- ℃ 11 تركيا
- 18 نوفمبر 2024
امنيات.. يكتبها عبدالعزيز السماحي
امنيات.. يكتبها عبدالعزيز السماحي
- 27 مارس 2021, 1:32:33 ص
- 913
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عن حياة المصريين المُهدَرة في القطارات وعن الجهل والفقر والمرض ...
كنت أتمنى للجمهورية الجديدة التي يتحدثون عنها أن تكون أولًا جمهورية مساواة وعدالة وآدمية وحقوق ثم ثانيًا جمهورية أبنية وصروح ومنشآت .. لعقود طويلة لم تتوقف مصر عن إقامة المنشآت والأبنية والطرق والكباري لكنها لم تسِـر مرة واحدة في طريق العدالة والمساواة بين البشر فما زال فيها السادة والعبيد وما زالت حياة الفقراء رخيصة وما زال فيها التمييز والعنصرية والتطرف وما زال فيها ابن الباشا وابن عامل النظافة الذي لا يمتلك نفس الحقوق وما زالت مصر تصر على إهدار عقول الصغار بنظام تعليمي استمر لما يربو على الخمسين عامًا لا ينتج _ عن عمدٍ _ عقولًا سليمة وهي ليست مصادفة فلا يمكن التجريب لمدة خمسين عامًا إلا لقصد وما زال النظام الصحي يستقطب الأمراض ويوطنها ثم يقف عاجزًا عن التصدي لها .. وما زال الفقير لا يجد رعاية صحية كالأثرياء وما زالت المدارس الدولارية والاسترلينية تصيب حياتنا بالعنصرية والعوار ... فعلت مصر كل المعجزات في مجال المنشآت الحديثة الفارهة والصروح العتيدة والمدن لكنها لم تستطع أن تقضي على القمامة في الشوارع أو تحفظ حياة الناس في القطارات الفقيرة أو المستفشيات العامة ولم تسِـر مرة واحدة في طريق البحث العلمي والتقدم التكنولوجي .. الواجهات المصقولة اللامعة وناطحات السحاب الهائلة والمنشآت الفخمة هي صورة رائعة لكنها لا تصل إلى الجوهر فبرغم كثرة المليارات التي أنفقت لعشرات السنين وبرغم كثرة المدارس والمعاهد والجامعات وبرغم وفرة المساجد والكنائس التي نشيدها كل يوم ورغم ارتفاعها وشموخها واتساعها إلا أنها في النهاية أبنية من حجر بينما ظل صاحب الروح والجسد خرابًا لا يصل إليه العمران .. العمران الذي تقيمه العدالة والرحمة والمساواة .. العمران الذي يقيمه العلم والوعي والتنوير .. العمران الذي يتساوى فيه البشر أمام القانون دون تمييز ومحاباة .. العمران الذي لا يسمح بتسيُّد اللصوص ومطاردة الأنقياء وتكميم الأفواه...العمران الذي يحافظ على القيم والمثل والأرض والتاريخ ...العمران الذي يشيِّد حضارة روحية أقوى من حضارة الحجر لأنها قادرة أن تبقى وتثمر وتستمر.