رؤيــة بايــدن غــير المـتـوازنـــة للصـــراع الفلسـطـيـني - الإســـرائـيـلـي

profile
  • clock 29 مارس 2021, 9:58:56 ص
  • eye 685
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال لورنس ديفيدسون كاتب أمريكي يهودي رافض للصهيونية في مقاله على موقع «كاونتربانش».

يفترض كل شخص في الغرب تقريبا، ممن ليس معجبا بدونالد ترامب - إذا كان من المعجبين به فإن سلامته العقلية تكون محل شك - أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، يساعد، الآن، في إنقاذ كل من الولايات المتحدة والعالم على حد سواء. وفي بعض المجالات، مثل تغير المناخ، والتنظيم البيئي، وإصلاح الاقتصاد بحيث يفضل الفقراء والطبقة الوسطى، والحقوق المتساوية، وبطبيعة الحال مكافحة فيروس «كوفيد 19»، قد يكون لديهم وجهة نظر معقولة.

ومع ذلك، يحزنني حقا أن أقول إن الرئيس بايدن، على الأقل في رأيي، ليس «المسمار الأكثر حدة في الصندوق». أي أنه ليس أذكى رجل في واشنطن العاصمة. ومن ناحية أخرى، لدى جو نقطة قوة؛ لديه حسن حظ ظاهر في أنه جمع بعضا من المستشارين الأقوياء والتقدميين معا على الجانب المحلي من المعادلة السياسية. وقد يبدو أيضا أن لبايدن، على النقيض من سلفه، القدرة على الاستماع فعليا إلى هؤلاء الناس. كما أنه تكيف مع الضغوط التي يمارسها تقدميون حقيقيون، مثل بيرني ساندرز.

الاستثناء الوحيد لهذه الوفرة من المشورة الرشيدة هو النصف الآخر من العمل، مجال السياسة الخارجية، ولا سيما السياسة الخارجية تجاه الشرق الأوسط، وتحديدا السياسة تجاه إسرائيل. هذا هو المكان الذي يواجه فيه جو صعوبة في التفكير بشكل صحيح، ويفتقر إلى الحظ مع مستشاريه المختارين.

كتب أندرو باسيفيتش من «معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول»: «تحت قشرة رقيقة من تنوع الجندر والتنوع العرقي، يتكون فريق الأمن القومي لبايدن من ناشطين متمرسين أثبتوا قدراتهم وإمكاناتهم في واشنطن قبل وقت طويل من ظهور دونالد ترامب ليفسد الحفلة. وهكذا، إذا كنت تبحث عن وجوه جديدة في وزارات الخارجية أو الدفاع أو مجلس الأمن القومي أو وكالات الاستخبارات المختلفة، فسيتعين عليك أن تبحث بجدية. وكذلك هو واقع الحال إذا كنت تبحث عن رؤى جديدة. في واشنطن، يردد أعضاء مؤسسة السياسة الخارجية الكليشيهات العتيقة ذاتها، حتى بينما يصرفون الانتباه عن ماض ميت، يظلون مخلصين له».

أوجه القصور التحليلية (1) و(1أ)

في مجال العلاقات الأميركية الإسرائيلية، ثمة منطقتان تظهر فيهما أوجه القصور التحليلية للرئيس بايدن:

(1) عدم القدرة على صياغة سياسة خارجية تأخذ في الاعتبار السلوك المتعلق بتحقيق هدف تلك السياسة.

يقول الرئيس بايدن: «إن التزامي تجاه إسرائيل ثابت لا يتزعزع أبداً. كرئيس، سأواصل تقديم مساعدتنا الأمنية… والحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. لن أضع شروطا للمساعدة الأمنية». وفي الأساس، يتنازل هذا الموقف، في جوهره، عن المصالح القومية الأميركية لصالح المصالح الإسرائيلية.

إليك مجازاً يوضح هذا الالتزام الأعمى. فكِّر في الكيفية التي يعدِّل بها المرء المواقف تجاه الصداقات التي يقيمها مع مرور الوقت. إذا كان لديك صديق (سوف نشير إلى هذا الصديق على أنه ذكر)، والذي تحوِّل، لأي سبب كان، إلى سارق، هل ستعطيه سلاحا كل عام في عيد ميلاده؟ وهل ستفعل ذلك لأنك تتذكر أنه كان يتعرض للضرب عندما كان طفلا وتعتقد أن الترسانة التي تقدمها ستجعله يشعر بالأمان، وعلى أمل أنها ستدفعه إلى التخلي عن سلوكه الإجرامي؟ أم أنك ربما تعتقد أنه يحتاج إلى البندقية لأنه يعيش في حي سيئ؟

يعتقد بايدن أن «الإسرائيليين يستيقظون كل صباح وهم يواجهون تهديدا وجوديا. ولهذا السبب يتعين علينا دائمًا أن نصر على وجوب أن تكون إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها». لكن هذا ليس سوى تبرير غير صالح وممجوج لإفساد صديقك، الذي تبين أنه زعيم أقوى عصابة في المقطع السكني.

في غضون ذلك، يشير بايدن بأصابع الاتهام إلى سلفه ويلومه على تبني نفس هذا الموقف بالضبط تجاه بعض حلفائه العرب في المنطقة. وقد اشتكى بايدن من أن «دونالد ترامب أعطى (لبعض هؤلاء الحلفاء) شيكا على بياض لمتابعة مجموعة كارثية من السياسات».

(1أ) يستلزم الوجه الآخر لهذه العملة أن يتبنى جو بايدن هذا الموقف غير المستنير تجاه الفلسطينيين: هؤلاء هم الناس الذين يُزعم أنهم يشكلون تهديدا «وجوديا» لحياة الإسرائيليين.

يقول بايدن: «يحتاج الفلسطينيون إلى إنهاء التحريض في الضفة الغربية والهجمات الصاروخية في غزة. … بغض النظر عن أي خلاف مشروع قد يكون لديهم مع إسرائيل، فإن هذا لا يمكن أن يكون أبدا مبررا للإرهاب».

الحقيقة هي أن الفلسطينيين هم الذين يتعرضون لـ»التهديد الوجودي»، والإسرائيليون هم الذين يمارسون عنفا هائلا ضدهم، والذي غالبا ما يكون ذا طبيعة إرهابية. عندما يقاوم الفلسطينيون القمع الإسرائيلي، فإنهم يُصنفون على أنهم إرهابيون، ويُقتلون وتدمر بنيتهم التحتية. وعندما لا يقاومون، يؤخذ المزيد والمزيد من أراضيهم. ويجب أن يأتي المتطوعون من أوروبا إلى الضفة الغربية حتى يتمكن المزارعون من حصاد ثمار زيتونهم دون أن يطلق المستوطنون النار عليهم. وغزة تحت الحصار، وغير قادرة على الحصول على الإمدادات الأساسية أو اللقاحات. ولا ينبغي أن يكون مفاجئا أن «عدد القتلى في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني غير متوازن، حيث الفلسطينيون أكثر احتمالا لأن يُقتلوا من الإسرائيليين. ووفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية، (بتسيلم)، التي تجمع سجلات الوفيات من شهر لشهر، وبالنظر إلى الأرقام منذ العام 2005، كانت 23 من بين كل 24 حالة وفاة في النزاع فلسطينية».

كما يصر بايدن أيضا على أن السلطة الفلسطينية يجب أن «تعترف بشكل قاطع بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية مستقلة، وأن تضمن الحدود». في واقع الأمر، فعلت منظمة التحرير الفلسطينية ذلك في العام 1993. وقد علقت السلطة الفلسطينية هذا الاعتراف في العام 2018 فقط بسبب السرقة المستمرة التي تمارسها إسرائيل للأراضي الفلسطينية.

يبدو أن جو بايدن لا يأخذ أيا من هذه الحقائق في الاعتبار. هل يفعل لأنه على غير دراية بها؟ إن مثل هذا الجهل ممكن بالتأكيد، على الرغم من أنه سيكون غير مبرر قطعا بالنسبة لرئيس للولايات المتحدة. لكن الأكثر احتمالا هو أنه سمع من الجانب الفلسطيني، لكنه لا يستطيع أن يفسر ما سمعه بموضوعية؛ لأنه ملتزم أيديولوجياً بالنظرة الإسرائيلية للعالم.

كان الرئيس بايدن أعلن في وقت سابق: «أنا صهيوني. ليس عليك أن تكون يهوديا حتى تكون صهيونيا». والالتزام بالصهيونية هو التزام بأيديولوجية. ورؤية العالم على أساس أيديولوجية - أي أيديولوجية - يجب أن تشوه فهمك وتحرفه عن المنطق. وبذلك، تصبح رؤية بايدن للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي غير متوازنة، تماما مثلما هو حال عدد القتلى في الصراع.

وجه القصور التحليلي (2)

رفض الرئيس بايدن الشخصي لتعديل السياسة الأميركية لمواجهة تلك الجوانب من السلوك الإسرائيلي الذي يقول إنه يعارضها - مثل النشاط الاستيطاني والتهديدات بالضم - يمتد إلى معارضته الشخصية لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، التي تنشط في الولايات المتحدة وأوروبا على حد سواء. ومثلما ما يكون فهمه خاطئا في الغالب لدى رفض مطابقة السياسة بالسلوك الإسرائيلي، فإنه خاطئ أيضا عندما يتعلق الأمر بمعارضته لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات.


كلمات دليلية
التعليقات (0)