- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
المجلس الرئاسي اليمني.. تناقضات صارخة ومستقبل غامض
المجلس الرئاسي اليمني.. تناقضات صارخة ومستقبل غامض
- 9 أبريل 2022, 12:39:15 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في 7 أبريل/نيسان، قام الرئيس اليمني "عبد ربه منصور هادي" بخطوتين مفاجئتين من الرياض؛ فأولاً أقال بشكل مفاجئ نائبه "علي محسن الأحمر"، وثانيًا أعلن أنه سينقل سلطة الرئاسة إلى مجلس رئاسي من 8 أشخاص، ما يعني أنه عزل نفسه فعليا من منصبه.
ومن غير الواضح إذا كان "هادي" يمتلك بالفعل السلطة الدستورية لنقل الرئاسة - لأن الدستور ينص على أن الرئيس يكون "منتخبًا" - إلا إنه لا أحد في المجتمع الدولي تقريبًا سيحزن على رحيله.
رئاسة متعثرة وغير شعبية
في فبراير/شباط 2012، تم اختيار "هادي" في استفتاء شعبي ضمه كمرشح واحد دون وجود خيار بالتصويت بـ"لا"، ليحل محل الرئيس اليمني "علي عبد الله صالح" الذي تنحى في أعقاب احتجاجات الربيع العربي.
ولم يحظ "هادي"، الذي كان من المفترض أن يشغل منصبه لفترة انتقالية لمدة عامين، بشعبية على الإطلاق. وفي أوائل 2015، تم تمديد ولاية "هادي" لمدة عام، ولكن قبل انتهاء ذلك العام كان الحوثيون قد سيطروا على صنعاء ووضعوا "هادي" قيد الإقامة الجبرية.
وفي غضون أيام، استقال "هادي" من الرئاسة ثم تمكن من الفرار من صنعاء. وبعد ذلك، تراجع عن استقالته، ودعا جيران اليمن إلى التدخل عسكريًا لطرد الحوثيين من صنعاء، وفر إلى المنفى في السعودية.
وعلى مدى السنوات الـ7 الماضية، كان يُنظر إلى "هادي" على نطاق واسع على أنه مسؤول تنفيذي غير فعال وعائق أمام السلام. وقد خرب "هادي" محادثات السلام في الكويت في عام 2016 قبل تعيين "علي محسن" نائبا للرئيس.
ولم يكن "علي محسن" يحظى بشعبية في الغرب بسبب صلاته بالجهاديين ولم يكن مريحا بالنسبة للحوثيين بسبب سلوكه ضد الجماعة خلال حروب صعدة من 2004 إلى 2010، لكنه كان بمثابة تحوط ضد إبعاد "هادي" من السلطة.
وفي عام 2016 أيضًا، قام "هادي" بتقسيم البنك المركزي اليمني، وفصل الفرع الذي يسيطر عليه الحوثيون في صنعاء وأنشأ فرعًا جديدًا في عدن. وأدت هذه الخطوة فعليًا إلى تقسيم الاقتصاد اليمني إلى قسمين، وهي أحد أسباب تداول الريال اليمني بمعدلات متباينة في صنعاء وعدن.
أما سبب اختيار "هادي" لهذه اللحظة للتنحي ونقل السلطة فما يزال غير واضح، ويرجح أنه ينطوي على ضغط سعودي كبير. وجاء إعلان "هادي" في خضم مؤتمر لليمن برعاية مجلس التعاون الخليجي وبعد أقل من أسبوع من إعلان وقف إطلاق النار في اليمن لمدة شهرين.
ما فرص المجلس الجديد؟
السؤال الآن هو ما مدى فعالية المجلس الرئاسي الجديد؟ فليس لليمن تاريخ إيجابي مع المجالس الرئاسية، والتي غالباً ما تكون محاولات يائسة للتستر على خلافات عميقة، وتميل إلى أن تكون تأسيسات غير عملية في أحسن الأحوال، وهذه المرة أكثر شبهًا بوحش "فرانكشتاين" من غيرها.
وفي عام 1990 في أعقاب الوحدة مباشرة، شكل اليمن مجلساً رئاسياً من 5 أشخاص، لكن سرعان ما تحول ذلك إلى حرب سرية تفاقمت في النهاية إلى حرب أهلية بعد 4 سنوات. كما حاول الحوثيون و"صالح" القيام بشئ مشابه في عام 2016، حيث شكلوا المجلس السياسي الأعلى لكنه انهار بعد عام واحد، وقتل الحوثيون "صالح".
ومن الواضح أن هذه المحاولة تهدف لتأسيس نوع من الوحدة داخل التحالف المناهض للحوثيين لكن من غير الواضح إذا كان هؤلاء الأشخاص (لديهم آراء متعارضة تمامًا) يمكنهم العمل معًا.
انحيازات أعضاء المجلس
أصبح رئيس المجلس الرئاسي هو "رشاد العليمي"، وزير الداخلية في عهد "صالح" والذي يحافظ على علاقات قوية مع السعودية، أما الأعضاء الـ7 الآخرون فهم خليط من مراكز القوى المتنافسة داخل التحالف المناهض للحوثيين.
ويشمل المجلس "عيدروس الزبيدي" رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يدعو إلى دولة جنوبية مستقلة، وكذلك "عبد الله العليمي" (لا قرابة له برشاد العليمي)، مدير مكتب "هادي" الرئاسي وعضو "حزب الإصلاح".
وقد اشتبك "الإصلاح" و"المجلس الانتقالي الجنوبي" مرات عديدة في السنوات الأخيرة، ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن الإمارات، التي تدعم "المجلس الانتقالي الجنوبي"، تعتبر "الإصلاح" جماعة إرهابية بسبب علاقاتها مع جماعة "الإخوان المسلمين".
وتدعم الإمارات 3 أفراد آخرين في المجلس بالرغم أن أيا منهم لا يتفق مع الآخر في وجهات النظر بشأن مستقبل اليمن. الأول هو "طارق صالح"، ابن شقيق الرئيس السابق والذي كان متحالفًا مع الحوثيين لكنه يقاتلهم الآن. وتكمن مشكلة "صالح" في أنه ينحدر من الشمال فيما أصبح مقره حاليا في الجنوب الذي لا يحظى فيه بشعبية كبيرة بسبب الإجراءات التي اتخذها هو وعمه خلال العقدين الماضيين.
أما الشخص الثاني فهو "فرج البحسني" محافظ حضرموت وقائد "قوات النخبة الحضرمية". ونأى "بحسني" بنفسه عن "المجلس الانتقالي الجنوبي" على مدى العامين الماضيين، حيث أشعلت الجماعة احتجاجات شعبية في حضرموت بسبب انهيار البنية التحتية وانقطاع التيار الكهربائي وانهيار العملة.
أما الثالث فهو "عبد الرحمن أبو زرعة" القائد في "ألوية العمالقة"، والذي كان له دور فعال في طرد الحوثيين من شبوة في وقت سابق من هذا العام.
العضوان المتبقيان من المجلس هما "سلطان العرادة" وهو شخصية عشائرية ومحافظ مأرب وقد عمل عن كثب مع "الإصلاح" في السنوات الأخيرة، و"عثمان مجلي" وهو شيخ عشيرة من صعدة مقرب من السعودية ومن المحتمل أن يكون مدرجًا في المجلس لتحقيق التوازن في التمثيل الجغرافي.
ومن الناحية النظرية، من المفترض أن يجمع المجلس جميع الوحدات العسكرية والجماعات المسلحة المختلفة تحت مظلة واحدة عملاقة إما للتفاوض مع الحوثيين أو تقديم جبهة عسكرية موحدة إن فشل الاحتمال الأول. لكن من الناحية العملية، من غير المرجح أن تتمكن هذه الجهات الفاعلة من تنحية خلافاتها وتتوحد ضد عدو مشترك.
انقسام عميق
هناك سؤال آخر: إلى أي مدى ستندفع الوحدات العسكرية التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" إلى الشمال لمحاربة الحوثيين، في حين أن الجماعة قالت سابقًا إنها مهتمة فقط بدولة جنوبية مستقلة؟
وينظر العديد من هؤلاء الفاعلين إلى الصراع في اليمن على أنه لعبة صفرية، بمعنى أن أي خسارة لطرف ستكون مكسبا لطرف آخر. وسيكون التغلب على هذا التحدي أمرًا صعبًا للغاية، حيث تقلصت كعكة اليمن الاقتصادية في السنوات الأخيرة بينما زادت عدد الجماعات المسلحة.
ويشير تشكيل مجلس رئاسي من 8 أفراد مختلفين يمثلون 8 مجموعات مختلفة إلى مدى عمق الانقسام في التحالف المناهض للحوثيين في الوقت الحالي.
وحتى مع وجود 8 ممثلين في المجلس، لا يزال هناك عدد من المجموعات التي تُركت دون تمثيل، بما في ذلك جميع المجموعات الجنوبية خارج "المجلس الانتقالي الجنوبي".
تم تشكيل المجلس في السعودية بدعم من الإمارات، مما يعني أنه قد يكافح لاكتساب شرعية على الأرض، لكن العديد من اليمنيين سيرحبون برحيل "هادي" حتى مع قلقهم بشأن ما سيأتي.
المصدر | جريجوري جونسون/معهد دول الخليج العربي