-
℃ 11 تركيا
-
7 أبريل 2025
رون بن يشاي: إسرائيل لن تسمح لتركيا بتواجد عسكري قريب من الجولان
رون بن يشاي: إسرائيل لن تسمح لتركيا بتواجد عسكري قريب من الجولان
-
7 أبريل 2025, 4:04:37 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رون بن يشاي - يديعوت أحرونوت
التوتر في العلاقات الإسرائيلية – التركية الذي وصل الى ذروته الأسبوع الماضي خف قليلا يوم الجمعة عندما قال وزير الخارجية التركي في مؤتمر الناتو في بروكسل: “نحن لا نريد أن نرى أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا. على السوريين وحدهم أن يقرروا في الشؤون الأمنية لبلادهم”.
تصريح هكان فيدان هذا كان بلا شك انعطافة إيجابية في أسبوع أعلن فيه حاكم تركيا أردوغان عن أنه يأمل في أن “يدمر الله إسرائيل” ودمرت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تماما المطار العسكري تي 4 في سوريا قبل أن يدخل الجيش التركي إليه ويسيطر عليه.
في الغداة، في صباح يوم الأربعاء، أعلن وزير الدفاع كاتس: “أحذر حاكم سوريا الجولاني، إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل الدخول إلى سوريا وتعريض مصالح أمنية لإسرائيل للخطر، فانك ستدفع ثمنا باهظا للغاية”. وللإيضاح باأن ليس فقط الحاكم الحالي لسوريا هو العنوان للرسالة، أضاف كاتس: “عمل سلاح الجو أمس في مطار تي 4 في حماة وفي منطقة دمشق هو رسالة واضحة وتحذير للمستقبل. لن نسمح بالمس بأمن دولة إسرائيل”.
كاتس لم يذكر تركيا باسمها لأن إسرائيل لا تزال تأمل بالامتناع عن مواجهة جبهوية وأن تتوصل مع تركيا، بوساطة أمريكية وربما أيضا روسية، إلى توزيع مناطق النفوذ وترتيبات الأمن في الأراضي السورية. لكن قصف أربعة مطارات عسكرية كبيرة في سوريا في تلك الليلة كان رسالة للسلطان في أنقرة.
أردوغان، حزبه ونظامه ينتمون دينيا وأيديولوجيا لتيار الإخوان المسلمين المتزمت الذي تنتمي إليه حماس أيضا. هذا هو السبب الأساس للعداء طويل السنين بين إسرائيل وتركيا، والذي اصبح علنيا منذ أكتوبر 2023، بخاصة بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي المناورة في داخل قطاع غزة.
منذ 8 ديسمبر 2024، عندما تفكك نظام الأسد نهائيا، تبخر الجيش الموالي له وتلقى “محور المقاومة الشيعي” ضربة قاضية، تعاظم في جهاز الامن واسرة الاستخبارات في إسرائيل التخوف من إمكانية أن تستغل تركيا الفراغ السلطوي في سوريا بشكل يخلق تهديدا على إسرائيل.
السبب الفوري لهذه المخاوف كانت العلاقة الشجاعة بين منظمات الثوار الجهاديين السُنيين وبين تركيا التي دعمتهم لوجستيا وسياسيا في عهد الحرب الاهلية في سوريا وحتى بعد أن كان يخيل أن الحرب خبت. جيب الثوار في منطقة ادلب وجد بفضل تركيا. هناك تشكلت المنظمة العليا بجماعات الثوار الجهاديين، هيئة تحرير الشام بقيادة زعيم القاعدة في سوريا، محمد الجولاني، فاسقطت حكم الأسد.
الاستراتيجية “العثمانية الجديدة”
الجيش الإسرائيلي، الذي تعلم درس 7 أكتوبر، لم يأخذ المخاطرة وتموضع في المنطقة الفاصلة منعا لوضع محتمل يكون فيه المسلحون الجهاديون السُنة على مسافة بضع مئات امتار عن بلدات هضبة الجولان الإسرائيلية. بالتوازي قصف سلاح الجو بنى تحتية عسكرية استراتيجية لجيش سوريا وحزب الله في كل ارجاء سوريا وعمل على تدمير مخزونات السلاح كي لا تقع في ايدي رجال هيئة تحرير الشام واساسا كي لا تقع في ايدي حزب الله.
كانت هذه هي الخطوة الاستراتيجية الأولى التي اتخذتها إسرائيل كي تمنع التهديدات الفورية التي من شأنها أن تنبع من سقوط نظام الأسد في سوريا. لكن بعد بضعة أسابيع لاحظت إسرائيل ان تركيا تعتزم، من خلال نفوذها على الثوار السُنة، التموضع في سوريا عسكريا واقتصاديا. صحيح أن تركيا تحتفظ منذ بضع سنوات بمثابة حزام امني داخل الأراضي السورية بعرض بضعة كيلو مترات كي تمنع مساعدة الاكراد السوريين لابناء شعبهم ممن يعملون ضد الحكم في جنوب شرق تركيا لنيل حكم ذاتي تركي في الأراضي التركية. أما الان فاردوغان يحاول توسيع وتثبيت نفوذ وتواجد بلاده العسكري والاقتصادي في كل ارجاء سوريا كجزء من استراتيجية “العثمانية الجديدة” التي بموجبها تعمل تركيا في العقد الأخير وتسعى لان تثبت تركيا من جديد كقوة عظمى إقليمية مسيطرة في الشرق الأوسط وكعامل هام في الساحة الدولية.
تركيا تستغل كل فراغ أو ضعف سلطوي في الشرق الأوسط، ولا سيما منذ الربيع العربي كي تكتسب لنفسها المواضع. اليوم توجد لها قواعد عسكرية دائمة في ثماني دول في الشرق الأوسط وفي أفريقيا. ضمن أمور أخرى في شمال العراق، في شمال سوريا، في قطر، في الصومال، في تشاد وفي شمال قبرص.
هذا الانتشار يستهدف أيضا خدمة التطلعات الاقتصادية لتركيا للسيطرة ليس فقط على حقول الغاز في البحر المتوسط بل وأيضا لمنع دول البحر المتوسط عن تجارة وتسيير الغاز مع أوروبا. الاحتكاك الاقتصادي في موضوع السيطرة على التنقيب عن الغاز حول قبرص والمحاولة التركية لمنع إقامة أنبوب غاز تحت مائي في البحر المتوسط ينقل الغاز من مصر، إسرائيل وقبرص الى أوروبا هو العامل المركزي للاحتكاك بين إسرائيل وتركيا، لكن مركز التوتر الأساس بين القدس وأنقرة الان هو جهود تركيا لتثبيت تواجد ونفوذ في سوريا على حساب ايران وروسيا.
اردوغان، كما نشر في وسائل الاعلام العالمية اقترح على الجولاني ان تعيد تركيا بناء الجيش السوري، لكون رجاله في قسم منهم رجال المنظمات الجهادية، الأعضاء في هيئة تحرير الشام التي يقف الجولاني على رأسها.
توجد إمكانية للحوار
نية تركيا لادخال منظومات دفاع جوي ورادارات مركزية في سوريا تهدد مباشرة حرية العمل الجوي لاسرائيل في المجال الجوي لسوريا. حرية العمل هذه حيوية ليس فقط لمنع تهديدات مباشرة من سوريا على إسرائيل بل وأيضا كامكانية لمسارات طيران لاهداف قريبة وبعيدة في الشرق الأوسط كايران مثلا.
ان تموضع عسكري تركي في جنوب وشرق سوريا، بما في ذلك في الجولان السوري من شأنه أيضا ان يخلق وضعا ينزل فيه الجهاديون الذين اصبحوا “قوات الامن” للجولاني تحت رعاية القوات التركية الى الجنوب، وسرعان ما سينشأ وضع كالذي كان في غلاف غزة قبل 7 أكتوبر وفي الحدود اللبنانية حيث يكون جيش إرهاب معاد لإسرائيل يوجد على مسافة هجوم بري على بلدات هضبة الجولان وشمال إسرائيل.
حتى سقوط نظام الأسد كانت في منطقة الحدود مع إسرائيل قوات رقابة روسية منع الجيش السوري ومسلحين محليين من الصدام مع إسرائيل. لكن اذا ما تموضع في المنطقة شخص تركي يستخدم المُسيرات والحوامات واساسا بطاريات الدفاع الجوي من مطارات تي 4، حمص وحماة، فستضطر إسرائيل لان تزن جيدا كل عمل تقوم به للدفاع عن مواطنيها وسيادتها في منطقة هضبة الجولان وتزن اذا كان مثل هذا العمل سيؤدي الى صدام عسكري مع تركيا.
وعليه، فعندما اعتزمت قافلة قوات امني تركية الدخول الى مطار تي 4 ومنطقة حمص، على مسافة اكثر من 100 كيلو متر عن الحدود مع إسرائيل، خرج سلاح الجو لسلسلة اعمال قصف خربت تماما المطار ومحتواه، بشكل يمنع إمكانية التموضع والعمل من داخله على مدى زمن طويل.
يمكن للاتراك بالتأكيد أن يعيدوا بناء هذه المطارات، لكن إخراجها عن الاستخدام من قبل سلاح الجو الإسرائيلي استهدف أساسا نقل رسالة للاتراك بان إسرائيل لن تسمح بهذا.
ان القلق الحقيقي وبعيد المدى لإسرائيل بالنسبة لتركيا هو نشوء محور إسلامي – سُني بروح الاخوان المسلمين، تقوده تركيا ويمر في سوريا، لدى الاخوان المسلمين في الأردن، عبر مؤيدي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة وينتهي في غزة. في إسرائيل يخشون جدا من أن يحتل محور الاخوان المسلمين هذا محل محور الشر الشيعي بقيادة ايران.
لكن بخلاف ايران، التي لا توجد لإسرائيل معها أي نقطة اتصال دبلوماسية وإمكانية للحوار، تركيا هي عضو في الناتو وحليف قريب من الولايات المتحدة ولها علاقات قريبة أيضا مع روسيا. منظومات الامن والاقتصاد لإسرائيل وتركيا توجد على اتصال دائم. رغم أن تركيا اليوم تعطي رعاية شبه علنية لاعمال حماس في الضفة من أراضيها، لإسرائيل توجد قدرة على الحوار مع الاتراك ونقل الرسائل لهم بشكل مباشر بل والتأثير عليهم. لا شك ان مخاوف إسرائيل من محاولات تركيا للسيطرة على سوريا – الى جانب مواضيع مشتعلة أخرى كالمخطوفين وايران – ستكون موضوعا مركزيا في اللقاء هذا الأسبوع بين ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض.
عمليا ما تقترحه إسرائيل على تركيا هو تقسيم سوريا الى مناطق نفوذ برعاية الولايات المتحدة في الشرق، روسيا في قاطع الشاطيء الغربي؛ تركيا في الشمال، إسرائيل في الجنوب وفي الشرق، والنظام المؤقت في سوريا في كل ما تبقى. هذا على الأقل الى أن تقوم حكومة مستقرة منتخبة في سوريا. أي بعد سنوات غير قليلة.










