية، لأنها ستسمح بتقليص استهلاك الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء ما يتيح فائض أكبر منه للتصدير للخارج.
ناهيك عن إمكانية تصدير الطاقة الكهربائية من محطة الضبعة النووية، بعد استكمالها، إلى ليبيا، خاصة وأنه يوجد هناك ربط كهربائي بين البلدين.
كما يمكن أن تصدر مصر فائض الكهرباء إلى الدول العربية التي لها معها ربط كهربائي، على غرار السودان والسعودية والأردن والعراق.
إذ من المتوقع أن تمثل الطاقة النووية في عام 2035، نحو 3 بالمئة من مزيج الطاقة في مصر، بينما تتقلص الطاقة الحرارية من 80 بالمئة في 2022 إلى 55 بالمئة في 2035، وفق موقع "الطاقة".
ورغم أن محطة الضبعة النووية للاستخدام السلمي، إلا أن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي، واقتراب إيران من دخول النادي النووي أيضا، يشكل تهديدا استراتيجيا لمصر، ما يدفعها للسعي لامتلاك التكنولوجيا النووية، التي تتيح لها القدرة على اختيار مصيرها إذا اضطرت لذلك.
لكن مشروع محطة الضبعة النووية يواجه تحديات صعبة في ظل فرض الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين عقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا.
وتمارس واشنطن ضغوطات على عدة دول عربية لعرقلة أي تعاون اقتصادي أو عسكري مع روسيا، على غرار تحذيرها لمصر من شراء مقاتلات "سوخوي35" الروسية، ما أدى إلى تعليق الصفقة.
كما أن الصعوبات المالية التي تواجهها مصر، تجعل من الصعب عليها الإيفاء بالتزاماتها المالية لتنفيذ المشروع كما هو مخطط له.
وأي ضغوط أمريكية جديدة على هذا المشروع من شأنها عرقلة إنجازه لكن كلا من مصر وروسيا يبديان إصرارا على تنفيذه رغم كل الصعوبات.