بيسان عدوان تكتب:مصر شريك في الإبادة الجماعية: من قانون اللاجئين إلى تنفيذ صفقة القرن في غزة

profile
بيسان عدوان كاتبة فلسطينية
  • clock 20 نوفمبر 2024, 11:41:18 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في قلب منطقة الشرق الأوسط، تتداخل المصالح السياسية، الاقتصادية، والاستراتيجية لتكشف عن تحولات دراماتيكية في المواقف، ليس فقط من دول الاحتلال، بل من دول الجوار العربي. أحد أبرز هذه التحولات هو دور مصر في مخطط صفقة القرن، حيث أصبح دورها محوريًا في تصفية الحقوق الفلسطينية، لا سيما في ظل الحرب على غزة وعمليات التهجير القسري التي تجري تحت إشراف قوى دولية وإقليمية. منذ بداية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، والذي مثّل نقطة تحوّل في مسار المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، أصبحت مصر شريكًا ضمنيًا في تنفيذ مخططات تهجير الفلسطينيين، ليس فقط من غزة، ولكن من جميع الأراضي الفلسطينية التاريخية.

 

إقرار قانون اللاجئين في مصر: تمهيد لتهجير الفلسطينيين

 

إقرار مصر قانون اللاجئين في هذه اللحظة التاريخية لم يكن مجرد خطوة إنسانية أو قانونية بل كان بمثابة تصريح سياسي من حكومة القاهرة يؤكد استعدادها للتعامل مع الموجات القادمة من التهجير القسري للاجئين الفلسطينيين، في سياق تنفيذ "صفقة القرن". هذا القانون، الذي يُفترض أن يوفر حقوقًا للاجئين على الأراضي المصرية، يأتي في وقت حساس حيث تواصل إسرائيل حربها الشرسة على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين، إلى جانب تدمير البنية التحتية للقطاع. وتبدو هذه الحقوق التي يمنحها القانون للاجئين كجزء من مخطط أكبر هدفه توطين الفلسطينيين في دول الجوار كبديل عن العودة إلى أراضيهم التي اغتصبها الاحتلال.

وبموجب هذا القانون، يمكن أن تصبح مصر ممراً آمناً لفلسطينيي غزة إلى مناطق أخرى خارج الأراضي الفلسطينية، ما يفتح الباب أمام توطينهم بعيدًا عن وطنهم الأم. هذا التوطين لا يمثل حلاً إنسانيًا بل جزءًا من خطة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، التي يُعد حق العودة أحد أبرز ثوابت الشعب الفلسطيني.

 

مصر والتهجير في غزة: الشريك الصامت في الإبادة الجماعية

 

بينما تعلن مصر على لسان مسؤولين حكوميين دعمها لحقوق الفلسطينيين في محافل دولية، لا يزال دورها في الواقع الإقليمي محل تساؤل. ففي الوقت الذي تُمنع فيه المساعدات الإنسانية من الوصول إلى غزة بشكل مستمر، ويُغلق معبر رفح بشكل متكرر، يتم ضغط السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية من أجل الانخراط في مفاوضات تهدف إلى تنفيذ بنود صفقة القرن. تحت غطاء التهدئة، تقف مصر أمام مسؤولية تاريخية عن تحويل غزة إلى "سجن مفتوح"، من خلال تعميق الحصار المفروض عليها، وكذلك عبر منع أي شكل من أشكال الدعم العسكري أو الشعبي لانتفاضات الشعب الفلسطيني.

إن ما يُحدث اليوم في غزة ليس مجرد عدوان عسكري من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بل هو إبادة جماعية منظمة. إسرائيل تسعى عبر عملياتها العسكرية إلى قتل أكبر عدد من المدنيين الفلسطينيين، إلى جانب تهجيرهم عبر القصف المستمر للمنازل والملاجئ. وبينما تُغلق مصر معابرها وتُخضع القطاع إلى حصار سياسي واقتصادي، تصبح شريكة في هذه العمليات، إن لم تكن متواطئة بشكل كامل. ففي الوقت الذي تُسمع فيه وعود الدعم العربي، تصمت مصر عن تقديم أي دعم فعلي لمواجهة الهجمة الإسرائيلية، بل وتتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل في فرض تهديدات وتطبيق حلول سياسية تتضمن توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول الجوار.

 

صفقة القرن: مصر طرف في مشروع تصفية القضية الفلسطينية

 

تُعد صفقة القرن، التي قدمتها الإدارة الأمريكية في عهد ترامب، أخطر مراحل التصفية للقضية الفلسطينية. إذ تهدف هذه الصفقة إلى إعادة رسم الحدود في المنطقة بما يتماشى مع مصالح الاحتلال الإسرائيلي، بدءًا من تمكين إسرائيل من ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، وصولًا إلى تصفية قضية اللاجئين. وعلى الرغم من إعلان مصر في البداية عن اعتراضها على بعض بنود الصفقة، إلا أنها بدت متواطئة بشكل غير مباشر في تنفيذها. الاتفاقات التي كانت قد أُبرمت على مستوى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، فضلاً عن الضغوط الأمريكية، جعلت من مصر أحد اللاعبين الرئيسيين في تنفيذ هذا المخطط الإقليمي.

من خلال موقفها الذي لم يتجاوز كلمات الدعم العاطفية لفلسطين، وتعاونها مع ما يُسمى بالمجتمع الدولي في إدارة معابر غزة وتوزيع المساعدات، بدأت مصر تتحول إلى شريك رئيسي في تنفيذ الأهداف الإسرائيلية. فبينما تعلن عن دعمها للحقوق الفلسطينية، فهي تساهم فعليًا في الإبادة الجماعية عبر ترك غزة فريسة للآلة العسكرية الإسرائيلية. وبذلك، تُصبح مصر جزءًا من دائرة الصمت التي تسهل هذه العمليات، بما في ذلك إبادة الفلسطينيين في غزة، تحت ذريعة "التهدئة" أو "إعادة إعمار القطاع".

 

إعادة ترتيب المنطقة: دور مصر في تصفية القضية الفلسطينية

 

في الوقت الذي تسعى فيه مصر إلى حفظ استقرار النظام السياسي، فهي تدير سياستها الخارجية بما يتماشى مع مصالح القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل. وبموجب هذه السياسة، تتعاون مصر مع إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تسهيل التهجير القسري للفلسطينيين. وعلى الرغم من أنها قد تكون قد أظهرت في بعض الأحيان بعض الاعتراضات على تنفيذ بنود صفقة القرن، إلا أن واقع المفاوضات في القاهرة وعمليات الإغلاق المستمر لمعبر رفح، يُظهر أن مصر تتحمل المسؤولية عن تفاقم أزمة الفلسطينيين في غزة.

لقد تحولت مصر بذلك من دولة مفترض أن تكون داعمة للحقوق الفلسطينية إلى جزء من شبكة التآمر الإقليمي، حيث تُعد نفسها مرشحة لتنفيذ التوطين الفلسطيني في حال فشل العودة إلى الأراضي الفلسطينية. هذا التوطين يُعد بمثابة مسعى من أجل التخلص من الفلسطينيين وتشتيتهم في الدول المجاورة، وهو ما يسهل على إسرائيل فرض الهيمنة على باقي الأراضي الفلسطينية.

 

خاتمة: مصر والشراكة في الإبادة

 

بينما تتظاهر مصر بمواقف دبلوماسية تجاه القضية الفلسطينية، يكشف الواقع عن تورطها العميق في تنفيذ مخطط الإبادة الجماعية. قانون اللاجئين الذي تم إقراره، بالتزامن مع استمرار الحصار المفروض على غزة ومنع المساعدات الإنسانية، يجعل من مصر شريكًا ضمنيًا في تنفيذ صفقة القرن. وفي الوقت الذي تُظهر فيه الحكومة المصرية استجابتها للضغط الأمريكي والإسرائيلي، فإنها تساهم بشكل غير مباشر في إضفاء الشرعية على عمليات التهجير والإبادة في غزة. من هنا، يصبح السؤال مطروحًا: هل أصبحنا أمام حالة من التعاون الإقليمي الذي يساهم في قتل الفلسطينيين وتهجيرهم باسم استقرار المنطقة؟

 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)