- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
د. عبد الله خليفة الشايجي يكتب: بلطجة توظيف الصهاينة شعار العداء للسامية
د. عبد الله خليفة الشايجي يكتب: بلطجة توظيف الصهاينة شعار العداء للسامية
- 18 ديسمبر 2023, 9:57:12 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يوظف الصهاينة منذ المحرقة في الحرب العالمية الثانية تهمة العداء للسامية على مدى ثمانية عقود للرد على اتهام إسرائيل واليهود بتجاوز القوانين ومخالفة القانون الدولي من الاحتلال وجرائم حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني منذ النكبة ومجازر دير ياسين وحروبها على الدول العربية بما فيها التنكيل والقمع والاستيطان والاعتقالات والقتل الممنهج وحروب غزة الستة منذ عام 2008-وآخرها (السيوف الحديدية) على غزة وإبادة 20 ألفا وإصابة أكثر من 50 ألفاً في 10 أسابيع من المجازر وجرائم الحرب وقتل الأبرياء: أطفالا ونساء وكبار السن والأطقم الطبية وصحافيين وإعلاميين-وقصف مستشفيات ومدارس ومساجد في حرب مفتوحة بلا سقف أو خطوط حمراء.
والرد الجاهز والمعلب على اتهامات إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ومجازر، مسارعة الآلة الإعلامية الصهيونية وخاصة لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المتنفذة في الولايات المتحدة (AIPAC)-وهناك الآلة الإعلامية المحترفة للصهاينة التي تتصدى لأي محاولة حتى التلميح لتحميل إسرائيل مسؤولية المجازر وحرب الإبادة على غزة- بالترويج لسرديات وخطاب موحد تكرره آلة البروباغندا الإسرائيلية- بالقفز على أسباب الصراع وهو الاحتلال، والتأكيد على جرائم الفلسطينيين وإرهاب حماس وتكرار وصفها بالمنظمة الإرهابية التي يجب القضاء عليها- والتأكيد على قتل 1200 إسرائيلي في اعتداء حماس على مستوطنات غلاف غزة (غير الشرعية) والمقامة على أراض فلسطينية محتلة- وتكريس سردية أن الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين بدأ في 7 أكتوبر.
يوظف الصهاينة أي تصريح أو موقف وانتقاد لجرائم الحركة الصهيونية وإسرائيل بأنه مناهض لليهود ويستهدفهم بسبب خلفيتهم العرقية والدينية.
وفي السياق، كان ملفتاً ردود أفعال إسرائيل وحلفائها الغاضبين من تجرؤ أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في لحظة صفاء ضمير نادرة بتأكيده أن هجوم حماس لم يأت من فراغ. وأن الفلسطينيين يخضعون لاحتلال خانق على مدى 56 عاماً (منذ حرب نكسة يونيو/حزيران 1967). وعبّر عن قلقه من الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني في غزة. وأن «أي طرف في الصراع المسلح ليس فوق القانون (إسرائيل)-انتقده وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين-الذي ذكره بمقتل مدنيين إسرائيليين في هجوم حماس. كما انتقد تصريحات أمين عام الأمم المتحدة مسؤولون إسرائيليون وطالبوه بالاستقالة في ترهيب لكل من يعارض ويحاجج سرديتهم ويتجرأ على انتقاد جرائمهم. ووصلت الجرأة بدعوة مندوب إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة- جلعاد إردان- الأمين العام إلى الاستقالة بتغريدة أتهم غوتيريش «بإبداء تفهم للإرهاب والقتل، ولا يصلح لقيادة الأمم المتحدة»!
تأتي تلك الهجمة والبلطجة الصهيونية على أمين عام الأمم المتحدة ضمن نهج مكرر يقدم عدوان إسرائيل بأنه حق الدفاع عن النفس. ولم يشفع لأمين عام الأمم المتحدة تأكيده وتكراره- «إدانة الهجمات الإرهابية المروعة وغير المسبوقة التي شنتها حركة حماس. وأن شيئاً لا يبرر تعمد قتل وإصابة واختطاف المدنيين أو إطلاق الصواريخ على أهداف مدنية». وأن مظالم الفلسطينيين لا تبرر هجمات حماس المروعة»!
وثّق خلدون البرغوثي الباحث في الشؤون الإسرائيلية العام الماضي كيف توظف إسرائيل اتهامات «العداء للسامية-في كتابه «الصهيونية.. إسرائيل ومناهضة السامية»- نشره مركز دراسات منظمة التحرير الفلسطينية عام 2022-وقدم حسب ما نشره موقع الجزيرة نت-في 17-5-2023-نموذجاً عن ذلك: «بعد أسبوع من استشهاد شيرين أبو عاقلة في 11 مايو/أيار 2022 وتعاظم حجم الانتقادات لإسرائيل وتحميلها مسؤولية قتلها، نشرت المبعوثة الإسرائيلية الخاصة لمكافحة مناهضة السامية «نوعا تيشبي» تغريدة بمواقع التواصل الاجتماعي، مدعية «لم يكن إعداما ولا اغتيالا مخططا، للأسف يقتل الصحافيون في أنحاء العالم كل أسبوع من دون أي رد عالمي مشابه، هذه مناهضة سامية مزدوجة المعايير»!!
وهناك أمثلة على استغلال الحركة الصهيونية معاناة اليهود في اضطهاد الفلسطينيين من خلال تطوير مفهوم مصطلح مناهضة السامية خلال السنوات الأخيرة ليشمل كل من ينتقد إسرائيل»!!
وهكذا يوظف الصهاينة وإسرائيل عقدة الغرب، باتهام كل من ينتقد ويهاجم جرائمهم وحروبهم، بتوجيه تهم جاهزة وممنهجة بمناهضة السامية. «وتحويلها من «قضية إنسانية تتعلق باليهود والظلم الذي وقع عليهم» إلى «قمع كل من ينتقد إسرائيل» (كما يذكر خلدون البرغوثي)، وتكثف استغلال ذلك النهج بعد حرب نكسة 1967، بعدما تعرضت إسرائيل لانتقادات شديدة، فكان البحث عن آلية جديدة لتحسين صورتها.
هكذا يوظف الصهاينة أي تصريح أو موقف وانتقاد لجرائم الحركة الصهيونية وإسرائيل بأنه مناهض لليهود ويستهدفهم بسبب خلفيتهم العرقية والدينية. وبأنهم شعب الله المختار. فيما يحرّض نتنياهو بخطابه وتصريحاته العلنية-أن إسرائيل واليهود في حالة حرب دينية-ويشبهها بمواجهة «العماليق» الذين في الفكر الصهيوني يضمرون الشر لإسرائيل وهزموا اليهود، وعلى اليهود قتلهم حتى الرضع منهم لأنهم يمثلون الظلام، واليهود يمثلون النور. والحرب قائمة بين النور-إسرائيل- ضد حماس تمثل الظلام- وبالتالي يحرّض ويبرر نتنياهو قتل الأطفال والنساء والرجال الذين يمثلون الظلام والشر.
برغم حماية التعديل الأول للدستور الأمريكي حق التعبير، كان صادماً ومثيراً للاشمئزاز توظيف التهم المعلبة في حملة اتهامات الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي ضد رئيسات ثلاث جامعات عريقة: هارفارد-ام أي تي-وبنسلفانيا-خاصة من القيادية في الحزب الجمهوري-النائبة اليز ستفنيك-من ولاية نيويورك- والمقربة من اللوبي الإسرائيلي ومن ترامب. وجهت اتهامات انتقدت فيها موقف إدارات الجامعات بعدم تطبيق لوائح العقوبات ضد سلوك ومطالبات اتحادات طلابية في الجامعات الثلاث ضد طلبة يهود في جامعاتهم وجامعات أخرى، (العداء للسامية).
حيث يدّعون أن الطلبة اليهود في الجامعات الأمريكية يشعرون بالتهديد، واتهام إدارة الجامعات بالتقصير في وقف حملة العداء ضد الطلبة اليهود في الجامعات. وعلى الجامعات اتخاذ إجراءات قاسية وعاجلة ضد الطلاب واتحاداتهم لدعمهم الإرهاب ومنظمة حماس الإرهابية، وطالبت باستقالتهن. كما جمد ممول أمريكي يهودي تبرعه ب100 مليون دولار لجامعة بنسلفانيا، ما دفع مجلس أمناء جامعة بنسلفانيا لإقالة رئيسة جامعة بنسلفانيا بعد جلسة استجوابها في الكونغرس.
هذا التوظيف والتكسب والترهيب الفكري الصهيوني-يجب مواجهته وفضحه!
كاتب كويتي