- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
باحث فرنسي: انقلاب النيجر يظهر الحدود الاستراتيجية لقوة متوسطة تواصل تطهير ماضيها الاستعماري
باحث فرنسي: انقلاب النيجر يظهر الحدود الاستراتيجية لقوة متوسطة تواصل تطهير ماضيها الاستعماري
- 4 أغسطس 2023, 11:21:42 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
باريس- “القدس العربي”:
في مقال بصحيفة “لوموند” الفرنسية، قال مارك أنتوان بيروز دي مونتكلوس، مدير البحوث بمعهد البحوث للتنمية، إنه بعد مالي وبوركينا فاسو، فإن انقلاب النيجر يدعو الفرنسيين إلى التساؤل عن نجاح التعاون العسكري الفرنسي، الذي يرقى بشكل ملموس إلى تدريب الانقلابيين.
ذكّر الكاتب بإشادة جان إيف لودريان، وزير الدفاع آنذاك، في التاسع من شهر مارس عام 2017 ، بمزايا عملية برخان وشركائها الأفارقة لمحاربة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل. حيث أعلن في مجلة “باريس ماتش” أن فرنسا دربت أكثر من 20 ألف جندي، وأن العمليات التي ينفذها الجيش الفرنسي مع الجيوش الوطنية للدول المعنية تظهر نتائج ممتازة وتضعف العدو في كل يوم، على حد تعبير لودريان.
واليوم، بعد ست سنوات، ها هو الانقلاب في النيجر، الذي يُشكل أحدث حلقة ضمن سلسلة طويلة بدأت عام 2020 في مالي، واستمرت في غينيا ثم في بوركينا فاسو، يثير التساؤلات، ويدعو إلى التشكيك في النجاحات المزعومة للتعاون العسكري لفرنسا مع مستعمراتها السابقة.
وأوضح الكاتب أن فرنسا ليست الوحيدة المعنية، حيث إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قدّما كذلك تدريبات للجنود الذين استولوا على السلطة في مالي (أمادو هايا سانوغو في عام 2012، وأسيمي غويتا في عام 2021)، وفي غينيا (مامادي دومبويا في عام 2021) وبوركينا فاسو (بول- هنري دميبا وإبراهيم تراوري عام 2022).
نظام مهووس بالحرب
على الجانب الفرنسي، اعتبر الكاتب أن الإطاحة بالرئيس النيجري محمد بازوم، المنتخب عام 2021، لها عواقب أعمق. فهذا الانقلاب بالنيجر، لا يُبرز فقط عدم كفاءة التعاون العسكري الذي لم يتحلَ البرلمانيون مع استثناءات قليلة بالشجاعة لمواجهته بجدية، خوفًا من اتهامهم على الفور باليسارية أو التراخي فيما يتعلق بالتهديد الإرهابي؛ بل يوضح، على المدى الطويل، أيضا الحدود الاستراتيجية لقوة متوسطة لم تنته من تطهير ماضيها الاستعماري.
كان الرئيس بازوم في هذه الحالة من آخر حلفاء باريس في المنطقة. وأيد انسحاب قوات “برخان” من مالي باتجاه أراضي النيجر، كما وافق على الترحيب برجال قوة “Sabre” التي طُردت من بوركينا فاسو. الآن بعد الإطاحة به، لا يمكن لفرنسا العسكرية الاعتماد إلا على تشاد. فعلى غرار أوغندا بالنسبة للولايات المتحدة في شرق إفريقيا، تعتبر تشاد تقليديا من قبل باريس الشريك الأكثر موثوقية في المنطقة، مع العلم أن الجيش الفرنسي يتدرب هناك للحرب منذ فترة الاستقلال.
ومع ذلك، فإن تشاد التي تعد هشة للغاية، ويعد نظامها مهووساً بالحرب، ولولا تدخل القوات الجوية الفرنسية، لكان “رئيسها العسكري” إدريس ديبي قد سقط تحت هجوم المتمردين في عام 2008. هذا الأخير، وصل إلى السلطة بالقوة عام 1990، ثم توفي على الجبهة عام 2021 حيث قُتل على يد خصومه في ظروف غامضة. ثم خلفه ابنه محمد إدريس ديبي على الفور، مما أدى إلى استمرار قبضة مسلمي الشمال على مسيحيي الجنوب، كما يقول الكاتب
الكيل بمكيالين
منذ ذلك الحين، باتت سلطة ديبي الابن موضع رفض من قبل قيادات في الجيش والشارع، وقمعت حكومته بعنف المظاهرات التي أودت بحياة أكثر من 100 ضحية، خاصة في صفوف ”الجنوبيين”، وهي مخاطرة بإعادة تنشيط مقاتلي الكودوس الانفصاليين (الكوماندوز)، الذين نشطوا خلال الثمانينات. كان على عشيرة ديبي أيضا إدارة تدفق اللاجئين الفارين من الاضطرابات في دولة السودان المجاورة. وهي عناصر متعددة مزعزعة للاستقرار، قد تجبر باريس مرة أخرى على مساعدة حليف فاشل، يقول الكاتب، مشيراً إلى أن فرنسا لم تتردد في إقرار انقلاب محمد ديبي الدستوري، حيث إن رئيسها إيمانويل ماكرون، الذي حضر جنازة ديبي الأب، تعرض للانتقادات من الماليين والبوركينيين.
وبتأييده لبعض الانقلابات وإدانة أخرى، أعطى قصر الإليزيه بالفعل انطباعا بممارسة الكيل بمكيالين، اعتمادا على مصالحه في ذلك الوقت، كما يقول الكاتب.
علاوة على ذلك، فقد تجاوز الجيش الفرنسي عدة مرات مهمتّه في مكافحة الإرهاب من خلال تنفيذ عمليات سياسية بارزة. في عام 2014، هرّب رجال من قوة “Sabre” رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري، الذي أطاحت بها انتفاضة شعبية، إلى كوت ديفوار. كما أن طائرات تابعة لعملية “برخان” نفذت عام 2019 ثم عام 2021، قرب الحدود الليبية، غارات جوية ورحلات استطلاعية ضد الجماعات المتمردة التي لم تكن جهادية بأي حال من الأحوال، لكنها سعت إلى قلب نظام الحكم في تشاد.
في ضوء ما سبق ذكره، يقول الكاتب إن العديد من الأفارقة مقتنعون بأن الالتزامات العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل تخفي رغبة باريس في إدامة حديقتها الخلفية في منطقة جنوب الصحراء. ومما لا شك فيه أن دعم الأنظمة الاستبدادية والفاسدة يساهم بشكل كبير في تدني شعبية القوة الاستعمارية السابقة.
فبين انقلابين، يؤكد فشل عملية “برخان” في هذا الصدد على الحاجة إلى مراجعة سياسة فرنسا الأفريقية من أعلى إلى أسفل.