- ℃ 11 تركيا
- 16 نوفمبر 2024
بيسان عدوان تكتب: دولة يهودا ودولة إسرائيل.. السيطرة الخفية لسموتريتش في الضفة الغربية
بيسان عدوان تكتب: دولة يهودا ودولة إسرائيل.. السيطرة الخفية لسموتريتش في الضفة الغربية
- 22 يونيو 2024, 1:12:51 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في تطور سياسي مثير للجدل، كشف وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، عن استراتيجية خفية لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية دون اللجوء إلى الضم الرسمي. ففي خطابه المسرب للمستوطنين، أوضح سموتريتش خطته لنقل السلطات من الجيش إلى المدنيين، مما يعزز الاستيطان ويعقد إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة. تسلط هذه المقال على دور سموتريتش في تشكيل مستقبل الضفة الغربية، وتأثير سياساته على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والمنطقة بأسرها.
خطاب سموتريتش وسياساته تعكس استراتيجية متكاملة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية دون اللجوء إلى الضم الرسمي. هذه الاستراتيجية تعتمد على خطوات تدريجية ومنهجية تهدف إلى تغيير الواقع على الأرض بطريقة تجعل من الصعب التراجع عنها في المستقبل. أحد أبرز جوانب هذه الاستراتيجية هو نقل السلطات من الجيش الإسرائيلي إلى المدنيين العاملين في وزارة الأمن، مما يعني فعليًا إنشاء نظام حكم مدني منفصل في الضفة الغربية.
هذه الخطوات تأتي في سياق رؤية أوسع لسموتريتش وأيديولوجيته التي ترفض أي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية المستقلة. يعتقد سموتريتش أن الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية هو السبيل الوحيد لضمان أمن إسرائيل وتحقيق رؤيتها التاريخية والدينية. لتحقيق ذلك، يعمل على تعزيز الاستيطان وتوسيع المستوطنات، بالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية التي تدعم هذه المستوطنات.
التأثير الداخلي لسياسات سموتريتش يتجلى في انقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي. هناك جزء كبير من الإسرائيليين، خاصة من اليمين المتطرف، يدعمون سياسات سموتريتش ويرون فيها حماية للمصالح الإسرائيلية وتعزيزاً للأمن الوطني. هؤلاء يعتقدون أن التنازل عن الضفة الغربية يعني تعريض إسرائيل لمخاطر أمنية كبيرة، ويرون في الاستيطان وسيلة لضمان السيطرة الإسرائيلية على الأرض.
في المقابل، هناك معارضة قوية من اليسار الإسرائيلي والمجتمع المدني الذين يرون في سياسات سموتريتش تهديداً لمصالحهم العلمانية والليبرالية التي حازوها طيلة العقود الثمانية، وينذر بانقسام حقيقي بين الدولة المركزية في تل أبيب وبين دولة المستوطنين في الضفة الغربية، الأمر الذي يؤسس لبدء سقوط المشروع الصهيوني.
السياسات التي يتبناها سموتريتش تؤثر بشكل مباشر على حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية. التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي يؤديان إلى تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية، مما يجعل من الصعب إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة جغرافياً. كما أن نقل السلطات من الجيش إلى المدنيين يعني أن الفلسطينيين سيكونون تحت إدارة مدنية إسرائيلية متشددة، مما يزيد من الضغوط عليهم ويعقد حياتهم اليومية. هذا الوضع يدفع الفلسطينيين إلى مزيد من المقاومة الفلسطينية وتعقيدات المشهد الإقليمي .
في سياق الحرب الدائرة في غزة، يلعب سموتريتش دوراً مهماً في صياغة السياسات الإسرائيلية. الحرب على غزة تعد ساحة أخرى تظهر فيها رؤيته المتشددة تجاه الفلسطينيين. السياسات العسكرية التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية في غزة، والتي تشمل القصف الجوي والاجتياحات البرية، تهدف إلى إضعاف حركات المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي. هذه السياسات تعكس رؤية سموتريتش الأمنية التي تركز على استخدام القوة لتحقيق الأهداف السياسية والأمنية.
التصعيد العسكري في غزة له تأثيرات كبيرة على العلاقات الإقليمية والدولية. الدول العربية والإسلامية تجد نفسها مضطرة للرد على التصعيد الإسرائيلي في غزة، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي. الدعم العلني من دول مثل إيران لحركات المقاومة الفلسطينية يزيد من التوترات بين إسرائيل وهذه الدول، ويجعل من الصعب التوصل إلى تهدئة أو اتفاق سياسي. كما أن التصعيد في غزة يؤثر على الدول التي أبرمت اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، مثل الإمارات والبحرين، حيث تجد هذه الدول نفسها مضطرة لموازنة علاقاتها مع إسرائيل مع الضغوط الداخلية والخارجية لدعم الفلسطينيين.
سياسات سموتريتش تؤدي إلى تصعيد التوترات مع الفلسطينيين والدول العربية، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي ويجعل من الصعب التوصل إلى تسوية في المنظور القريب والدولي اي كما يطرح الغرب وهو "حل الدولتين" . التصعيد العسكري في غزة يعزز من صورة إسرائيل كدولة تستخدم القوة بشكل مفرط، مما يؤثر سلباً على علاقاتها الدولية ويزيد من عزلة إسرائيل على الساحة العالمية.
في نهاية المطاف، يبدو أن الرؤية الاستراتيجية لسموتريتش تعتمد على فرض سياسة الأمر الواقع، حيث يسعى إلى تغيير الحقائق على الأرض بشكل يجعل من الصعب التراجع عنها مستقبلاً. هذا النهج قد يؤدي إلى نتائج كارثية، ليس فقط على صعيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بل أيضاً على صعيد الاستقرار الإقليمي والدولي، وقد يدفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات أكثر حزمًا تجاه إسرائيل، بما في ذلك فرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات عديدة تؤسس بالضرورة لإنهاء الاستعمار الصهيوني.
السنوات المقبلة ستكون حاسمة.