- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
سنان السعدي يكتب: الحل ليس في الجسور أيها الجسور
سنان السعدي يكتب: الحل ليس في الجسور أيها الجسور
- 30 مايو 2024, 9:05:43 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قد يظن البعض ان مشكلة حل الاختناقات والازدحامات التي حولت حاضرة العالم بغداد الى مدينة لا تطاق هو بأنشاء مجموعة من الجسور في جانبي الكرخ والرصافة ، ونحن هنا لا نبخس الجهود المبذولة من قبل السيد رئيس الوزراء محمد السوداني والوزارات ذات العلاقة ، فهو بكل الاحوال افضل من سابقية على الرغم من بعض الملاحظات المؤشرة والتي هي اقوى منه ومن الذي سوف يأتي بعده ؟ .
منهجيا من يحاول حال اية مشكلة يجب عليه الوقوف على اسبابها والعودة الى جذورها .هناك اسباب عده تقف خلف الازدحامات التي تشهدها بغداد اهمها الكثافة السكانية اذ تجاوز عدد سكان بغداد التسعة ملايين نسمة ، واغلب هذه الزيادة جاءت بسبب الهجرة العكسية من محافظات الفرات الاوسط والجنوب الى بغداد بحثا عن الحياة الكريمة ؛ بسبب انعدام مقومات الحياة فيها نتيجة فساد الحكومات المحلية في تلك المحافظات. فاستقرت تلك الموجات البشرية في مناطق العشوائيات والاحياء الفقيرة التي اصبحت تمثل ثقلا كبيرا على كاهل العاصمة ذات البنى التحتية المتهالكة .
ان حل هذه المشكلة التي هي احد اسباب الازدحامات في بغداد هو بالعمل على اعادة هذه الاعداد الكبيرة الى محافظاتهم التي نزحوا منها من خلال توفير مقومات الحياة الكريمة فيها والقضاء على الاسباب التي دفعتهم الى هجرة مناطقهم الاصلية . فضلا عن ايجاد فرص عمل جديدة في هذه المحافظات من خلال دعم القطاع الخاص وتنشيط القطاع الزراعي .
من الاسباب الاخرى للازدحامات ، هو عدم وجود تخطيط صحيح فيما يتعلق ببناء المراكز التجارية الكبيرة فاغلب المولات والمراكز التجارية يتم بنائها في مناطق تجارية قديمة التي تشهد ازدحامات كبيرة مثل مناطق المنصور والحارثية والكاظمية في جانب الكرخ او الكرادة وشارع فلسطين والقاهرة والاعظمية ومدينة الشعب في جانب الرصافة وغيرها من مناطق بغداد ، علما ان اغلب هذه المراكز التجارية ما هي الا عمليات منظمة ومشرعنة لغسيل الاموال العائدة لبعض الشخصيات السياسية او شركائهم والمقربين اليهم الذين يرون انفسهم فوق القانون . لذا يتوجب على الحكومة ان تتخذ اجراءات حازمة لإيقاف بناء مثل هذه المولات والمراكز التجارية في المناطق التجارية القديمة في العاصمة بغداد من خلال تشكيل غرفة عمليات تضم كل من (هيئة الاستثمار ومحافظة بغداد وامانة بغداد ) ، من اجل عدم منح اجازات جديدة لهكذا مشروعات وحصر انشائها في محيط بغداد ، اولا للتخلص من الازحامات ثانيا لإيجاد مناطق حيوية جديدة في العاصمة .
ومن الاسباب الاخرى للازدحامات هي المجمعات السكنية الضخمة ، فهي لا تختلف عن المراكز التجارية والمولات من حيث اختيار مواقع انشائها ومصادر تمويلها ، اذ يقوم اصحاب هذه المجمعات واغلبهم من النافذين والراسخون في الفساد باختيار المناطق الاستراتيجية في العاصمة بغداد من اجل تشييد مجمعاتهم التي اصبحت حكرا على الاغنياء وبائعات الهوى ، علما ان عدد ليس بقليل من هذه المجمعات ما هي الا عبارة عن عمليات منظمة لغسيل الاموال وتبيضها لجعلها بلون اكفانهم بعد ان اصبحت هناك متابعة دقيقة للأموال المهربة الى الخارج سواء كانت تلك المتابعة من قبل الحكومة العراقية او من قبل الجانب الامريكي ، لذلك طبق اغلب اللصوص المثال القائل ( مركتنه على زياكنه ) .
ومن الاسباب الاخرى للازدحامات في بغداد ان امكان اغلب الوزرات والهيئات الحكومية اصبحت غير مناسبة حاليا ، فاغلب هذه الوزرات كانت قد شيدت في بداية ثمانينيات القرن الماضي عندما كان نفوس العراق لا يتجاوز الاربعة عشر مليون نسمة واليوم نفوس العراق قد يتجاوز الاربعين مليون نسمة حسبما تقول (العرافة ) ؟ وبغداد لوحدها قد تجاوز عدد سكانها التسعة ملايين نسمة ، اذن على الحكومة ان تعيد النظر في اماكن هذه الوزرات والهيئات من جديد .
ومن الاسباب الاخرى للازدحامات ، هي ازمة السكن فبعد ارتفاع اسعار العقارات بعد عام 2003 ، لاسيما في السنوات الاخيرة بعد ظهور الظاهرة ( الزهيريه ) لجأ اغلب العراقيون ، ولاسيما في بغداد الى تقسيم المنازل ذات المساحات الكبيرة الى مساحات صغيرة وبيعها ، مما انعكس سلبا على العاصمة بغداد سواء من ناحية الكثافة البشرية او من ناحية تشويه وجه بغداد الجميل ، فضلا عن تأثيره على البنى التحتية والخدمات . ولحل هذه المشكلة يجب على الحكومة ان تعمل على استحداث مدن جديدة في اطراف بغداد التي تضم مساحات شاسعة يمكن استغلالها ، فضلا عن توزيع جزء منها الى موظفي الدولة الذين افنوا حياتهم في خدمة بلدهم ، كذلك يمكن للحكومة الاستفادة من تجربة اقليم كردستان في استحداث المدن الجديدة في اطراف محافظتي اربيل والسليمانية هذه التجربة التي اثبتت نجاحها من خلال انخفاض اسعار الوحدات السكنية ، وتقليل الازدحامات داخل مدن الاقليم